دور جلالة الملك عبدالله الثاني في الرعاية والوصاية الهاشمية للقدس والمقدسات// الدكتور عارف الجبور
=
حظيت المقدسات الدينية الإسلامية في القدس باهتمام وعناية من قبل القيادة الهاشمية انطلاقا من التزامها برسالتها الدينية والتاريخية، تجاه المقدسات الاسلامية وقد تمثل هذا الاهتمام الهاشمي بالاعمارات الهاشمية المتواصلة للمسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة وتمثل بما يلي : الاعمار الهاشمي الأول : حظي المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة باهتمام كبير من قبل الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى حيث ابرع بمبلغ 24 الف دينار ذهب للعناية بالمسجد الاقصى وقبة الصخرة ،وأوصى بأن يدفن الى جواره ،وبعد أن تسلم الملك عبدالله الأول المؤسس عرش الاردن ابدى اهتمام كبير في صيانة المسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة ،وحرص على زيارتها بشكل مستمر ولقد دافع الجيش العربي عن القدس وحماية المسجد الاقصى ومنع الاحتلال من الوصول اليه. الاعمار الهاشمي الثاني : بعد تسلم الملك الحسين بن طلال رحمه الله واصل تحمل مسؤولياته الدينية والتاريخية تجاه رعاية وعمارة المقدسات الاسلامية في القدس وخاصة المسجد الاقصى وفبة الصخرة ،حيث تم تشكيل لجنة خاصة لرعاية المسجد الاقصى وقبة الصخرة سنة 1954 وقامت اللجنة بما يلي : – الاعمار الشامل لمبنى قبة الصخرة المشرفة 1954- 1964م. – ترميم وصيانة المواقع الموجودة في ساحة الحرم الشريف . – اكسية القبب والارورقة وصيانة الزختارف الداخلية والخارجية . – ترميم مصلى النساء والابنية المحيطة بساحة الحرم الشريف. – وقد بلغت تكاليف هذا الاعمار 19 مليون دينار تحملتها الحكومة الاردنية كاملة . الاعمار الهاشمي الثالث: بعد الاحتلال الصهيوني للقدس والضفة العربية عام 1967 بقيت ادارة الاوقاف الاسلامية في الضفة الغربية مرتبطة كليا بوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاردنية ، وبقيت لجنة اعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة تقوم بدورها في رعاية الحرم القدسي.وعلى اثر حريق 1969 أمر الملك الحسين بما يلي : تكسية قبة الصخرة المشرفة بالواح النحاس المذهبة ، وقد بلغت تكلفة هذا الاعمار ثمانية ملاين دينار . وخلال عهد جلالة الملك عبد الله الثاني استمرت اللجنة بتوجيه من جلالته في انجاز العديد من المشروعات والتي من أهمها : – اعادة بناء منبر المسجد الاقصى ( منبر صلاح الدين). – صيانة جدران المسجد الاقصى الشرقية والغربية. – صيانة المىاذن وتذهيب الزخارف الداخلية . – اعداد دراسات ومخططات لمشروع البنية التحتية للمسجد الاقصى . – صيانة رخام الجدران الداخلية والخارجية لمبنى قبة الصخرة. ولا تزال جهود صاحب الجلالة متواصلة في الدفاع عن القدس والمقدسات . وتندرج مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائي الخمس، وفقاً لما اتُّفق عليه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومصيرُها يُحسم عبر المفاوضات، وبالاتفاق بين الجانبين، استناداً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.وينطلق الموقف الأردني الثابت من أن القدس الشرقية أرض محتلة، السيادةُ فيها للفلسطينيين، والوصايةُ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولّاها ملك المملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني، ومسؤوليةُ حماية المدينة مسؤوليةٌ دولية وفقاً لالتزامات الدول بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية. ويؤكد الأردن أن القدس الشرقية جزء لايتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهي تخضع لأحكام القانون الدولي المتعلّقة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال، مستنداً في ذلك إلى قرارات الشرعية الدولية، ومن بينها قرار مجلس الأمن 478 الذي ينص على أن قرار إسرائيل بضم القدس الشرقية وإعلانها عاصمةً موحدة قرارٌ باطل. كما أنّ الموقف الأردني الثابت يتمثل في أن القدس الشرقية عاصمةُ الدولة الفلسطينية المستقبلية، على حدود الرابع من حزيران 1967، وأن جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية فيها، سواء في ما يتعلق بالنشاطات الاستيطانية، أو مصادرة الأراضي، أو التهجير، أو تغيير طابع المدينة، إجراءاتٌ مخالفة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقرارات الدولية ذات الصلة.