قاطنو الأودية بالأغوار.. واقع مستمر بمواجهة خطر داهم
رغم الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية بلواء الغور الشمالي لمنع البناء والسكن في بطون الأودية وبمحاذاة مجاريها، التي تشهد تشكل سيول جارفة حفاظا على سلامة المواطنين، تستمر حالات التجاوز من قبل البعض ومخالفة التعليمات، معرضين أنفسهم لخطر داهم.
وتؤكد مصادر في بلديتي طبقة فحل وشرحبيل بن حسنة اللتين تتواجد العديد من الأودية ضمن مناطقهما، استمرار وجود بعض الأبنية من الخيام وبيوت صفائح “الزينكو” المقامة في بطون الأودية أو على جنباتها وفي أراضي الدولة ومنها بيوت قديمة، ما يجعل قاطنيها عرضة لخطر الغرق في أي لحظة نتيجة السيول والانجرافات السنوية التي تحدث أثناء تساقط الأمطار الغزير.
وكانت البلديات قد عقدت مع الجهات المعنية العديد من الاجتماعات خلال الفترة الماضية لتدارس آليات مواجهة الشتاء الحالي ومعالجة نقاط الخلل، ومنها العمل على ترحيل القاطنين في الأودية والمخالفين وإزالة الخيام وألواح الصفائح “الزينكو”، من المناطق التي تشكل خطرا على حياة السكان.
إلا أن مهتمين وناشطين بالعمل التطوعي في اللواء، اعتبروا أن أغلب سكان الأودية والمناطق المنخفضة، الذين يشكلون قلقا دائما للجهات المعنية مع كل موسم مطري، ويستنزفون جهود الجهات الرسمية، هم من الفقراء الذي يسكنون الخيام وبيوت الصفيح إما على أراضي الدولة أو أراض ملكية خاصة لمواطنين غيرهم، ولا يشكلون أعدادا كبيرة، والبعض منهم من خارج اللواء سكن بطون الأودية بحجة المرعى والتخييم أو البحث عن أعشاب برية يستخدمونها في العلاجات والأمراض المختلفة.
ويطالب هؤلاء الناشطون بإيجاد حل جذري لأصحاب الخيام في بطون الوادي، بحيث يعفيهم من العودة الى الأودية والجبال حفاظا على حياتهم، وخصوصا أن الحل الذي يستخدم من قبل الجهات المعنية ليس جذريا، إذ تقوم الجهات المعنية بترحيل السكان وربطهم بكفالة أو تعهد دون أن توفر لهم المأوى الحقيقي والدائم من خلال توفير بيوت.
وتتباين وجهات النظر حول إيجاد حل للمشكلة، فبينما يؤكد البعض أن الحل يكمن في تفعيل تشريعات استخدام الأراضي التي تمنع السكن في حرم الأودية، وترحيلهم بشكل دائم منها وليس بشكل مؤقت، وتعويض غير المخالف، وبناء مساكن آمنة للفقراء منهم، يؤكد آخرون صعوبة ذلك نظرا للتكلفة المادية الكبيرة، مشيرين إلى أن الحل هو في ربط هؤلاء السكان مباشرة بالدفاع المدني لتوجيه رسائل لهم بضرورة إخلاء الموقع قبل وقوع الكارثة، مع وجود نظام إنذار مبكر تشارك فيه الجهات المعنية، إضافة إلى ضرورة توفير مركز إيواء بشكل دائم للحالات الطارئة.
وقال عضو اللجنة اللامركزية عن منطقة الكريمة عقاب العوادين، إن البلدية قامت بحصر المباني العشوائية، التي تشكل خطرا على قاطنيها وتم ربطهم مباشرة بالدفاع المدني، لتوجيه رسائل لهم بضرورة إخلاء الموقع قبل وقوع الكارثة، كما قامت البلدية بالتعاون مع الجهات المعنية بترحيل البعض من تلك الأماكن التي وصفها بالخطرة، والعمل على ربطهم بتعهد يفيد بعدم عودتهم إلى تلك الأودية والجبال التي تشكل أكبر خطر عليهم في المنخفضات، مشيرا الى أنه ورغم تلك الإجراءات المشددة، إلا أن القاطنين يعودون الى الأودية متهاونين ومخاطرين بحياتهم.
