وصاية هاشمية أردنية تاريخية
د. عزت جرادات
=
*تزامن انعقاد ندوة “القدس في عيون الهاشميين” في جامعة عمان العربية بالتعاون مع (المؤتمر الاسلامي لبيت المقدس) تزامن مع غطرسة الاحتلال في اعتراض موكب السفير الأردني في زيارة (الحرم القدسي الشريف) باعتباره ممثلا لراعي الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية، الاسلامية والمسيحية والحرم القدسي الشريف، وفي الوقت نفسه وفّرت السلطات المحتلة الحماية لقطعان المستوطنيين والمتطرفين لإقتحام الحرم القدسي الشريف.
*أن هذا السلوك يعبّر عن الحقد والكراهية وروح العداء المتأصلة في أعماق تكوين الشخصية الصهيونية، وهو في الجانب الآخر يعبّر عن التحدي الصهيوني لقدسية الوصاية الهاشمية، صاحبة الولاية التامة لإدارة الحرم القدسي الشريف بشكل خاص، تلك الوصاية التي أصبحت ذات إحترام وإعتراف على مستوى دوْلي وعالمي.
*هذه القدس الجميلة تتعرض اليوم إلى أشرس حملة لاغتيالها باحتلال صهيوني بعُدوانه الخطير وفق مخطط ذي أربعة أركان:
التهويد، والاستيطان، والتهجير والضَّمْ:
فالتهويد يتمثل في طمس المعالم التراثية التاريخية العربية والإسلامية في داخل المدينة المقدسة، وفرض طابع يهودي غريب على ذلك التراث التاريخي، اشكالاً وأسماءً.
والإستيطان، يتمثل في فرض (14) أربعة عشر مستوطنة حتى الآن داخل حارات القدس الإسلامية والمسيحية، أما حارة المغاربة فقد مُسحت لإقامة ساحة للبكاء والعويل، المُسَمّاة صهيونياً بساحة المعبد أو المبكى.
وأما التهجير، فيتمثل بانخفاض عدد العرب الفلسطينيين إلى (250) ألفاً، بينما ارتفع عدد اليهود إلى (750)ألفاً.
وأما الضَّمْ، فيتمثل في ربط غرب القدس مع شرقها ببينة واحدة وخدمات واحدة، ترسيخاً لتوحيدها عاصمة لإسرائيل!
لقد تعرضت القدس في هذا الزمن العصيب إلى ثلاث كوارث مقدسية فلسطينية لامَسَتْ أسماعنا ولم تلامس نخوة المعتصم:
كانت الكارثة الأولى عند إحراق الأقصى المبارك عام (1969) تسعة وستين وتسعماية وألف.
ووصفتها (جولدا مائير) رئيسة وزراء اسرائيل آنذاك بقولها:
(عندما أحرقنا الأقصى لمْ أنمْ طيلة الليل، توقعت أن العرب والمسلمين سيغزون إسرائيل من كل حدْبٍ وصوب، وعندما بزغ الصباح أَيْقَنت أننا أمام أمة نائمة).
وأما الكارثة الثانية عندما نفّذ الرئيس (ترامب) نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ووصفتها السفيرة الأمريكية الصهيونية لدى هيئة الأمم المتحدة (نايكي هالي) متحدية العالم:
(عندما نقلنا السفارة يوم الأربعاء، قيل لنا أن السماء ستنطيق على الأرض، وها هو قد مرَّ يوم الخميس والجمعة والسبت والأحد لكن السماء لم تسقط).
وأما الكارثة الثالثة، فتتمثّل في استراتيجية المستوطنين بالقيام (بالحج اليهودي) إلى الحرم القدسي الشريف يومياً وبشكل مكثف، باعتباره قائماً على أنقاض الهيكل.
وهو عدوان وإقتحام صارخ، ويصفه زعماء التطرّف الصهيوني بأنه إحياء للطقوس الدينية اليهودية على (جبل المعبد).
ويقف الأردن اليوم وفي زمن الخذلان العربي والسبات الإسلامي، يقف وحده مع الشعب العربي الفلسطيني في مواجهة مجتمع إسرائيلي أنتج قيادة ليكودية عدوانية متطرّفة، لتنفيذ المشروع الصهيوني المتمثّل بالهيمنة على الشرق الأوسط، والذي وصفه (أشمعون بيريز) في كتابه: (الشرق الأوسط الجديد) 1985، بقوله: (ليس بالضرورة الهيمنة الجغرافية العسكرية الصهيونية على الشرق الاوسط بل بالهيمنة التقنية والاقتصادية والتعليمية).
أما أقوى سلاح يمتلكه الأردن، في غياب أي حلٍّ عسكري عربي فيتمثّل: بأردنٍ قويٍ متماسكٍ بوحدته الوطنية؛ وتمسكه بدوره التاريخي في الوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف؛ ودعم الشعب العربي الفلسطيني في صموده على أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وشعارها (الحرم القدسي الشريف).
فالقدس الشريف، التي أرادها المغفور له، الحسين، عاصمة الأردن الروحية، هي الرسالة نفسها التي يحملها الأردن بقيادته الهاشمية الخالدة ورائدها الملك عبد الله الثاني حفظه الله.