الأردن يستقر على 1177 قانونًا ساريًا تحكم عمل البلاد خلال 100 عام
حَكَمَ الدستور والتَّشريعات عمل الدولة الأردنية منذ نشأتها عام 1921، ومرَّت بمراحل فاصلة بدأت من القانون الأساسي عام 1928 مرورًا بدستور عام 1947 و1952، وانتهاء بالتَّعديلات الدستورية عام 2011.
وتتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، القوانين التي تحكم عمل الدَّولة منذ مئة عام، وعمليات التحديث والتعديل التي جرت عليها، والمراحل المفصلية التي مرَّت بها تشريعيًا، ورصدت أكثر من 3 آلاف تشريع، ما زال ساريًا منها حتى اليوم ما يقارب 1177 قانونًا، يُضاف لها 2258 نظامًا، و2424 على شكل تعليمات.
وبينت أرقام محرك البحث القانوني “قسطاس”، أنَّ عدد القوانين المؤقتة في المملكة الموجودة تبلغ ما يقارب 51 قانونا مؤقتا، أبرزها قانون الكهرباء العامة، وغرف التجارة المؤقت، ومراقبة العملة الاجنبية وما تبقى منها هي قوانين تتعلق بالمصادقة على اتفاقيات.
ورصدت (بترا)، مراحل التَّشريع المفصلية في الأردن عبر 100 عام، وتمثلت المرحلة الأولى من عام 1923-1946، وهي المرحلة التي اعقبت استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا، وجرى وضع القانون الاساسي (الدستور)؛ للإمارة عام 1928 وأعقب ذلك اصدار أول قانون انتخابي في العام ذاته الذي نصَّ على دمج السلطتين التنفيذية والتشريعية معا من خلال تشكيل مجلس تنفيذي يضم 6 أعضاء لإدارة شؤون البلاد، ومجلس تشريعي يتألف من 16 عضوا منتخبا ويترأس المجلس التشريعي رئيس الوزراء، وكانت مدته ثلاث سنوات مع جواز تمديده إلى خمس سنوات بموجب قانون خاص.
وتصف الخبيرة القانونية واستاذة القانون الدكتورة نهلا المومني هذه المرحلة بأنَّ صلاحيات المجلس التشريعي كانت محددة بإقرار مشروعات القوانين المقدمة من المجلس التنفيذي دون أن يكون للمجلس الحق في اقتراح القوانين، ولم يكن له صلاحيات على الاتفاقات الدولية ولم يملك صلاحيات فيما يتعلق بمنح حقوق الامتياز المتعلقة باستثمار الثروات الطبيعية، ولم يكن يملك حق استجواب الحكومة أو طرح الثقة بها، وفي هذه المرحلة كان نفاذ القوانين مشروطا بموافقة الأمير عبدالله الأول عليها ونشرها في الجريدة الرسمية.
وبينت أنَّ هذا يعني أن مبدأ الفصل بين السلطات كان غائبا في هذه المرحلة من عمر الدولة الأردنية، كما كانت الصلاحيات التشريعية الممنوحة للمجلس التشريعي الذي كان بطابع حكومي تنفيذي صلاحيات محدودة جدًا.
وفي عام 1947 جرى وضع دستور عام 1947؛ وأصبحت ملامح مبدأ الفصل بين السلطات أكثر وضوحًا، حيث جرى استبدال المجلس التشريعي بمجلس نيابي منتخب، ولأول مرة جرى الأخذ بنظام المجلسين، مجلس النواب والاعيان.
وتعلق المومني على هذه المرحلة بقولها إنَّ هذا الدستور وسَّع صلاحيات المجلس النيابي لتشمل اقرار مشروعات القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية والقوانين المقترحة، وبقي الحال في دستور عام 1947 كما هو في دستور عام 1928، بعدم منح مجلس الأمة حق طرح الثقة بالوزارة، ولم يجر منحه صلاحيات تتعلق بالمعاهدات والاتفاقات الدولية والمصادقة عليها بقانون ولم يمنح مجلس الأمة حق الرقابة على منح حقوق الامتياز بموجب قوانين صادرة عن مجلس النواب.
