الأغوار الجنوبية: 1300 حالة إعاقة بلا مركز رعاية وتأهيل حكومي
يضع غياب مركز طبي متخصص لتشخيص حالات الإعاقة، وتواضع الجهات المعنية بخدمة هذه الفئة، 1300 شخص من أصحاب ذوي الإعاقة المختلفة في الأغوار الجنوبية ضمن الحد الأدنى للرعاية والتأهيل الضرورين إن لم يكن غيابها بشكل كامل عن بعض الحالات، في وقت تجد فيه جمعيات عاملة في هذا المجال نفسها غير قادرة على تقديم الخدمة المطلوبة لهذا العدد الكبير.
ولا يقتصر الأمر على مناطق الأغوار الجنوبية، إذ تفتقد محافظات الجنوب لأي مركز طبي حكومي متخصص بتشخيص درجة وحالات الإعاقة، في وقت تزداد الشكاوى من عدم حصول الكثير من المعاقين على خدمة التأهيل والعلاج بشكل يناسب كل حالة.
ويشير أولياء أمور لأشخاص من ذوي الإعاقة، أن هناك فئة قليلة تحصل على الرعاية الضرورية في مجال التأهيل من الجمعيات والمؤسسات التي تقدم الخدمات بشكل موسمي، في حين أن فئة كبيرة لا تحصل على تلك الخدمات رغم انها متواضعة ويجب توافرها.
وأكدوا على الحاجة الملحة من أجل توفير مركز يقدم الخدمات للآلاف من الأشخاص المعاقين في مناطق الأغوار، وخصوصا لاولائك الذين لا يملكون القدرة في الحصول على الخدمات بأسعار مرتفعة في بعض المراكز، ناهيك عن بعد المنطقة عن مراكز تقديم تلك الرعاية بالكرك وعمان.
ويؤكد رئيس جمعية التأهيل المجتمعي والناشط الاجتماعي فتحي الهويمل أن هناك معاناة حقيقية للسكان بالمنطقة وخصوصا من أصحاب ذوي الإعاقة المختلفة، بسبب ظروف المنطقة الصعبة واقتصار الرعاية والاهتمام والتأهيل للمعاقين على الجمعية الأهلية وما يتم تقديمه من المؤسسات الداعمة في بعض الاحيان.
وقدر الهويمل عدد الأشخاص المعاقين بالأغوار الجنوبية بحوالي 1300 شخص من مختلف الأعمار، من بينهم حوالي 200 شخص معاق تقوم جمعية التأهيل المجتمعي بتقديم الرعاية المختلفة لهم في حين أن هناك حوالي 300 آخرين ترعاهم جمعيات أخرى والبقية من دون رعاية حقيقية وتقتصر رعايتهم على خدمات لا تذكر.
وبين أن الجمعية تقدم الخدمات المختلفة للمعاقين بمختلف الحالات وتوفر لهم المعينات الحركية والسمعية وغيرها، مشيرا إلى أن أكثر الفئات التي لا تلقى الرعاية الكافية والضرورية والمناسبة هم من كبار السن والسيدات اللواتي لم تشخص حالتهن لأسباب مختلفة، بالإضافة إلى حالات كثيرة من الأطفال، مؤكدا أن هناك تعاونا مع مؤسسات دولية ومحلية لتقديم الرعاية والدراسات بخصوص حالات الإعاقة.
وأشار الهويمل إلى أن الجمعية الوطنية للتأهيل المجتمعي في لواء الأغوار الجنوبية، نظمت مؤخرا مبادرة لعلاج النطق عند الأطفال ذوي الإعاقة والذين يعانون من مشاكل في النطق في مختلف أنحاء اللواء بإشراف معالج للنطق واللغة، لافتا إلى أن هذه المبادرة تأتي انطلاقا من الدور الذي تقوم به الجمعية في مواصلة تقديم أفضل الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أنه سيتم تقييم وتشخيص الحالات وعمل جلسات نطق وتدريب لفريق الجمعية من حملة التربية الخاصة، بالتنسيق مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولفت إلى معاناة النساء من ذوات الإعاقة في الأغوار الجنوبية نتيجة عدم دمجهن في المجتمع، اذ لا يتوفر لهن فرص التعليم، إضافة إلى عدم وجود تسهيلات لحركة تنقلهن أو حصولهن على فرص عمل.
