مزارع حمضيات على أعتاب العطش بالغور الشمالي
الغور الشمالي- على أعتاب فصل الصيف، تقترب مزارع الحمضيات في الأغوار من نقطة الحسم، التي سيكون لها التأثير الأكبر في كمية وجودة الإنتاج عند القطاف، فيما تتسارع دقات قلوب مزارعين على وقع ارتفاع تدريجي لدرجات حرارة لا تتوانى بضرب اي محاصيل لا تروى بكميات مياه تناسب شدة العطش.
حساسية هذا الوضع، تثير مخاوف مزارعي الحمضيات بعد أن لمسوا نقصا بكميات مياه الري المزودة لمزارعهم، ما يعني ان تحقيق شعار “الري الأمثل”، قد يبدو صعب المنال، وبالتالي توقع موسم حمضيات ذات جودة متدنية.
يقول مزارعون في حديثهم لـ”لغد”، إن نقص مياه الري يهدد مختلف المزروعات في مناطق الأغوار، مشيرين إلى حاجة عدد من أصناف المزروعات إلى الري الأمثل، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والتى بلغت ذروتها خلال الأسبوع الحالي ووصلت الى 44 درجة مئوية، وهو مؤشر على دخول المزروعات مرحلة الصيف الحرجة التي تتطلب كميات ري مناسبة لضمان جودة المنتج.
رئيس ائتلاف جمعيات مستخدمي مياه الري في المشارع ووادي الريان، أشرف عدنان الغزاوي، قال إن سلطة وادي الأردن وعدت بزيادة حصص مياه الري في بداية حزيران (يونيو)، مؤكدا ان هناك العديد من العوائق التي تمنع وصول المياه ومنها تعطل المضخات والتعدي على وسائل الري ووجود طمم، لافتا إلى أن شهر حزيران (يونيو) يتطلب وفق الاتفاق إسالة 21 ساعة ري أسبوعيا لكل وحدة زراعية، تزيد تدريجيا في شهري تموز (يوليو) وآب (اغسطس)، إلا أن الوحدات الزراعية لا يصلها حتى الآن سوى 18 ساعة ري أو أقل.
وشدد الغزاوي على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المائية الفعلية للمزارعين، خاصة المالكين لمزارع الحمضيات، التي تدخل في الشهرين المقبلين في طور المرحلة الحساسة التي تتطلب كفاءة، وحسن استغلال المياه للمحافظة على جودة وإنتاجية الثمار.
وقال المزارع محمد الطلاع، ويمتلك مزرعة حمضيات في منطقة الغور الشمالي، إن نقص مياه الري بات يشكل تحديا حقيقيا أمام مزارعي الأغوار، مشيرا الى ان قلة المياه ستعمل على رداءة المنتج وخصوصا الحمضيات، اذ تشكل زراعة الحمضيات العمود الفقري للمزارعين في الأغوار الشمالية، ويعتمد مزارعو الحمضيات على موسم جيد لضمان استمرارية العمل الزراعي وتسديد متطلبات الحياة، مؤكدا ان موسم الحمضيات لا يعود بالنفع على صاحب المزرعة فقط، بل على جميع أهالي اللواء اذ يسهم في الحد من انتشار البطالة، بين صفوف الشباب والفتيات اللواتي يعتمدن على العمل في ذلك المجال من ناحية القطاف، والترتيب والتحميل، ناهيك عن استغلال القشور في صناعات أخرى، وتصنيع المربيات والعصائر ومحاولة بيعها في اسواق المحافظات او تصديرها للخارج.
ويطالب الطلاع من الجهات المعنية ضرورة مراعاة خصوصية منطقة لواء الغور الشمالي، التي تعتبر المنطقة الاكثر انتاجاً لأصناف الحمضيات وذات الميزة النسبية، والتي تتطلب كميات مناسبة من المياه تفي احتياجات الأشجار.
خالد الرياحنة مزارع آخر يمتلك مزرعة حمضيات يقول معربا عن استيائه إن اعدادا من أشجار الحمضيات بات يظهر على أوراقها الاصفرار والذبول، الذي ينذر بتدني كمية وجودة المنتج، والتسبب بخسائر مالية للمزارعين، عدا عن تأثر محاصيل الزراعات الصيفية وأشجار الموز، داعياً إلى أهمية زيادة ساعات الري المخصصة في المرحلة المقبلة التي تشهد عادة موجات حر ودرجات حرارة مرتفعة، مؤكداً أن الأسبوع الحالي شهد ارتفاعا ملحوظا وواضحا في درجات الحرارة وهذا سيعمل على تدمير اشجار الحمضيات وغيرها من المزروعات اذ لم يتم تدارك هذا الوضع عن طريق زيادة كمية مياه الري.
