«على بال مين يلي ترقص بالعتمة»
نسيم العنيزات
يبدو ان الناس لم يعد يعنيهم شيء، كما انها لم تعد تنتظر اي حدث جديد او خبر سار .
فكل الأحداث مهما كانت، والاخبار مهما تنوعت بنفس الطعم والمذاق وذات الرائحة واللون الذي اعتادوا عليه ولم يروا غيره، بعد أن اعتاد عليه اللسان وتأقلمت معه اجسامهم .
فحياتهم اصبحت» روتينا» يوميا كدواء الضغط او السكري الذي يتناولونه كل صباح ومساء اجباريا وبحكم العادة أحياناً ، لا من أجل الشفاء، لان هذا الداء إذا تمكن واستفحل لا يغادر اجسامنا، انما للتخفيف.
هذا الوضع الذي فرض على الجميع ويعيشونه يوميا سبب حالة من الانفصام والتناقض المجتمعي بين الداخل والظاهر اي داخل النفس وما يصدر عنها من سلوكيات وتصرفات لا نستطيع تفسيرها وتحليلها ، هل هي طبيعية ام تعبر عن فرح وسرور ؟ ام تعكس حالة من الاحتقان والحزن والغضب لأن الدوافع والمبررات واحدة، تكرر نفسها كل يوم ان لم تكن في كل ساعة ولحظة.
والأمر الطبيعي والمنطقي للواقع الذي نعيشه لا يمكن ان يؤدي الا الى نتيجة واحدة، ولا تعكس الا سلوكيات متشابهة.
فان هذه الحالة من الاكتئاب تؤثر على طريقة التفكير والتصرفات وانعدام الرغبة في الحياة ، مما يعني عدم التفاعل مع المحيط ، لانه أصبح في عالما اخر لا يعنيه شيء بعد ان فقد معنى العيش والمتعة بالحياة.
طبعا هذه الحالة لم تأت من فراغ انما نتيجة تراكم من الخيبات والأزمات التي فرضت على حياته من كل حدب وصوب فأنهكت القلب ، وشلت العقل عن التفكير او القدرة على استيعاب ما يدور حوله او التصدي له، بسبب تحوله الى متلق للصدمات الموجهة له من الغير دون اي ذنب منه ، الا انه ولد وعاش دون قرار منه او خيار له.
والسؤال الذي يطرح نفسه الان، ماذا بعد مرحلة الإكتئاب ، هل هناك حالة اخرى ، ام ستزداد وتتعمق؟ وندخل في مرحلة اشد تعقيدا نحو الانعزال الكلي وعدم الاختلاط بالغير ،لتفرض حالة من الانفصال الكلي وكأنه» يقول على بال مين يلي ترقص بالعتمة «.