ربابعة: اللغة العربية من أقدم اللغات الحية وتاريخها يعود لما قبل الإسلام بقرون

عبر تقنية “zoom”، ألقى أستاذ اللغة العربية في جامعة فيلادلفيا الدكتور يوسف ربابعة محاضرة بعنوان “عالمية اللغة العربية”، لمركز عبد الرحمن السديري الثقافي، في المملكة العربية السعودية، وأدار اللقاء محمد صوانة.
ربابعة تحدث في المحاضرة، عن المعايير والخصائص التي تجعلنا نحكم على أي لغة بأنها لغة عالمية، قائلا: “إن هناك مجموعة من المعايير التي يمكن من خلالها الحكم على أي لغة ونسبة ما تحققه من هذه المعايير، ولا تعني العالمية هنا أن كل العالم يستخدم هذه اللغة، لأن ذلك لم يتحقق لأي لغة على مر العصور، ومن هذه المعايير “نسبة الناطقين بأهم لغات العالم”، حيث تظهر اللغة العربية بحسب هذا المعيار في المرتبة الخامسة بعد الصينية والهندية والإنجليزية والإسبانية”.
وأشار المحاضر إلى أن المعيار الآخر هو المعتمد على معايير الجمعية الأميركية لأساتذة اللغة الفرنسية، وهو لقياس أهمية كل لغة، إذ قررت الجمعية أن المعايير تعتمد على “عدد المتحدثين بها كلغة أم، وعدد المتحدثين بها كلغة ثانوية، وعدد الدول وعدد سكانها الذين يتحدثون اللغة، وعدد المجالات الأساسية (العلوم، الدبلوماسية وغيرها) التي تستخدم فيها اللغة على الصعيد الدولي والقوة الاقتصادية للدول التي تستخدم هذه اللغة، والإشعاع الثقافي والأدبي للدول التي تَستخدم هذه اللغة.
ورأى ربابعة إن اللغة العربية حققت 14 نقطة، وجاءت بعد الإنجليزية 37 نقطة، والفرنسية 23 نقطة، والإسبانية 20 نقطة، والروسية 16، أي في المرتبة الخامسة عالميا. وعند تطبيق معايير (لويس كالفي)، وهو عالم اللسانيات الفرنسي، التي حددها بمجموعة المحددات هي: “الترتيب بحسب عدد الناطقين بها، وبحسب التطور المتوقع للسكان، وبحسب اعتبارها لغة رسمية للدول”، وجاءت النتيجة بأن العربية في المرتبة الثالثة بعد الإنجليزية والإسبانية.
وتحدث المحاضر عن معايير المجلس البريطاني التي وضعها العام 1997، والتي تقوم على مجموعة من المعايير، هي: “العامل الاقتصادي للدول الناطقة باللغة، ونسبة النمو السكاني في المجتمع اللغوي، واختفاء اللغات وموتها وأثرها في تعدد الألسن، وعامل التنمية البشرية”، فكانت النتيجة أن اللغة العربية في المرتبة السابعة بعد الإنجليزية والألمانية والفرنسية واليابانية والإسبانية والصينية.
وأوضح ربابعة: “لو ذهبنا إلى معايير تحديد اللغات العالمية التي اعتمدت على مجموعة من المحددات، هي: “عدد الناطقين الأصليين وعدد الناطقين بها لغة ثانية، وعدد البلدان التي تتخذها لغة رسمية، والمحتوى على الشابكة، واعتمادها في الأمم المتحدة لغة رسمية، والانتشار الجغرافي”. وحين طبقنا تلك المعايير على اللغة وجدنا أنها في المرتبة الرابعة حسب المعيار الأول، وفي المرتبة الخامسة حسب المعيار الثاني، وفي المعيار الثالث: جاءت في المرتبة الثالثة، أما في المعيار الرابع فقد جاءت في المرتبة الثانية عشرة، وهذا يشير إلى ضعف في المحتوى الرقمي على الشابكة.
