عصابات تهريب المخدرات وغاياتها ، وضرورة الوعي لحماية الامن الوطني // نايف المصاروه.
=
في ظل ثورة المعلومات، وسهولة الوصول إليها ، بات من المعلوم لكل ذي لب وعقل، أن للمخدرات بكل مسمياتها، أضرار على الصحة العقلية والجسدية والنفسية، على كل من يعاقرها، وما يجادل في ذلك او يضاده، إلا كل بليد أرعن. ويضاف إلى اضرار المخدرات أيضا، الأثر الأمني والإقتصادي والاجتماعي، على الأفراد والمجتمعات والأوطان.
هناك منجزات لكل دولة، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا واجتماعيا وثقافيا وغيرها ، تصب جميعها في مصب السيادة والهوية؟
تلكم المنجزات، هي أمانات، واجب بل فرض عين حفظها وحمايتها من العبث والتخريب، كما هو واجب البناء عليها وتطويرها.ومسؤولية الحفظ والحماية ، لا تقع على فرد أو فئة بعينها، مع ان ذلك واجب عملي خاص، على بعض من اهل الولاية والتخصص ، من القادة والسادة والساسة ورجال الأمن، والكتاب وأهل الصحافة والإعلام وغيرهم .
إلا أن هناك مسؤولية مشتركة وعامة، تقع على عاتق كل فرد في المجتمع، يصدق ذلك الحديث المرفوع عن النبي عليه الصلاة والسلام ” ( كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام ، الله.. الله لا يؤتى الإسلام من قبله ) ومع انه ضعيف في السند ،لكنه صحيح في المعنى.من أقوى ما تتغنى به الدول ، هو قوة إقتصادها وقدرتها على النماء وجلب الإستثمار، وقد أثبت العقل والنقل، بأنه لا نماء بلا أمن وإستقرار، كما يئأنه لا أمن بلا نماء وتنمية .
بمعنى أوضح … أن الأمن والنماء خطين متساويين ، لا يكتمل الأول، إلا بإكمال الآخر معه ، مع ان خط الأمن بكل مفاهيمه ومعانيه أطول واقوى.في الزمن الحديث، ومن خلال استخدام التقنيات ووسائل الإتصال، فإن أخطر ما يؤثر على الدول والمجتمعات، ويقض مضاجع صناع الأمن ورجاله ، هو خطر الإرهاب وتلون أهل الإجرام، وعصابات تهريب المخدرات.
منذ السنوات التي ترافقت أو أعقبت ظهور تنظيم داعش الإرهابي، لوحظ بشكل غير اعتيادي، زيادة نشاط عصابات تهريب المخدرات، على حدود الشمالية للأردن بشكل خاص ، والملفت اكثر هو إصرار تلك العصابات، على تكرار محاولاتها المتعمدة،بالرغم من حدة وقوة المواجهة.
فتقوم القوات المسلحة الأردنية ،وبكل تشكيلاتها بواجبها لحفظ الأمن الوطني، وباليقظة والحزم في الرد وقوة النار، على كل من تسول له نفسه العبث او المساس بأمننا.
كما تقوم الأجهزة الأمنية بكل مسمياتها وتشكيلاتها، بالمراقبة والمتابعة والحزم والحسم، وضرب اوكار اهل الإجرام بشكل عام، وأهل المخدرات بشكل خاص ، وفي كل أنحاء المملكة، حتى أنه لم يعد هناك مكانا عصي عليها، فدكت حصون الكبار والصغار، وتهاوت عروشهم، ” وزمان أول حول ” .وقد أسفرت تلك الجهود المشتركة، عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، في العديد من القضايا المختلفة بين التهريب والاتجار والحيازة .
ونتيجة لذلك أيضا، فقد إرتقى عدد من الشهداء والجرحى من منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الامنية،نسال الله ان يرحمهم ويتقبلهم مع الشهداء، ويشفي كل الجرحى.
مؤخرا وبالرغم من إعلان الحرب على عصابات وشبكات تهريب المخدرات ، وتغيير قواعد الإشتباك والرد بقوة النار، التي أدت إلى القبض علىى عدد كبير منهم، ووقوع عدد آخر منهم بين قتيل وجريح ، ومطاردة بعضهم إلى داخل العمق السوري، وضبط كميات المخدرات التي أعدت للتهريب.
إلا أنه يلاحظ إصرار تلك المجموعات والعصابات الإجراميه، على إعادة محاولات التهريب مرارا وتكرارا، مما يعني ويثبت وبما لا يدع مجالا للشك، أن هذا الإصرار يدفع به وله جهات أخرى، لها غايتها وأهدافها السياسية والأمنية بشكل خاص.
ويتضح ذلك من خلال تواجد الفصائل الإيرانية كحرس الثورة وغيره، من القوى والمجموعات الإرهابية المدعومة إيرانيا، وتواجدها على أرض المنطقة الجنوبية السورية ، والواقعة على الحدود مع الأردن.وأن الغاية والهدف الأول، لتلك العصابات ليس جني الأموال فحسب ، كعادة اهل التهريب وغاياتهم ، بل إن الدافع الرئيسي لها ،هو الإضرار بالأمن الوطني الأردني، وإختراق المجتمع وتطويعه بكل ما يعني ذلك.
ففي عرف أهل الإجرام وصناع الفتن، أن الشخص أو المجتمع الذي تخدره اليوم، وتسوقه لساحة الجريمة وصناعتها، وتستطيع ان تسلب منه إرادته وأمواله، تحت تأثير السموم والإدمان ، ستستطيع غدا وبكل تأكيد أن تتحكم بقراره وإدارته وقدراته.
وقد ثبت ذلك واقعا وحقيقة على الساحة الدولية، وكيف انهارت دول واصبحت تقاد ، وهو أيضا امر ملموس في شرقنا العربي، على مستوى بعض الدول والمجتمعات.ومن هنا.. فإنني أخاطب كل عاقل، وكل أردني وعربي ومسلم حر وشريف، فأقول..؛
إن شر المخدرات وخطرها عظيم، وقد اثبت ذلك بشاعة وقذارة الجرائم التي ارتكبت تحت تأثير المخدرات ، كذاك الذي قطع رأس والدته! أو كالذي.. قتل والديه وأشقاءه! او كالذي أحرق أولاده ثم اعقبهم بنفسه! أو كذاك الذي إعتدى على عرضه، أو قتل او سرق او اختلس، وغيرها الكثير. وأقول أيضا .. .إن لم نتنبه ونكون على حذر، فإن شر اهل الإجرام وتجار المخدرات لنا بالمرصاد ،وسيصل لي ولك ولنا جميعا شررهم ، ويصيبنا ضررهم لا قدر الله.وعليه فإن على الجميع، ” الوعي والصحوة ” ، لتجنب مخاطر المخدرات واضرارها، والأهم هو معرفة أهداف وغايات، من يجند أو يمول ويدير شؤون تلك العصابات والشبكات .
ومن الوعي..التأكد بأن كل حبة أو ذرة من مخدر، يتم تسويقها داخل بلادنا، فتباع أو تشترى ،هي أولا حرام شرعا وممنوعة قانونا؛
ومن الوعي أيضا أن كل دينار تحرقه في سبيلها، فتحرق به نفسك وأسرتك، يسهم بزيادة وقوة نشاط تلك القوى والعصابات، ومن يقف خلفهم ، فيفتح شهيتهم ليدفع بهم ولهم أكثر ، ليحققوا هدفهم الذي يسعون ويخططون له ليل نهار، وهو النيل من أمن بلادنا واستقرارها، والتمكن من مجتمعنا الشهم والأشم ، بإشاعة الجرائم من خلال تهريب وبيع المخدرات وسمومها.وكل ذلك يعني، ان حربنا على المخدرات وعصاباتها، هو حرب التحدي للبقاء او الفناء، فهل نحن كأردنيين على قدر هذا التحدي؟
كل منا يسأل نفسه، ما هي فوائد تعاطي سموم المخدرات، وما هي أضرارها؟ تصور يا رعاك الله.. في سبيل نزوة عارضة من أب أرعن او إبن عاق أو أخ عابث أو غيرهم ، يبيع أحدهم بعدها الدين والنفس والعرض والديار لشياطين المخدرات… ؟ تصور.. هل بيع الدين والعرض والوالدين والأولاد هين ويسير وسهل، لهذه الدرجة ؟ يقينا كعاقل اقول، ولا بكل الدنيا وما فيها والى قيام الساعة، ولكني اسأل من يعاقر المخدرات ويألف تعاطيها.. إلى متى… وما هو المقابل ؟واقول لكل عاقل أيضا.. إياك ثم إياك واحذر ان تغتر بما ترى او يقال، بأن فلانا اغتنى لتجارته بالممنوعات؛
ومع انه ظاهري واقع ومشاهد، لكن لتعلم يقينا أولا واخيرا، إن تلك الأموال التي تتأتى جراء التجارة الحرام، هي حرام أيضا ،وما نبت لحم من حرام فالنار أولى به.والسعيد من وعظ بغيره، فانظروا إلى الويلات والنكبات التي حلت بهم، وإني لأعرف بعضا منهم، من قتل أبناءه وبعضهم سجن، وبعضهم أعتدي على عرضه،وأكثرهم في السجون، وربما في مراكز العلاج للتخلص من آثار الإدمان، فطباخ السم يتذوقه، ولا تنسوا..إن موازين العدل في الدنيا، كما تدين تدان، ولعذاب الأخرة أشد وابقى.
وأحذر وإياك ثم إياك، إن تسمع لمن يقول أن فلان ” زهزه وتجلى” بعد تناوله لحبة او لفة، إحذر وانتبه، فتلك مصوغات إبليس وجنوده، للوقوع في شراك المخدرات وويلاتها.
والسؤال لي ولك وللجميع، ماذا بعد تلك اللحظات من الزهزة والتجلي وإلى متى سيبقى ذلك؟ وما هو الثمن والبديل؟ اما على الجانب الرسمي.. وبعد أن تأكد أن حربنا على المخدرات وعصابات تهريبها، حرب وجود وبقاء او زوال وفناء ، فإن الواجب يقتضي أولا:~زيادة ومضاعفة جهود التوعية بمخاطر المخدرات، من خلال وسائل الإعلام وكافة وسائل التواصل الإجتماعي، والتركيز على ذكر قصص الإدمان، وفضح أهل الإجرام، وبيان الجرائم التي ارتكبت تحت تأثير المخدرات وسمومها. وثانيا :- يجب إعادة النظر بقانون العقوبات لتعديله، لتصل العقوبة إلى الإعدام لكل تاجر ومروج، ومصادرة كل الأصول المالية العائدة لهم . وفي ظل زيادة أعداد قضايا التعاطي، يجب وضع تشريع قانوني بحق المتعاطين ، لتكون فترة الحضانة والعلاج من سنة إلى 6 أشهر، يتخللها برامج مكثفة وحقيقية من التوجيه والمراقبة،والتشغيل الإلزامي لخدمة المجتمع.ختاما.. أعيد التأكيد على أن مكافحة عصابات المخدرات، والوقوف لها بكل حزم ،هو واجب شرعي ووطني،يقع على عاتق كل فرد في المجتمع، ويتجلى ذلك اولا بالتوبة والإقلاع عن معاقرة تلك السموم والتخلص من آثارها.
وثانيا بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة للإبلاغ الفوري، عن كل شخص يشتبه به بالإتجار او الترويج او التعاطي،” وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ”.كاتب وباحث أردني.
التعليقات مغلقة.