سكان الخيام بالكرك.. هروب متكرر من برد الشتاء لدفء الأغوار
الكرك – بقليل من الأمتعة الشخصية وعدد من رؤوس الأغنام، في مركبة شحن متهالكة، تتخذ أسرة احمد السويلم الذي يقطن في خيمة بإحدى مناطق الكرك مجددا قرار الهروب من البرد الذي اقترب موعده نحو أجواء الدفء بالأغوار الجنوبية لحين انتهاء موسم الشتاء قبل العودة مجددا الى ربوع الكرك.
رحلة الشتاء والصيف، حالة تتشارك بها مئات الأسر في محافظة الكرك، والتي تقطن بالخيام او ما يعرف بـ”بيوت الشعر” والتي تجد نفسها ولضيق الحال، عاجزة عن تأمين كلف وسائل الدفء في محافظة تعد من بين اكثر المحافظات بردا خلال فصل الشتاء.
هذا الهروب المتكرر للأسر، لا يخلو من صعوبات، ليس اقلها معاناة اطفالها في الالتحاق بالمدارس، خاصة وان فترة الترحال الشتوي تتزامن مع أواخر الفصل الدراسي الأول وبداية الفصل الثاني.
يقول السويلم، وقد ارتحل من منطقة القصر شمالي الكرك إلى منطقة غور الذراع بالأغوار الجنوبية، إنه واسرته المكونة من 10 افراد، اعتادوا التنقل شتاء إلى الغور وصيفا إلى الكرك هربا من البرد القارس الذي لا يمكن لخيمته أن تحميه منه، لافتا إلى انه يقوم بنقل اسرته بواسطة مركبات خاصة لحمل كل ما يملكه وخصوصا المواشي القليلة التي توفر الحليب لأفراد اسرته وصناعة مشتقاته.
وبين أن ظروفه الصعبة هي التي دفعته إلى الانتقال للأغوار هربا من البرد ولعدم قدرته على توفير وسائل التدفئة طوال خمسة أشهر، مشيرا إلى أن المدارس في الاغوار تساعد السكان المنتقلين في قبول ابنائهم الطلبة دون عناء حرصا على توفير الدراسة لهم.
وأكد أن الشهر المقبل سيشهد توفر العمل في المزارع بالاغوار، ما يساعده بتأمين مصدر دخل جيد للأسرته، اضافة إلى توفير الاعلاف المناسبة للمواشي.
وأشار سلامة ابو قطنة والذي ارتحل واسرته الى منطقة غور العسال بوسط الاغوار الجنوبية، إلى أنه اعتاد كل موسم الانتقال إلى الاغوار الجنوبية في بداية موسم الشتاء والعودة مع بداية الصيف إلى مناطق العلالي بالكرك، لافتا إلى أن هذا الترحال بسبب ظروف سكان الخيام الصعبة وعدم قدرتهم على التواجد بالكرك شتاء.
وبين أن هناك أسرا كثيرة تمارس هذا العمل حرصا على افرادها وخصوصا وانه لا توجد كلفة عالية في عملية الانتقال بسبب انهم لا يملكون اشياء كثيرة لنقلها معهم، مؤكدا أن رحلة الشتاء توفر لهم الدفء اضافة إلى العمل في بساتين المزروعات الشتوية بالأغوار الجنوبية وتوفير اعلاف المواشي من المزارع.
مئات من الأسر، بدأت خلال منذ الشهر الماضي تشرين الأول (اكتوبر) بالانتقال الى مناطق الاغوار الجنوبية، إلا ان الغالبية تقطن منطقة غور الذراع الاقرب إلى مناطق الكرك الاخرى ولتوافر مدارس للطلبة فيها.
ووفق مصدر رسمي بمحافظة الكرك، فإن اغلبية هؤلاء السكان من منتفعي صندوق المعونة الوطنية الذين يعانون ظروفا اقتصادية صعبة واعتادوا التنقل طيلة العام بين الاغوار الجنوبية ومناطق الكرك الاخرى وفقا لظروف الطقس.
ويقطن بمحافظة الكرك مئات المواطنين واسرهم في الخيام وبيوت الشعر، ويعمل اغلبهم في تربية المواشي والعمل اليومي في الزراعة الشتوية بالأغوار والصيفية بالكرك، ويتركز تواجد هؤلاء في مناطق اللجون شرقي الكرك ووادي بن حماد.
ويؤكد العديد منهم انهم اعتادوا السكن في خيام الخيش وبيوت الشعر حتى في مواسم الشتاء القاسية وتساقط الأمطار لعدم قدرتهم على بناء البيوت الاسمنتية وعدم توفر عمل مستمر خلال العام.
ويطالب اغلبهم بتوفير قطع اراض خاصة لهم في مناطق تواجدهم وعملهم بالمزارع التي توفر العمل خلال اغلب اشهر السنة، في حين يحصل جميعهم على معونات مالية متكررة وشهرية من صندوق المعونة الوطنية.
ويؤكد مصدر رسمي بالكرك بأن هؤلاء المواطنين من سكان خيام الخيش يقطنون بمناطق يملكها مواطنون بالمحافظة، مشيرا إلى أن عددهم غير محدد بسبب انتقالهم من مكان لآخر طوال اوقات العام وخلال مواسم الزراعة من شرقي المحافظة صيفا الى الاغوار الجنوبية شتاء.
وغالبا ما يشكل موسم تساقط الامطار الغزيرة خطرا على قاطني الخيام لكونهم يضعون خيامهم بالقرب من مجاري الادوية والسيول والتي تجرف خيامهم ومواشيهم في بعض الاحيان وتشكل خطرا على حياتهم.
من جانبه، اكد مدير التنمية الاجتماعية بالكرك نصر المعاقبة إنه لا توجد احصائية رسمية بالكرك بخصوص الاعداد الفعلية لقاطنين الخيام وبيوت الشعر والمرتحلين من منطقة لاخرى، لافتا الى أن هناك اعدادا منهم تنتقل مع بداية موسم الشتاء للأغوار الجنوبية، موضحا ان بعضهم يحصلون على معونات وطنية.
وأكد مصدر في مديرية تربية الاغوار الجنوبية بأن المديرية تقبل الطلبة من أبناء الأسر القادمة إلى الاغوار وهم في غالبيتهم يقطنون مناطق غور الذراع والعسال وبعض المناطق الاخرى، مشيرا إلى أن مدرسة غور الذراع مثلا يكون عدد طلبتها بداية الموسم 70 طالبا فقط ومع بداية شهر تشرين الأول (اكتوبر) يرتفع العدد إلى اكثر من 150 طالبا نتيجة التحاق أبناء الأسر المرتحلة.
هشال العضايلة/ الغد
التعليقات مغلقة.