مخطط لتوسعة “باب المغاربة” وبناء جسر خرساني لتهويد “الأقصى”
لم تستكن مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتهويد المسجد الأقصى المبارك؛ وذلك عبر مخطط جديد لتوسعة “باب المغاربة” وبناء جسر خرساني عريض يسمح بحمل الآليات العسكرية وتأمين اقتحام المستوطنين للأقصى بأعداد كبيرة، رضوخاً لمطالب الجماعات اليهودية المتطرفة بهدف إحكام السيطرة على المسجد.
وعلى وقع دخول الجزائر مجدداً على خط المصالحة الفلسطينية بترتيب حوار جامع للفصائل قبيل انعقاد القمة العربية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؛ فإن ما تسمى “جماعات الهيكل”، المزعوم، تضغط على حكومة الاحتلال باتجاه تنفيذ مخطط خطير بتوسيع “باب المغاربة”، المُصادرة مفاتيحه من قبل الاحتلال منذ عام 1967، وذلك لتأمين اقتحامات جماعية واسعة للمستوطنين للمسجد الأقصى.
وتدفع الجماعات المتطرفة تجاه إزالة ما تبقى من التلة الترابية الإسلامية التاريخية “تلة باب المغاربة” وإزالة الجسر الخشبي الموصل إلى “باب المغاربة” من وسط ساحة البراق والقائم على أنقاض التلة الترابية، وبناء جسر ثابت كبير لتأمين اقتحامات المتطرفين للمسجد بأعداد كبيرة.
ويتزامن ذلك مع دعوات الجماعات اليهودية المتطرفة الكثيفة للحشد لتنفيذ اقتحام استثنائي غير مسبوق، وفق مزاعمها، للمسجد الأقصى لإحياء ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل”، المزعوم، في التاسع من الشهر الحالي.
وحذرت الهيئات والمرجعيات الإسلامية في القدس المحتلة، من خطورة تصاعد هذه الدعوات التحريضية والمخططات التهويدية الاستفزازية ضد المسجد الأقصى المبارك، والتي أصبحت تتبع باقتحامات واسعة وتصرفات استفزازية من قبل المستوطنين المتطرفين وسط دعم واسناد من الجهات الحكومية الإسرائيلية الرسمية.
وأضافت، في تصريح لها أمس، أن الجماعات المتطرفة تسعى لنقل صلاحيات تنظيم الاقتحامات لمجموعة المستوطنين المتطرفين أنفسهم دون الحاجة للرجوع لشرطة الاحتلال، وإطلاق العنان لاقتحاماتهم لفترات طويلة متواصلة بدون قيود، مع فرض اغلاق تام أمام دخول المصلين الى المسجد خلال فترة الاقتحامات.
وأكدت رفضها للمخططات والاقتحامات غير الشرعية للمسجد الأقصى، التي تأتي وسط إجراءات مشددة لعرقلة ومنع الفلسطينيين من الوصول الى مسجدهم والصلاة فيه.
وأكدت “ثباتها وجموع المسلمين من خلفها في حفظ وحماية المسجد الأقصى، في إطار وصاية جلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية والرعاية على المسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ومواقفه الصلبة والثابتة بالدفاع عنه”.
في الأثناء؛ أفادت دائرة ألأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بأن عشرات المستوطنين المتطرفين اقتحموا المسجد الأقصى، أمس، على شكل مجموعات متتالية، من جهة “باب المغاربة”، تحت حماية أمنية مشددة من قبل قوات الاحتلال.
وقالت “الأوقاف الإسلامية” إن المستوطنين المتطرفين أدوا طقوسا تلمودية مزعومة ونفذوا جولات استفزازية في باحاته وساحاته، واستمعوا لشروحات مزيفة حول “الهيكل”، المزعوم.