وتشكو السيدة ميساء من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من أن اعاقتها أضافت لها بؤسا فوق البؤس الذي تعيشه المرأة بالأغوار الجنوبية لفقدان فرص العمل وغيرها من الفرص، مشيرة إلى أن إعاقتها وغياب التأهيل لها مثل غيرها من أصحاب ذوي الاعاقاة بالمنطقة يزيد من المعاناة لهذه الفئة من المواطنين.
وكان المقرر الخاص المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمم المتحدة جيرارد كوين زار الأغوار الجنوبية مؤخرا، للتعرف على أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة بالمنطقة.
وقال كوين خلال زيارته للأغوار الجنوبية والجمعية الوطنية للتأهيل المجتمعي بدعوة من اليونسيف إن الزيارة تهدف إلى إعداد تقرير يكون بمثابة وثيقة ذات أهمية تعرض على مجلس حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة المعنية، داعيا الى عدم إصدار الأحكام قبل مساعدة الدولة في تقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة وخصوصا في موضوع الادماج، بالإضافة إلى الاستماع إلى الآراء والشكاوى من أفراد أو مؤسسات العاملين في مجال رعاية الاشخاص ذوي الاعاقة والتعامل معها بسرية تامة.
وأكد مدير اليونيسف في الأردن مهند الهامي بأن اليونيسف ومن خلال الجمعيات الشريكة تعمل على تحسين مستوى الأشخاص ذوي الإعاقة، وإحداث نقلة نوعية في حياتهم من خلال تمكينهم اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا، لافتا الى وجود نقص في الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة في محافظات الجنوب من قبل المنظمات والهيئات الدولية.
وبين الهامي بأن الأطفال ذوي الإعاقة هم الأكثر تهميشا، وهذا يستدعي أن يكونوا على قدر المساواة، وأن يكون الدعم موجها للأطفال ذوي الإعاقة لتحسين أوضاعهم.
ويؤكد رئيس جمعية الأشخاص المعاقين حركيا في محافظة الكرك المحامي زهير الشرفا، ان الجمعية وغالبية العاملين بتقديم الرعاية لذوي الإعاقة في محافظة الكرك ومحافظات الجنوب يعانون أولا من غياب التواصل بخصوص الأشخاص الذين تقدم الجمعية الخدمة والخبرة لهم، إضافة إلى غياب المعلومات الكاملة عن أعداد وحالات الإعاقة بمختلف أنواعها.
وكان مركز مؤتة للتربية الخاصة وهو المركز الوحيد بالكرك المعني برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة أغلق أبوابه قبل عام أمام المنتفعين، بعد اربعين عاما من تقديم الخدمة لذوي الإعاقة، وتقديم الرعاية والتأهيل لهم في مختلف المجالات، بسبب نقص التمويل بعد توقف كل الجهات الداعمة عن تقدم المساعدات، والتمويل اللازم لإدامة المركز.
من جهتها أكدت منسقة مكتب ارتباط المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة بالجنوب الدكتورة رابعة المجالي على وجود عدد من المراكز التشخيصية للإعاقات بالجنوب، بالإضافة إلى وجود معايير للتشخيص والتدريب، مشيرة إلى وجود تعاون ضمن برنامج التأهيل المجتمعي بين المجلس وجمعية التأهيل المجتمعي بالأغوار الجنوبية حيث نفذت دراسات واحصائية رسمية لإعداد ذوي الإعاقة بالأغوار بالإضافة إلى دراسة للاحتياجات المختلفة لهم.
وأشارت إلى وجود اتفاقيات مع مؤسسات أهلية مختلفة من بينها بالأغوار الجنوبية لتقديم الرعاية للتأهيل، مؤكدة تدريب فريق من أبناء الأغوار لعمل مسح عن الإعاقات بالمنطقة للتعرف عليها بشكل حقيقي.
هشال العضايلة / الغد
التعليقات مغلقة.