مغارة برقش المغلقة منذ 6 سنوات.. من ينقذها من طي النسيان؟
يبدو أن مغارة برقش الطبيعية في لواء الكورة بمحافظة اربد ستبقى طي النسيان، بعد أن أغلقت أبوابها أمام الزوار والمتنزهين منذ ما يقارب الـ 6 سنوات، إثر إقدام مجهولين على إشعال النار بداخلها ما ألحق أضرارا اعتبرت حينها بـ “الجسيمة” طالت محتوياتها.
المغارة التي كانت مقصدا لآلاف الزوار من مختلف محافظات المملكة والعالم، باتت اليوم مهجورة بسبب قيام وزارة السياحة بإغلاقها بالأقفال ووضع حراسة عليها من أجل عدم الدخول إليها.
ولم تكن الست سنوات الماضية على الاغلاق كافية لقيام الجهات المعنية بإعادة ترميمها وإعادة فتحها من جديد أمام حركة الزوار باعتبارها معلما بارزا من المعالم الأثرية الطبيعية في محافظة اربد وكانت وجهة سياحية للتمتع بأجواء الطبيعة الخلابة.
عدم تخصيص مجلس محافظة إربد لمخصصات مالية على موازنتها خلال السنوات الماضية أسهم في استمرار إغلاق المغارة التي بحاجة إلى مبالغ مالية كبيرة من أجل إعادة ترميمها لما تشكله من خطورة على المتنزهين في ظل افتقارها للإنارة الداخلية ووعورتها.
وقال رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية الدكتور احمد جبر الشريدة إن استمرار إغلاق المغارة لسنوات أمر غير مقبول وكان بإمكان الجهات المعنية تخصيص مبالغ مالية كافية من اجل صيانة المغارة التي تعتبر من ابرز المعالم السياحية في لواء الكورة.
وأشار إلى أن المغارة أغلقت منذ سنوات من أجل الصيانة ولغاية اليوم لم تستقبل أي زائر أو سائح، الأمر الذي يتطلب إعادة فتحتها بالسرعة القصوى بعد أن يتم ترميمها حتى تكون آمنة للزوار، مشيرا إلى أن المغارة كانت مقصدا لآلاف الزائرين من جميع محافظات المملكة والسياح العرب والأجانب.
بيد أن مديرة سياحة اربد الدكتورة مشاعل الخصاونة تدافع عن إغلاق المغارة للسنوات الماضية باعتبارها غير آمنة وتشكل خطورة على مرتاديها، إضافة إلى أن جائحة كورونا التي استمرت ما يقارب العامين أوقفت العمل بجميع القطاعات.
وقالت الخصاونة إن المغارة أغلقت في عام 2017 لأسباب ذات صلة بتعرضها للحرق والعبث من قبل مجهولين علاوة على كونها غير آمنة وتشكل خطورة على الزوار لعدم وجود مخارج طوارئ لها ولا يوجد تهوية كافية لها حيث تم تعيين حراس لها على مدار 24 ساعة وخضعت منذ ذلك الوقت لدراسة شاملة لتطوير هذا المنتج السياحي.
وبموجب اتفاقية مع وزارة السياحة، يبدأ فريق متخصص من جامعة اليرموك العمل بالمرحلة الأولى من المشروع في الأول من الشهر المقبل بقيمة 50 ألف دينار تم تخصيصها من موازنة مجلس محافظة اربد للعام الحالي.
ويتضمن المشروع توسعة المدخل الرئيس للمغارة وعمل مسار آمن ومحدد داخلها بطول معين وإنارتها، حسب الخصاونة التي أشارت إلى أن العمل بالمشروع سيستمر إلى نهاية العام الحالي مع إمكانية بعد الانتهاء من المشروع فتح مسار جزئي للمتنزهين للدخول إلى المغارة بعد أن يتم توفير الإنارة والتهوية الكافية.
وأكدت الخصاونة أن العمل بالمغارة بحاجة إلى متخصصين جيولوجيين نظرا لما تحتويه المغارة من تكوينات طبيعية تشكلت عبر ملايين السنين، مبينه أن العمل بالمغارة بحاجة إلى دقة وحرفية وليس مسألة “عطاء” يتم طرحه فقط.
وأوضحت أن العمل بالمغارة سيستمر خلال السنوات المقبلة بعد أن تم رصد مبالغ مالية في موازنة المحافظة للعام المقبل من أجل استكمال العمل بالمشروع، مؤكدة أن المغارة لن تفتح أبوابها كما كانت عليه في السابق إلا بعد أن تكون آمنة ولا تشكل خطرا على السائح.
ولفتت إلى أنه سيتم تأمين مسار للسائح والزائر يضمن عدم التعمق لداخل المغارة كثيرا مع تأمين جميع إجراءات السلامة العامة، مؤكدة أن السائح شريك أساسي في الحفاظ على هذا المنتج النوعي في لواء الكورة والذي يمكن أن يشكل رافدا اقتصاديا للمواطنين وخزينة الدولة في حال تم استثماره سياحيا.
واكتشفت المغارة عام 1995 ويقدر عمرها بـ 4 ملايين عام وتقع وسط غابات برقش وهي تشكيل جيولوجي طبيعي ولم يتدخل الإنسان بها وتضم صواعد ونوازل صخرية التي تشكلت دون تدخل ودهاليز وسراديب وتجاويف طبيعية ساحرة تمتد إلى مساحات واسعة في المغارة التي تزيد مساحتها عن أربعة دونمات.
وتقع مغارة برقش في الجزء الجنوبي الشرقي من لواء الكورة – محافظة اربد – وترتفع حوالي ( 830 ) مترا عن سطح البحر، وهي عبارة عن مغارة كلسية/ جيرية طبيعية (NaturalLimestone Cave).
وتبلغ مساحتها المنظورة حوالي (4) كيلو مترات مربعة، في حين يبلغ العمر الافتراضي لها حوالي 4 ملايين عام، تتكون المغارة من تجويف طبيعي عبارة عن عدد من المغاور والكهوف الصغيرة والمتوسطة والدهاليز والأقبية والسراديب المتصلة ببعضها البعض والممرات والباحات والمعابر، والمشاهد الجيولوجية الفريد والنادرة داخل المغارة مخاريط من أعمدة الصواعد المتكونة في أرضيتها ومخاريط النوازل ( الهوابط ) المدلاة من سقفها على شكل أبواق أو محاقين أو صفائح أو رقائق.
كما يوجد بها ترسبات كلسية وأعمدة قرمزية غير منتظمة الشكل وأشباه تماثيل ومسلات ومخاريط بوقيه وتكوينات كلسية بديعة ولوحات جدارية طبيعية متدرجة في الألوان والأطياف ذات جمال طبيعي نادر.
وتوفر المغارة جاذبية مثيرة لهواة رحلات المغامرات والاستكشاف والاستمتاع بالمناظر الجيولوجية البكر.
ومغارة برقش هي الكهف الطبيعي الجيولوجي الوحيد المكتشف في الأردن وهو يشبه مغارة جعيتا العليا في لبنان.
أحمد التميمي / الغد
التعليقات مغلقة.