جريمة مكتملة الأركان
الدكتور رشيد عبّاس
–
بقلم /الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس
طرح الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس سؤال في غاية الخطورة جاء فيه: هل التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية جريمة مكتملة الأركان؟ الذي يحدث اليوم أمر مرعب وخطير بمعنى الكلمة.. هذه الأيام بدأت تتكشف لدى الرأي العام الاردني مسألة في غاية الخطورة, هذه المسألة خطيرة كونها تمس كل أسرة أردنية على امتداد الوطن.
وقال عبّاس: أن الجريمة بلغة القانون تتمثل بفعل يتنافى مع المعايير الجمعيّة والقانونيّة والدستورية, وتتمثل بالتعديّ على حقوق الآخرين وانتهاكها لهم, ويعاقب عليها القانون نظراً لتحريم القيام بهذا الفعل قانوناً وشرعاً, والسؤال هنا أين نضع مسألة (التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية)؟ هل نضعها ضمن الجرائم الاقتصاديّة؟ أم نضعها ضمن جرائم الانتقام؟ ومهما كان تصنيفنا لها إلا أنها تبقى في إطار جريمة مكتملة الاركان من خلال نصوص القانون ومواده, كيف لا والركن القانوني فيها متوفر حيث أن المادة القانونية والتي تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة دون نصّ قانوني.
وأكد الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس أن الركن المادي واضح في التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية فكافّة الاعتداءات الماديّة والانتهاكات التي تكون بحقّ شيئاً ما محمّي قانوناً، ويعتبر الجانب هذا موضوعياً, ويعتمد هنا على ثلاثة عناصر أساسيّة هي الفعل وهو عبارة عن نشاط أو سلوك إجراميّ, والنتيجة وهي كل ما يترتب من مضارّ على الأفعال الإجراميّة, والعلاقة السببية وهي تلك الرابطة التي دفعت إلى القيام بهذا الفعل، وما يترتب عليه من نتائج.
ونوّه إلى أن الركن المعنوي في التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية لا يمكن تغييبه هنا فالجانب الذاتي الخاصّ بالجريمة مُباشرة، وهو بمثابة التعبير العميق للصلة ما بين النشاط الذهني الذي يُمارسه الفاعل والنشاط المادي الذي أتى به، ويتوفّر الركن المعنوي فور صدور الفعل الإجراميّ عن إرادة الفرد, ويؤدي هذا الرُكن دوراً هاماً بالتعبير عن دراسة طبيعة العلاقة القائمة بين إرادة الفاعل من جهة وما ارتكبه الفاعل من فعل من جهة أخرى، وما ترتبّ على ذلك من نتائج.
واردف قائلاً: إن أسباب جريمة التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية عند الذين يقوموا بهذا الفعل يمكن ملاحظتها كتحقيق مصالح خاصة من الآخرين, والرغبة بالسيطرة والتحكّم بهم, ثم بدافع من الدوافع المادية أو المعنوية, ناهيك عن التهرّب من الفعل والتخلّص منه بطريقة الإنكار وقلب الأوراق.
وتساءل الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس مرة أخرى, إذا كانت التعيينات تتم خارج ديوان الخدمة المدنية.. فما هي مبررات وجود ديوان الخدمة المدنية؟ فالأولى أن نسميه ديوان التخدير المدني في مثل هذه الحالة
وختم قائلاً: أنا افهم أن التعيينات التي تتم خارج ديوان الخدمة المدنية, لا تحمل صفة قانونية ويمكن ببساطة الطعن فيه, ثم أن مثل هذه التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية يتم من خلالها الاعتداء على حقوق الآخرين وأخذ فرصهم في أحقيّة التعيين, وتوليد الكراهية والبغضاء بين افراد المجتمع, وأكثر من كل ذلك فإن التعيينات التي تتم خارج ديوان الخدمة المدنية فيه مسائلة قانونية لكل من المعيَّن والمعيِّن.