في حين واصلت قوات الاحتلال العدوان ضد الشعب الفلسطيني، عبر شن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، طالت عدداً من الفلسطينيين، لاسيما بالقدس المحتلة وبيت لحم وجنين وطولكرم والخليل، مما أسفر عن اندلاع مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، موسى دودين، أن “حملة الاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال في الضفة الغربية، أمس، والتي استهدفت بخاصة نشطاء الحركة وقياداتها وكوادرها، تسعى لإخماد جذوة الحراك الشعبي المتواصل ضد جرائم الاحتلال”.
واضاف أن “تهديد الاحتلال بإعادة اعتقال عدد من المفرج عنهم حال انخراطهم بالعمل مع حركة “حماس”، يعبر عن حالة الإفلاس والعجز التي تنتاب الاحتلال في مواجهة بطولة الشعب الفلسطيني وتصديه لإرهابه المتصاعد ضد الأرض والمقدسات”.
وأكد أن “الشعب الفلسطيني سيواصل طريق الصمود والنضال والانتفاضة في وجه الاحتلال، وتدفيعه أثمان جرائمه، حتى انتزاع الحقوق الفلسطينية المشروعة كاملة، وتحقيق التحرير والعودة”.
بدوره، أكد مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس، أحمد الرويضي، أن المعركة التي يخوضها أبناء الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة تهدف للمحافظة على الإرث الفلسطيني والتاريخ والمقدسات الإسلامية والمسيحية، والحفاظ على الهوية من الاستعمار الإسرائيلي الذي يحاول جاهداً محو الهوية السياسية والثقافية في القدس.
وقال الرويضي، في تصريح له أمس، إن الاحتلال يسعى لفرض سيادته على القدس بوصفها جزءاً من كيانه المُحتل، بعيداً عن هويتها العربية الأصيلة، إذ يقطنها أكثر من 390 ألف فلسطيني يشكلون 42 % من سكان القدس بشقيها الشرقي والغربي، باعتبارهم أصحاب الأرض والتاريخ.
ونوه إلى أن الاحتلال يركز معركته في القدس المحتلة باستهداف المقدسات، والتعليم عبر محاولة فرض المنهاج الإسرائيلي والتهديد بإغلاق عدد من مدارسها، فضلاً عن إغلاق مديرية التربية والتعليم وتمديد القرار كل 6 أشهر، بهدف محو الهوية العربية الفلسطينية وفرض الرواية الصهيونية المُزيفة.
وقال إن معركة المحافظة على التعليم الفلسطيني مستمرة رغم الحاجة الماسة إلى موارد مالية أوسع لحماية القطاع الحيوي الذي يعكس الهوية الفلسطينية في مواجهة المخطط الإسرائيلي لتجهيل أبناء القدس أو فرض منهاج إسرائيلي يلغي هويتهم الثقافية العربية.
وأكد أن سلطات الاحتلال، بموجب القانون الدولي الخاص باتفاقيات جنيف لعام 1949 واتفاقية لاهاي لعام 1907 وغيرها من المواثيق والقرارات الأممية، لا تملك أن تفرض على الشعب الفلسطيني منهاجها وقوانينها، لذلك يتحرك الجانب الفلسطيني على مختلف الأصعدة، محلياً ودولياً، للمحافظة على المدارس والمنهاج الفلسطيني.
وأشار الرويضي إلى أنه يوجد في القدس حوالي 197 مدرسة، فيما تقوم أربع جهات على تقديم الخدمات التعليمية، منها مدارس الأوقاف والسلطة الفلسطينية والمدارس الخاصة التي يتولى إدارتها القطاع الخاص، ومدارس وكالة الغوث الدولية “الأونروا” إضافة إلى المدارس التابعة لما يسمى بلدية الاحتلال.
وبين أن النسبة الأكبر من الطلبة الفلسطينيين هم في المدارس الخاصة التي يحاول الاحتلال جرها إلى مربع إدارته من خلال إلزامها بتعليمات مرتبطة بفرض المنهاج الإسرائيلي.
نادية سعد الدين / الغد
التعليقات مغلقة.