لماذا نسيئ إلى مؤسساتنا الوطنية ؟
د. عاطف قاسم الشواشرة
=
بقلم د. عاطف القاسم الشواشرة رئيس جمعية العلوم النفسية==
طالعنا قبل أيام خبر منشور في أحد المواقع الالكترونية عن إحدى مؤسساتنا الوطنية التي تعمل بصمت، وتحقق الكثير للمجتمع الأردني، ولأنني كنت أعمل في هذه المؤسسة لمدة عقد من الزمن وأعلم علم اليقين ما تقوم به من خدمات في مجالات الصحة والتعليم والتدخل النفسي الاجتماعي ومن دعم للمرأة والطفل كما أعلم عن آلية عملها وتمويلها وادارتها فقد آلمني هذا الخبر الذي يعتمد على توظيف بعض المصطلحات المضخمة والرنانة التي تؤجج وتلهب مشاعر الموظفين وذويهم بشكل غير منطقي ويدفع الى نوع من البلبلة الظالمة، فلا أدري كيف يتم وضع عنوان صحفي مستفز باستخدام مصطلح : “مجزرة جماعية في مؤسسة الملك حسين” وكأننا في حالة فلتان أمني أو في مجتمع خارج عن القانون أو أننا نصف يوما أسودا في حرب داحس والغبراء !!!! إن معهد العناية بصحة الأسرة أحد الدوائر الرئيسية في مؤسسة الملك حسين وهو نموذج فريد للمؤسسات المجتمعية التي تعمل بشكل تكاملي مع مؤسسات الدولة الحكومية دون أن تكلف خزينة الدولة فلسا واحدا، فهذه المؤسسات تعمل على استقطاب المشاريع من المانحين الدوليين بعد أخذ موافقات رئاسة الوزراء ووزارة التخطيط والوزارة المعنية فنيا بالتنفيذ كوزارة الصحة أو التنمية الاجتماعية مثلا وتنفذها ضمن خطة زمنية محددة المدة ومعلومة الأنشطة وبمتابعة مرحلية من قبل الوزارة المعنية والممول اعتمادا على كفاءات كوادرها الوظيفية التي تحاول انتقائها بعناية لتحقق أهداف المشاريع التي تعمل عليها. ومن المعروف للقاصي والداني أن التوظيف على هذه المشاريع لا يأخذ صفة الديمومة المطلقة، لأن المشاريع وموازناتها أصلا ليست دائمة، فبعض هذه المشاريع يكون لعدة أشهر فقط ، وبعضها قد يمتد لمدة سنة، وبعضها يتم تجديده عدة مرات اعتمادا على الكفاءة المالية للمموّل وعلى الخطة الاستراتيجية والأهداف المحددة للمشروع نفسه من بلد المنشأ، ومن هنا فإن المؤسسات عند توظيف الكوادر الخاصة بأي مشروع تطلع موظفيها على أهداف المشروع ومدته وتخبرهم أن هذا العقد مؤقت المدة واذا تم تجديد المشروع فسيتم توقيع عقد جديد مع الموظفين حسب مدة التجديد، مع العلم ان كثير من المشاريع لا تغطي إلا نسبة محددة من راتب الموظف تبدأ من 10% أحيانا وقد تكون 25% في احيان أخرى وقد تمتد لتشمل كامل راتب الموظف في حالات نادرة مما يضطر المؤسسة إلى وضع اسم الموظف على أكثر من مشروع في حال كانت التغطية المالية جزئية. ان مؤسسة الملك حسين كمؤسسة مجتمعية انسانية قد أسهمت عبر عمرها الممتد ولما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن في عملية التنمية الاقتصادية والمجتمعية للمجتمع الاردني من خلال توفير فرص عمل جديدة، ومساهمتها في تحقيق الاستقرار الاجتماعي للاسرة من خلال برامج عمل موجهة إلى بناء الاسرة الأردنية والحفاظ على الطفولة والتوعية في مجال الصحة والاعاقات والارشاد الاسري، ولذا ومن باب احترام هذا الدور التنموي وكي لا نكون جاحدين في حكمنا على هذا الدور ومن باب المسؤولية الأخلاقية وجب التوضيح لهذا الأمر، وهنا لا يفوتني أن أسجل عتبي الشديد على من ينشر أخبارا دون تحري الحقيقة بمعطياتها وحيثياتها وآليات العمل فيها وفق المعايير الادارية الحديثة ، فكيف لمؤسسة أن تعمل على ابقاء عشرات الموظفين دون ميزانية مدفوعة من جهة ما، فمن سيدفع رواتب هؤلاء ومن سيتحمّل تكاليف بقائهم ؟!!