«الفكر العربي» لقاء مشترك مع النادي الثقافي العُماني حول الواقع الثقافي في سلطنة عُمان
عقد منتدى الفكر العربي بالتعاون مع النادي الثقافي العُماني، بحضور سفير سلطنة عُمان لدى المملكة الأردنية الهاشمية السفير هلال بن مرهون المعمري، لقاءً حوارياً وجاهياً الأسبوع الماضي عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه رئيس مجلس إدارة النادي د. محمود بن مبارك السليمي حول «الواقع الثقافي في سلطنة عُمان»، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور، نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي الأستاذ عبد الرزاق الربيعي، وأستاذ اللغة العربية وآدابها والأدب الأندلسي بجامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة ووزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرار، وعضو مجلس الدولة في سلطنة عُمان د.عائشة الدرمكي، والأديب والناشر جعفر العقيلي، وحضر اللقاء عدد من المفكرين والأدباء والمهتمين.
أوضح المُحاضِر د. السليمي أن الثقافة بمفهومها الواسع تُعد عنصراً مهماً من عناصر التطور والتقدم في البلدان والمجتمعات، وأنها مقياس حضاري تشير إلى مدى تقدم الأمة وتطورها ورفعتها، ومن هنا عمدت سلطنة عُمان، من خلال رؤى جلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – إلى دعم الحركة الثقافية والمثقفين في عُمان وذلك من خلال التقارب المذهبي ونبذ الطائفية، ومواكبة الاتجاهات الفكرية في العالم، والتواصل التاريخي مع الحضارات المحيطة، والحفاظ على الأصالة والتراث، وجعل بناء الإنسان الفاعل من الأولويات الأساسية في السلطنة.
وأشار د. السليمي إلى أن الأديب العُماني هو من يتصدر المشهد الثقافي في السلطنة، وأن الخطاب الفكري يتسم بموقف متعدد الاتجاهات مما يكسب عُمان واقعاً غنياً وتنوعاً معرفياً وثقافياً، لافتاً إلى أن الشخصية العُمانية بعمومها شخصية هادئة ومتسامحة وتعتز بذاتها ومحبة للاستقلال والسلام، وتحترم الآخر بقدر كبير دون أن تبتعد عن موروثها الثقافي والعادات والتقاليد العُمانية.
وقال د. السليمي: إن التواصل التاريخي لعُمان مع الحضارات المحيطة بها دون أي تعقيدات مذهبية، قام نتيجة اشتغال العُمانيين بالتجارة البحرية، واحتضانها لعدد كبير من الهجرات والحضارات المختلفة عبر السنوات الماضية، كما بَيّنّ أن سلطنة عُمان ومن خلال العولمة تسعى إلى الانفتاح على الآخر لنقل تراثها وثقافتها وتاريخها وحضارتها للدول كافة، وتوثيق الروابط الثقافية والفكرية مع التزامها بالقيم العُمانية والحفاظ عليها.
وبدوره أشار د.محمد أبو حمّور إلى أن الأردن وعُمان يشتركان في كثير من الصفات وفي مقدمتها تبني النهج الوسطي السلمي والمتوازن الداعم لقيم الإنسانية والشرعية الدولية، وأن كلا الشعبين يتسمان بتمسكهما بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة وحب الثقافة المحلية، مبيناً أن عُمان تتفرد بتراث حضاري وتاريخي عريق يزخر بثقافة متأصلة، وموروثات أصيلة تعكس مدى ارتباط الإنسان العُماني ببيئته ومجتمعه.
وأشار سفير سلطنة عُمان لدى المملكة الأردنية الهاشمية السفير هلال بن مرهون المعمري إلى أهمية تعزيز أواصر التعاون والتنسيق المشترك بين الجانبين العُماني والأردني من خلال العمل على تنفيذ العديد من المشاريع والأنشطة والبرامج العلمية والأكاديمية والثقافية، مبيناً أنه يجري التحضير لإقامة معرض للمخطوطات العُمانية في جامعة آل البيت خلال الفترة القادمة.
وتناول الأستاذ عبد الرزاق الربيعي إصدارات الكتب العُمانية، وحركة نشر الكتاب العُماني في معارض الكتب العربية والدولية، موضحاً بأن العمل الثقافي في عُمان أساسه الإلمام بالثقافة العُمانية ومرجعياتها التاريخية والاجتماعية والاقتصادية بمختلف مشاربها وتنوعها، وهذا ما جعل للأدباء والمبدعين العُمانيين ذلك الحضور الواسع في الثقافة العربية، وعزز لديهم الحوار الحضاري والمفتوح مع الآخر، مشيراً إلى عدد من المبدعين والأدباء العُمانيين، ومنهم: الشاعرة بدرية البدري، والروائية والشاعرة بشرى خلفان، والشاعر جمال الملا، والأديب يوسف البلوشي.
وتحدث د.صلاح جرار عن مساهمات الأردن في النهضة الثقافية والتعليمية في عُمان، ودور الأدباء والمؤلفين العُمانيين في الثقافة العربية قديماً وحديثاً، ومنهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 170هـ)، وأبا بكر بن دريد (ت321هـ)، وأوس بن زيد مناة العبدي، وأشار إلى دور المؤسسات الوطنية والجامعات والمنتديات الثقافية وعدد من المجلات والمجالس الفكرية والمحاضرات التي نهضت بالثقافة العُمانية وجعلت منها واقعاً مستداماً ذات رسالة سامية تسعى إلى الحفاظ على الهوية الوطنية، كما أشار إلى عدد من إسهاماته في تحقيق مخطوطات من التراث العربي والإسلامي في عُمان.
ومن جهتها بينت د.عائشة الدرمكي أن التنمية الثقافية تعتمد على العمل الاجتماعي الذي يشمل مجالات الحياة كافة، ووجود سياسات ثقافية داعمة للتنمية، مشيرةً إلى التجربة العُمانية التي اعتمدت على قطاع التعليم والحفاظ على التراث الحضاري والتفاعل بين المنظومة المجتمعية، لتحقيق تقدم يضمن الاستفادة من التنوع الثقافي وتنمية القدرات الإبداعية والابتكارية والإنتاج الفكري، وبينت د.الدرمكي عدداً من الأسس التي اتبعتها سلطنة عُمان لبناء التنمية الثقافية ومنها: بناء جمعيات مجتمع مدني، وإنشاء مؤسسات ترعى مواهب المبدعين والشباب.
وتناول جعفر العقيلي دور الإعلام العُماني في مواكبة الثقافة العالمية، والانتشار عبر الإعلام العربي، مع احتفاظه واعتزازه بالهوية الوطنية وتراثه، واشتباكه المباشر مع التاريخ العُماني، مبيناً بأن الأصوات النسائية الأدبية في عُمان حظيت بعناية فائقة منذ انطلاق النهضة مما كثف وجودها في المشهد الثقافي العُماني وفي الجوائز العربية والعالمية، موضحاً بأن أصوات الإبداع العُماني على تواصل دائم بين الأجيال مع وجود انفتاح أكاديمي على النشاط الثقافي، مما أوجد بيئة تحتية جيدة وناجزة للتنمية والإبداع الثقافي.
هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين في اللقاء والحضور حول القضايا التي طُرحت.
نضال برقان/ الغد
التعليقات مغلقة.