وفي الجانب المقابل، يقول المواطن محمد الرياحنة، إنه اضطر إلى السكن في الأودية جراء عدم قدرته المالية على شراء قطعة أرض يقيم عليها منزلا، بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية، مشيرا أيضا الى أن عملية إنشاء غرف من “الزينكو” في الأودية ليست مكلفة، كما أن تواجده بالوادي يعد مصدر رزق يمكنه من تسديد بعض الاحتياجات المترتبة عليه في ظل الظروف المالية الصعبة التي يعاني منها، من خلال العمل على جمع الأعشاب والنباتات المختلفة وبيعها بأسعار معقولة.
كما أشار الرياحنة الى أنه يستغل بعض مساحات من الوادي لزراعتها بمحاصيل مختلفة، تدر عليه ولو جزءا بسيطا من الدخل، أو تعفيه من شراء بعض احتياجات منزله.
وقال إنه وجد هذه الطريقة أفضل من الالتزام بأجرة منزل وفواتير كهرباء وماء، ويعتمد على الطبيعة في تأمين حاجاته، منتقدا إجراءات الجهات المعنية بخصوص عمليات ترحيل قاطني الأودية دون أن توفر البديل لهم، وإجبارهم على توقيع تعهد يفيد بتحملهم المسؤولية في حال العودة الى الأودية، مطالبا الجهات المعنية بالعمل على إجراء دراسة لسكان الأودية، وبناء منازل لهم تقيهم حر الصيف وبرد الشتاء ومخاطر السيول.
ولا يختلف حال محمد التعمري كثيرا عن الرياحنة، الذي يشير الى أن الجهات المعنية طلبت منه إخلاء منزله المقام على أراضي دولة في الأودية وبين الجبال، إذ يعاني من ظروف مالية صعبة لا تمكنه من إقامة منزل في الأماكن المعتادة جراء التكلفة العالية.
ومن جانبه، يرى مصدر مسؤول في اللواء أنه، ووفقا لقانون التنظيم، لا يجوز السماح للمواطنين البناء في حرم الأودية، حتى لو كانت قطعة أرض يملكها المواطن، وأن معظم الذين يقومون بالبناء هم مخالفون، ويجب على الجهات المعنية ترحيلهم حفاظا على سلامتهم.
وأضاف أنه بالنسبة للمخالفين والمعتدين على أراضي الدولة، يجب ترحيلهم، مشددا على أن معظم الحوادث المؤسفة التي تقع، تحدث جراء التساهل في تطبيق القوانين وعدم تنفيذه بالشكل الصحيح.
وأكد مصدر من مديرية التنمية الاجتماعية، أن دور التنمية يقتصر على توفير المأوى المؤقت، الذي يكون في المدارس أو المساجد أو الجمعيات الخيرية، وخصوصا في حال داهمت المياه لتلك المنازل الموجودة أو القريبة من الأودية، موضحا أن هناك بعض الدراسات لبعض الأسر، التي تعاني من الفقر لإنشاء مساكن لهم، ولكن ما تزال قيد الدراسة.
وأشار متصرف اللواء رئيس لجنة السلامة العامة الدكتور علي الحوامدة، إلى أهمية التزام المواطنين القاطنين بالقرب من مجاري الأودية، لا سيما من مربي المواشي، بقواعد السلامة العامة خلال فترة المنخفضات حفاظاً على سلامتهم وممتلكاتهم.
وأكد استعداد البلديات والدوائر المعنية في اللواء للظروف الجوية، لافتاً إلى تجهيز فرق الطوارئ لبلديات اللواء والدوائر المعنية من سلطة وادي الأردن والأشغال العامة والخدمات المشتركة وتنظيف عبارات تصريف مياه الأمطار والسيول المنتشرة على شبكات الطرق العامة والأحياء، خاصة ضمن البؤر الساخنة في مناطق الكريمة والمشارع والأحياء المحاذية للجبال.
وبين الحوامدة، أنه تم فتح غرف عمليات على مدار الساعة في البلديات والدوائر المعنية ومتصرفية اللواء، تحسباً لأي طارئ قد يحدث خلال الظروف الجوية.
علا عبد اللطيف / الغد
التعليقات مغلقة.