تهديد متبادل بين كييف وموسكو قد يعيد جزيرة القرم إلى الحرب
يبدو أن شبه جزيرة القرم في طريقها وفق مراقبين وخبراء عسكريين للتحول إلى ميدان مواجهة مجددا بين الجانبين الروسي والأوكراني، بعد مضي سنوات عديدة على ضمها لروسيا .
وتبادل مسؤولون كبار من الطرفين التهديدات على خلفية تحريك ورقة القرم، حيث لوحت أوكرانيا بأن شبه جزيرة القرم، يمكن أن تكون هدفا لصواريخ “هيمارس” أميركية الصنع.
تلك التصريحات استدعت ردا صارما من نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف، الذي أعلن أن رفض أوكرانيا والقوى الغربية الاعتراف بسلطة موسكو على شبه جزيرة القرم يمثل تهديدا مباشرا لروسيا وإن أي هجوم خارجي على المنطقة سيتبعه رد مزلزل.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن ميدفيديف قوله إنه في حالة وقوع هجوم على شبه جزيرة القرم، “سيأتي يوم الحساب سريعا وسيكون صعبا للغاية، ومن الصعب جدا إخفاؤه”.
ويحذر مراقبون من أن إشعال جبهة القرم ولو من باب جس النبض قد يقود نحو تسعير الحرب بشكل أكثر ضراوة، خاصة وأن ملف القرم بات خارج النقاش بالنسبة للروس.
وتعليقا على هذه التطورات ومدى إمكانية توسع الحرب نحو شبه جزيرة القرم، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات حسن المومني، في حوار مع “سكاي نيوز عربية”: “قضية شبه جزيرة القرم موضوع خلافي مزمن بين الروس والأوكرانيين، ومن المحتمل جدا أن ينفذ الأوكرانيون تهديدهم بستهدافها، لايصال رسالة مفادها أن القرم أرض أوكرانية محتلة منذ العام 2014.
وأضاف: “في المقابل تعتبر روسيا شبه جزيرة القرم من أراضيها وأن أي ضرب لها هو تصعيد خطير واستهداف مباشر لسلامة الأراضي الروسية، سيقود لتغيير قواعد الاشتباك”.
بدوره، يقول الباحث والخبير في الشؤون الروسية مسلم شعيتو، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”:”مع تسليح أوكرانيا غربيا بصواريخ وأسلحة مدفعية بعيدة المدى، تستهدف كييف بكثافة خيرسون ودونباس وغيرها من مناطق سيطرة الجيش الروسي، والآن هي تلوح باستهداف شبه جزيرة القرم اعتقادا منها أن هذا سيدفع موسكو للتراجع وللتفاوض معها وفق الشروط الأوكرانية”.
وأضاف: “لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن كان واضحا حين أعلن قبل أيام أنهم لم يبدأوا المعركة بعد، وهنا فإن أي استهداف مباشر للقرم سيترتب عليه رد روسي عنيف سيطال خاصة مراكز القرار في القيادة العسكرية والسياسية في أوكرانيا”.
روسيا تتحدى الغرب في ملف أوكرانيا: سنضع شروط السلام
قال الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، أمس، إن بلاده ستنتصر في أوكرانيا وستحدد شروط اتفاق سلام مستقبلي مع كييف.
وأضاف ميدفيديف، والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الآن، في منشور على منصة تيليغرام: “ستحقق روسيا جميع أهدافها. سيكون هناك سلام بشروطنا”.
وأصبح الرئيس السابق، الذي اعتبره الغرب يوما شريكا محتملا، ينتقد الغرب باستمرار منذ أن أن بدأت روسيا عمليات عسكرية في أوكرانيا المجاورة في 24 من فبراير الماضي.
في غضون ذلك، ذكرت المخابرات العسكرية البريطانية، يوم الثلاثاء، أن روسيا تجد صعوبة في الحفاظ على قوة قتالية هجومية فعالة منذ بدء عملياتها في أوكرانيا، ومن المرجح أن تتفاقم المشكلة بشكل متزايد، وفقما نقلت “رويترز”.
وقالت وزارة الدفاع في إيجاز للمخابرات “بالإضافة إلى مواجهة نقص حاد في الأفراد، يواجه المخططون الروس معضلة بين نشر قوات الاحتياط في دونباس أو الدفاع في ظل الهجمات المضادة الأوكرانية في قطاع خيرسون الجنوبي الغربي”.
وأضافت الوزارة أنه بينما قد تستمر روسيا في تحقيق المزيد من المكاسب، فمن المرجح أن يكون إيقاع عملياتها ومعدل تقدمها بطيئين للغاية.
بوتين يحذر
ونبه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الاثنين، إلى أن عزل بلاده عن باقي العالم أمر مستحيل، قائلا إنه على موسكو أن تركز على تطوير التكنولوجيا الخاصة بها ودعم الشركات سريعة النمو.
وذكر بوتين خلال حديث مع شخصيات حكومية في مؤتمر عبر الفيديو بأن الدول التي فرضت عقوبات على روسيا “لن ترجع موسكو عن طريق التنمية”.
وتابع الرئيس الروسي قائلا: “تمثل العقوبات تحديا كبيرا لبلدنا، لكننا لن نستسلم ولن نرجع إلى الوراء كما يتمنى كثيرون”.
وشدد بوتين على ضرورة الاعتماد على تطوير الصناعات الروسية المحلية وفق الموارد المتاحة في البلاد.
وتعرضت روسيا لعقوبات اقتصادية بالجملة منذ إطلاقها عملية عسكرية في أوكرانيا، وسط تنديد غربي واسع.
وتأثر الروبل بشكل ملحوظ في بداية الحرب، لكن العملة الروسية سرعان ما استعادت عافيتها وارتفعت إلى مستوى يفوق ما كانت عليه قبل فبراير 2022.
وأوقفت شركات غربية نشاطها في موسكو، كما حرصت دول أوروبية على خفض اعتمادها على النفط الروسي، لكن الدول الغربية تكبدت بدورها خسائر من جراء القرارات.
وبدورها، ردت روسيا بفرض عقوبات على دول قالت إنها تتخذ “سلوكا غير ودي” تجاهها، بينما أدت العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط على المستوى العالمي.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.