وتابع المحاضر، بحسب المعيار الخامس فإن اللغة العربية تعد إحدى اللغات الرسمية المعتمدة في الأمم المتحدة من بين ست لغات، وكذلك في كثير من المؤسسات والمنظمات العالمية، مثل “المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة، منظمة المؤتمر الإسلامي، منظمة الوحدة الإفريقية، منظمة دول الساحل والصحراء، منظمة الصحة العالمية، اليونيسيف، محكمة العدل الدولية”.
ويواصل ربابعة حديثه، حين ننظر للمعيار السادس المتعلق بالتوزيع الجغرافي نجد أن غالبية الدول الناطقة باللغة العربية تتركز في الوطن العربي وشمال أفريقيا/ ويصل عدد الدول التي تعتبر العربية لغةً رسمية أو لغة رسمية مشتركة إلى 25 دولة، وهناك ست دول تعد فيها اللغة العربية لغة وطنية مثل تركيا والنيجر وإيران والسنغال ومالي، أو دينية كإندونيسيا وماليزيا والدول الإسلامية الأخرى، كما أن اللغة العربية تنتشر خارج نطاق تركيزها الجغرافي مع هجرة كثير من المتحدثين بها إلى دول مختلفة حول العالم مثل جنوب شرق آسيا وأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأميركية.
تحدث المحاضر، عن تاريخ اللغة وقدرتها على الاستمرار قائلا: “إن اللغة العربية تعد من أقدم اللغات الحية، فيشير تاريخها إلى ما قبل الإسلام بقرون عدة، ثم مرورها بأطوار حضارية من ما بعد الإسلام إلى يومنا هذا، ورغم الصعوبات والتراجع الحضاري للناطقين بها إلا أنها بقيت محافظة على وجودها”.
وأشار ربابعة إلى أن الدراسات تشير إلى أن للغة العربية تأثير في ثماني لغات، هي: “الإيطالية، الإسبانية، الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، التركية، الفارسية، الإندونيسية”، كما أن هناك لغات تأثرت بالعربية مثل “السواحلية، الكردية، الأمازيغي الأوردية، الروسية، اليونانية، اليوغوسلافية”.
وعلى مستوى المحتوى الرقمي، قال المحاضر: “هناك اهتمام بالمحتوى الرقمي العربي في الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وهناك بلدان ومنظمات تهتم بهذا المحتوى، منها: أكثر من 25 موقعا عربيا في أميركا، وأكثر من عشرة مواقع في بريطانيا، كما أن هناك مواقع عربية في فرنسا، الاتحاد الأوروبي، وزارة الخارجية الصينية، وزارة الداخلية الروسية، سويسرا، وزارة الشؤون الخارجية الهندية، هيئة تنمية الاستثمار الماليزية”.
أما في مجال الإعلام الإلكتروني، فرأى المحاضر، أن هناك دراسات تشير إلى أن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي وصل إلى 275 مليونا على مختلف الوسائل، وقد أشار تقرير اتحاد إذاعات الدول العربية (2015) إلى أن عدد القنوات الفضائية التي تتولى بثها، أو إعادة بثها، هيئات عربية عامة وخاصة بلغ 1394 قناة، في حين كانت لا تتعدى العشرين أو الثلاثين قناة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وهناك مئات الإذاعات الناطقة باللغة العربية، والمواقع الإلكترونية، والمجلات”.
وشدد ربابعة، على الميزات الذاتية للغات التي تجعلها قادرة على البقاء والتوسع والتطور، فحين ننظر لميزات اللغة العربية نجد أنها كثيرة ومتجددة، ومن أبرز هذه الخصائص والميزات الذاتية للغة العربية: “النظام الصوتي الذي يظهر اتساع المدرج الصوتي المنتج للحروف، والتقارب الصوتي بين الحروف، والتقارب الشكلي أيضا”، ومن جهة أخرى فهناك اتساع المفردات التي تعبر عن الأشياء والأفكار، وهناك الإعراب، وخاصية الاشتقاق والجذور، وكلها تساعد وتدل على مرونة العربية وقدراتها الكامنة فيها، تنتظر من يستحثها ويكون بمستوى ما تقدم.

عزيزة علي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة