سباق محموم بين واشنطن وبكين للظفر بـ”كعكة” الشرق الأوسط وإفريقيا
في إطار تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين، استضافت العاصمة الأميركية واشنطن، الثلاثاء الماضي، زعماء القارة الإفريقية، لحضور قمة تركز على جملة من القضايا العالمية، بعد عقد القمة العربية الصينية في الرياض الجمعة الماضية.
ويرى مراقبون، أن منطقة الشرق الأوسط وقارة افريقيا، تحتلان مكانة مهمة لدى الولايات المتحدة والصين، إذ تمتلك الدولتان فيهما نفوذًا كبيرًا، في إطار تصاعد التنافس الراهن بين الدولتين.
وتوقع هولاء، في حديثهم لـ”الغد”، أن تشهد تحركات واشنطن وبكين في المنطقة بعض التغيير، قد يشمل تبني سياسات وتوجهات جديدة، أو بناء تحالفات، حيث سيلقي التنافس بظلاله على مشاركة أوسع في قضايا المنطقة وتطوراتها، ويمكن إلقاء الضوء على مدى الاستمرارية والتغيير، الذي قد يطرأ على سياسة ونفوذ البلدين في المنطقة.
ويرى الوزير الأسبق مجحم الخريشا، أن هذا التنافس بين الولايات المتحدة والصين، سينسحب بطبيعة الحال من النظام الدولي إلى الأنظمة الفرعية، ومنها منطقة الشرق الأوسط وقارة افريقيا، اللتان تحظيان باهتمام كبير من جانب كل منهما، لا سيما أن التوازن الاقتصادي والجيو-سياسي بين الولايات المتحدة والصين في هاتين المنطقتين تحديدا أصبح حقيقة تترسخ مع الوقت.
وأضاف أن بعض مؤشرات المنافسة الإستراتيجية بدأت بالفعل تظهر في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، فواشنطن لديها نفوذ تقليدي وحضور أمني وعسكري كبير، وبكين بدأت تنخرط بصورة أوسع في قضايا الشرق الأوسط، وذلك بالتوازي مع مشاريعها الاقتصادية العملاقة التي تعكس النفوذ الجيو-اقتصادي الواسع.
وتابع: “الواضح من هذه المؤشرات أن الصين ستواجه المنافسة الإستراتيجية الأميركية وحصارها في مجالها الحيوي بسياسة التوازن خارج المجال، وتفادي انتقال الولايات المتحدة شرقا بالتحرك عبر خطوط الربط الاقتصادي العملاقة، كمبادرة الحزام والطريق، التي تمر جميعها بالشرق الأوسط، الأمر الذي دفع واشنطن للتوجه الى القارة السمراء وعقد القمة الأميركية الافريقية”.
وفي ظل مساعي إدارة الرئيس جو بايدن لتقريب الدول الإفريقية من الولايات المتحدة في لحظة معقدة، أوضحت إدارته أنها تعتقد أن النشاط الصيني والروسي في إفريقيا يمثل مصدر قلق كبيرا للمصالح الأميركية والأفريقية.
ومن جهته، قال السفير السابق أحمد مبيضين، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، حذرت، في استراتيجيتها الجديدة تجاه منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التي كشفت عنها في آب (أغسطس) الماضي، من أن الصين التي ضخت مليارات الدولارات في مشاريع الطاقة الإفريقية والبنية التحتية والمشاريع الأخرى، ترى المنطقة كساحة تستطيع بكين من خلالها تحدي النظام الدولي القائم على القواعد، وتعزيز مصالحها الجيوسياسية والتجارية الضيقة، وتقويض الشفافية والانفتاح.
ويرى مبيضين أن الهدف الرئيس للقمة الأميركية الإفريقية، يتمحور حول لحاق الولايات المتحدة بالتمدد الصيني والروسي المتنامي في إفريقيا، إضافة إلى محاولة واشنطن تأكيد استمرار اهتمامها بالقارة، في إطار استراتيجية إفريقيا الجديدة، التي كُشف عنها الصيف الماضي.
وأضاف “أن رياح التغيير في خريطة التحالفات الدولية، بدأت مع اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، الذي جاء في سياق المواجهة بين موسكو والغرب، وكان إيذانا ببدء حرب سياسية طويلة الأمد، مجهولة النهاية، ممتدة الأثر”.
وتابع “أن التوقيت الذي جاءت فيه القمتان يُكسبهما مزيدا من الأهمية، فالعالم يشهد تحولات دراماتيكية تقود لإعادة صياغة تحالفاته في ظل صراعات طاحنة، في وقت لم تتعاف فيه الدول من معركتها الشرسة مع جائحة كورونا، التى أنهكت اقتصاداتها وما تزال تعاني من تداعيات تلك الجائحة، ثم توالت أزمات الطاقة والتضخم والأمن الغذائي الناجمة عن الحرب وتحديات التغير المناخي، إضافة إلى التحديات الداخلية سواء في القارة الإفريقية أو المنطقة العربية أو في الداخل الأميركي”.
أما المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، فيرى أن الماراثون الدولي بين واشنطن وبكين بغية الفوز بكعكة القارة السمراء سيظل مستمرا، وكذلك الأمر لمنطقة الشرق الأوسط، التي تحتل مكانة مهمة لدى الولايات المتحدة والصين، إذ تمتلك الدولتان فيهما نفوذًا كبيرًا، وفي إطار تصاعد التنافس الراهن بين الدولتين.
وتوقع الحجاحجة أن تشهد تحركات واشنطن وبكين في المنطقة بعض التغيير، قد يشمل تبني سياسات وتوجهات جديدة، أو بناء تحالفات، حيث سيلقي التنافس بظلاله على مشاركة أوسع في قضايا المنطقة وتطوراتها، ويمكن إلقاء الضوء على مدى الاستمرارية والتغيير، الذي قد يطرأ على سياسة ونفوذ البلدين في المنطقة.
وأوضح الحجاحجة أن كلتا القوتين الأميركية والصينية تدرك الأهمية الاقتصادية التي تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط وقارة افريقيا، فدول الشرق الأوسط ليست فقط من ضمن أكبر منتجي النفط والغاز عالميا، بل تحوي بواطن أراضيه بجانب المعادن الطبيعية المختلفة، أكبر احتياطي نفطيٍ وغازي على وجه الأرض، سواء في الجزيرة العربية أو في دول شمال أفريقيا.
وأشار الى أن استمرار النمو الاقتصادي الصيني والأميركي وحتى العالمي وانسيابية التجارة، مرتبطان بشكل وثيق بمنطقة الشرق الأوسط وقارة افريقيا حاضرا ومستقبلا، إضافة إلى سرعة النمو السكاني لأغلب دول المنطقة، وارتفاع مستوى دخول بعضها، وتسارع النمو الاقتصادي في بعضها الآخر؛ ما يجعلها أسواقًا واعدةً للاستثمار وتشغيل رؤوس الأموال في مجالات مختلفة، وحتى بيع وتصدير المنتجات الدفاعية والعسكرية.
زايد الدخيل/ الغد
التعليقات مغلقة.