من جانبه، قال رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي لا بد من وجود علاقة منظمة ومنتظمة بين المزارعين والسلطة، كما لا بد من وجود تشاركية في القرار الزراعي إذ إن قرار السلطة بتأخير إسالة المياه حتى بداية شهر حزيران (يونيو) سيلحق الضرر بالقطاع الزراعي، داعيا الى ضرورة اعتماد السلطة على الأجواء المناخية لإسالة المياه، لا أن تعتمد على موعد محدد.
وأكد الزيناتي ان استمرارية العمل على هذا النهج من قبل موظفي السلطة سيدمر صغار المزراعين، إذ إن هناك مزاجية في إسالة المياه والتلاعب بها على حساب الآخرين، ولا بد من تشديد الرقابة عليهم ومن قبل السلطة أو جهة رقابية اخرى للحد من الخسائر وإنقاذ صغار المزارعين اذ يعتبر موسم الحمضيات مصدر رزقهم السنوي.
وأشار الزيناتي إلى أن أشجار الحمضيات في مرحلة عقد الثمر، وذلك يحتاج الى كمية مياه كبيرة جدا، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والتى بلغت ذروتها حوالي 44 درجة مئوية هذا الاسبوع.
في ذات السياق، دعا مدير زراعة الأغوار الشمالية، الدكتور موفق أبو صهيون، المزارعين، إلى ضرورة تنظيم عمليات ري أشجار الحمضيات، طوال الشهرين المقبلين، وممارسة الري المتباعد وفق احتياجات الأشجار الفعلية، مع مراعاة عدم تعطيشها لمنع تساقط الثمار، مشيرا إلى أن زيادة كميات الري عن الحاجة الفعلية يؤدي الى تشقق الثمار وتساقطها.
وأشار أبو صهيون إلى أن الظروف المائية تتطلب اتباع وسائل الري الحديثة بالتنقيط، التي تسهم في توفير مياه الري، ومنح الزراعات احتياجاتها الفعلية، علاوة على وجوب حفر برك لمياه الري داخل المزارع التي تفتقر لها، واستخدامها عند الحاجة، مؤكدا أن كوادر الإرشاد في المديرية على استعداد دائم لتقديم المشورة العلمية والفنية للمزارعين في مختلف المجالات.
وأشارت أمين عام سلطة وادي الأردن منار محاسنة الى أن السلطة كانت على تواصل مع مزارعي وادي الأردن في الأشهر الماضية، ووضعتهم بصورة الوضع المائي للحد من آثار نقص المياه على حجم المساحات المزروعة، مؤكدة في الوقت ذاته الحرص على توفير المياه الكافية لمختلف الزراعات في مناطق وادي الأردن، واتخاذ إجراءات التقنين لضمان إدامة التزويد المائي في فصل الصيف، بالتزامن مع حملات متواصلة للسلطة لضبط الاعتداءات على مصادر المياه.
ولفتت المحاسنة إلى أنه سيتم دراسة احتياجات مزارع الحمضيات على وجه الخصوص، من كميات المياه المتوفرة، بما يكفل التقليل من حجم تأثر تلك الزراعات بأي نقص للمياه بالتعاون مع المزارعين وجمعيات مستخدمي مياه الري، مشيرة إلى الحاجة لإعادة تأهيل شبكات الري، وهو ما يؤمل تنفيذه قريبا بالتعاون مع منظمات دولية.
وتبلغ المساحة الزراعية في لواء الأغوار الشمالية نحو 118 ألف دونم، تسيطر على غالبيتها زراعة الحمضيات بمساحة 66 ألف دونم، فيما تحتل زراعة الخضراوات مساحة 34 ألف دونم، و12 ألف دونم للقمح والشعير، إضافة إلى 3 آلاف دونم من الموز ومثلها لأشجار النخيل.
علا عبد اللطيف/ الغد
التعليقات مغلقة.