بين التفاؤل والتشاؤم….. في الشأن العام// د.رياض خليف الشديفات
=
مهمة الكاتب في الشأن العام تكمن في التشخيص والتحليل لأمراض المجتمع الفردية والجمعية ثم محاولة البحث عن العلاج والحل لهذه الأمراض، وهذه المهمة تتفاوت بين العسير واليسير، فالتشخيص والوصف من الممكنات في ظل توفر أدوات الوصف والتشخيص لهذه العلل الاجتماعية، ومهمة العلاج والحل بالتأكيد مهمة صعبة في ظل أوضاع اجتماعية معقدة بالغة التعقيد تتداخل فيها العقد الاجتماعية مع العقد النفسية والاقتصادية، كما تتداخل فيها المؤثرات التربوية والإعلامية والحياتية المختلفة. وإذا أردنا وصف الحالة العامة في واقعنا الاجتماعي من منظوره العام بعيداً عن مسكنات الأوجاع التي تلجأ اليها النظم الاجتماعية والسياسية في عالمنا المضطرب، فنحن إزاء حالة مضطربة لا تنفع معها المسكنات والمهدئات التي ترددها وسائل الإعلام كنوع من محاولة الرضا بالواقع، ولا تنفع معها عبارات ” القادم أجمل ” فما بين القادم أجمل والواقع المعاش تكمن خطورة الحالة. وإذا وضعنا الأمر في كفتي الميزان بين كفة التفاؤل وكفة التشاؤم رغم هذه الكفة منهي عنها من المنظور الديني ” إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ” والأمل بالله لا ينقطع في نفوس المؤمنين بمشيئة الله وتدبيره، والأمل بالله هو زاد ضروري في معركة الحياة ومع الواقع البائس، فالكفة تميل لحالة التشاؤم العام بمعطياتها التي تفرض نفسها على أرض الواقع بغض النظر عن حالات التزيين التي يمارسها أصحاب المصالح حفاظاً على مصالحهم. وقد يقول قائل: لماذا كفة التشاؤم؟ فالحق يقال إن من لا يرى من وراء الغربال أعمى، فالأمان الاجتماعي في خطر حقيقي، والتعليم في حالة من التردي والبؤس، والصحة تتراجع عن سابق عهدها، والأمراض تزداد عدداً وعدة وفتكاً تعجز عن مقاومتها المنظومة الصحية المنهكة كغيرها، ومنظومة القيم تتلاشى، والبيئة تترنح بضربات الفساد البيئي، والواقع الاقتصادي ماثل امام الناس، والمياه بين الفاقد والمفقود، وقس على ذلك بقية مفاصل الحياة، فلمن تميل الكفة؟ وجهد المدافعة عن جبهة التفاؤل لا يقوى على الصمود ، والله المستعان.
التعليقات مغلقة.