وتؤشر المرحلة الثالثة المفصلية والمحورية التي كانت عام 1952، إلى اصدار دستور جديد حل مكان دستور عام 1947، الذي شكل نقلة نوعية في الصلاحيات والوظائف التي منحت للبرلمان، من خلال إقرار مشروعات القوانين القادمة من الحكومة والموافقة عليها أو رفضها أو تعديلها، كما يملك اقتراح القوانين، بالإضافة إلى طرح الثقة بالحكومة واستجوابها وإقرار المجلس لمشروع قانون الموازنة العامة وموافقته على منح عقود الامتياز بموجب قوانين وكذلك أصبح له صلاحيات على الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
وقالت المومني إنَّ الحديث عن المراحل الدستورية التي كانت تمر بها التشريعات الأردنية منذ تأسيس المملكة حتى اليوم، يتطلب الانطلاق تاريخيًا من تطور الحياة البرلمانية في الأردن، بصفة البرلمان صاحب الولاية العامة والأصيلة في سن التشريعات.
وبينت أنَّ الأردن أخذ بنظام المجلسين، حيث يجري تعيين مجلس الأعيان بصورة كاملة ويجري منحه الاختصاصات التشريعية ذاتها الممنوحة لمجلس النواب المنتخب بصورة كاملة.
ولفتت إلى أنَّ السلطة التنفيذية في التجربة الأردنية تمارس اختصاصات تشريعية من خلال إصدار القوانين المؤقتة واقتراح مشروعات القوانين، بالإضافة إلى صلاحيات السلطة التنفيذية في ابرام معاهدات دولية دون الرجوع إلى مجلس الأمة.
وأكدت المومني أنَّ تقييد سلطة صلاحيات مجلس الأمة الأردني باقتراح القوانين بعشرة نواب ووجوب قبول الاقتراح من اللجنة المعنية بموضوعه في المجلس فأكثر ثم وفي حال قبوله وجوب احالته إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وإعادته لمجلس النواب يعد أحد الاشكاليات المتعلقة بصلاحيات السلطة التشريعية في الوقت الذي لم يجر وضع أية قيود على صلاحيات السلطة التنفيذية في اقتراح التشريعات.
ونبهت إلى وجود قيد آخر على مجلس الأمة يتمثل بأن تعديل مشروع أي قانون يقتصر على المواد المطروحة للتعديل ولا يملك مجلسا الاعيان والنواب في الأردن تعديل أية مادة ما لم تكن مطروحة للتعديل بموجب مشروع القانون الذي دفعت به الحكومة إلى مجلس الأمة.
وأشارت إلى أنَّه وفي مقاربة الحالة التشريعية الأردنية مع غيرها من الدول، نجد أن العديد من دول العالم التي بلغت مرحلة النضج التشريعي تقوم برلماناتها بدراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وجميع الجوانب المتعلقة بأي تشريع أو تعديل للتشريعات وتخصص مراكز دراسات تشريعية متخصصة في هذا الشأن تقدم دراسات وافية.
وأوضحت أنَّ عيوب الصياغة التشريعية من أبرز الاشكاليات التي تواجه الحالة التشريعية الأردنية خاصة ما يتعلق بعدم تعديل التشريعات كمصفوفات واحدة وما ينتج عن ذلك من تكرار تشريعي، وازدواجية اثقلت الهيكل القانوني للدولة الأردنية بتشريعات عدة.
وقالت إنَّ الدستور الأردني نصَّ في المادة 94/1 والتي جرى تعديلها في التعديلات الدستورية عام 2011 على أنه عندما يكون مجلس الأمة منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة في أحوال الكوارث العامة، والحرب والطوارئ والحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل، على أن تعرض هذه القوانين المؤقتة في أول اجتماع يعقده مجلس الأمة، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها، وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها، وإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها ولم يبت فيها، وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلانها فورا.
يشار إلى أنَّ المجلس العالي لتفسير الدستور أصدر قراره رقم 2 لعام 2012 بين خلاله أنه وبعد تدقيق المادة 94 /1 من الدستور الأردني واعمالا للقواعد الفقهية الدستورية وعدم رجعية النصوص الدستورية والأثر المباشر للقاعدة القانونية، قرر أنَّ القوانين المؤقتة التي احيلت على مجلس الأمة قبل نفاذ التعديلات الدستورية عام 2011 مستثناة من تطبيق احكام المادة 94/1 من الدستور بصيغتها المعدلة التي توجب على مجلس الأمة البت في القوانين المؤقتة، خلال دورتين متتاليتين من تاريخ إحالتها، وأن هذه الفقرة تنطبق على ما احيل من قوانين مؤقتة على مجلس الأمة بعد نفاذ التعديلات الدستورية عام 2011.
(بترا- بركات الزِّيود)
التعليقات مغلقة.