وتتواصل الجهود الأردنية، السياسية والدبلوماسية والقانونية، لتأكيد أن القدس الشرقية مدينةٌ محتلّة تخضع لأحكام القانون الدولي، ويجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لمبدأ حلّ الدولتين. كما تتواصل الجهود للتأكيد على ضرورة تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها، بوصفها قوة قائمة بالاحتلال وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، واتفاقية لاهاي للعام 1954. كما تمارس المملكة الأردنية الهاشمية مسؤوليتها تجاه المقدسات في القدس انطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية عليها. فقد ارتبط الهاشميون تاريخياً، جيلاً بعد جيل، بعقد شرعيّ مع تلك المقدسات، فحفظوا لها مكانتها، وقاموا على رعايتها، مستندين إلى إرثٍ ديني وتاريخي، وارتباطٍ بالنبي العربي الهاشمي محمد صلّى الله عليه وسلم. وفي عام 1999 بدأ الإعمار الهاشمي الرابع مع تسلُّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، وواصل جلالته التأكيد على ضرورة الاهتمام بالمقدسات، والعناية بمرافقها، والتعهّد بحمايتها. وشملت مشاريع الإعمار في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف في عهد جلالته: إعادة تصنيع منبر صلاح الدين الأيوبي كما كان، وترميم الحائطَين الشرقي والجنوبي للمسجد الأقصى، وترميم فسيفساء قبة الصخرة المشرفة من الداخل، وكسوة المسجدَين القبلي والمرواني بالسجاد، وتركيب نظام إنذار وإطفاء الحرائق في الحرم الشريف، وترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة بتبرع من جلالته.وبتوجيهات جلالته السامية، صدر قانون الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة رقم (15) لسنة 2007، الذي يهدف إلى توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وقبة الصخرة المشرفة والمقدسات الإسلامية في القدس.وفي سياق الاهتمام الهاشمي الموصول بالقدس، أُنشئت مجموعة من الكليات والمدارس الدينية ومراكز حفظ التراث، وفي 31 آذار 2013، وقّع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقاً تاريخياً في عمّان، أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأنّ جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.وتقوم المملكة بإجراءات متنوعة لحماية المقدسات والوقفيات وتعزيز صمود المقدسيين في أرضهم ودعمهم وإسنادهم، من خلال أشكال دعم مباشرة من بينها: تعدّ دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك دائرةً أردنية تتبع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية. وهذه الدائرة هي السلطة الحصرية، بموجب القانون الدولي الإنساني، المخوّلة بالإشراف على شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، بوصفها آخر سلطة دينية إدارية كانت تشرف على الحرم الشريف قبل وقوعه تحت الاحتلال. ويبلغ عدد موظفي دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك أكثر من 800 موظف، يُعيَّنون من قِبل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردنية. وتشرف الدائرة على شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، كما تشرف على مساجد مدينة القدس التي يزيد عددها عن 102 مسجداً، وتتولى إعمارها ورعايتها وصيانتها والوعظ والإرشاد بها . شرف دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك على الأملاك الوقفية (الخيرية والذرّية) في القدس، والتي تزيد نسبتها عن 50% من الأملاك في القدس، إذ تجري عمليات إدارتها وصيانتها وترميمها واستثمارها والإشراف عليها والمحافظة على ديمومتها وتأجيرها لأهل القدس لتثبيتهم على أرضهم ومساعدتهم في العيش بكرامة هناك. كما تقوم الدائرة بتأجير بعض الأملاك والأراضي الوقفية بأجور رمزية، لجمعيات خيرية لغايات إنشاء مستشفيات وعيادات صحية، مثل مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية، إضافة لمشاريع حيوية بهدف تعزيز صمود المقدسيين، وذلك بتخصيص عدد من قطع الأراضي الوقفية لإقامة إسكانات للموظفين وفق اتفاقيات تحفظ حق الوقف في ملكية هذه الأراضي والعقارات، وتحقق المصلحة المرجوّة للمقدسيين. وتقوم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بواجباتها وبأقصى جهودها تنفيذاً لتوجيهات صاحب الوصاية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين. وتُعطي الوزارة أولوية قصوى للدفاع عن القدس ومقدساتها وأهلها، من خلال جميع تحركاتها واتصالاتها الدبلوماسية، وعبر جميع المنابر الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف. وتُعبّر الوزارة باستمرار عن رفضها المطْلق للسياسات الإسرائيلية التي تستهدف المدينة المقدسة وأهلها. كما تقدم دعمها المستمر لإدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية. وتمارس الوزارة دورها في التصدي لجميع الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب التي ترمي لتغيير طابع المدينة المقدسة وهويتها. كما توظّف اتصالاتها وعلاقاتها مع جميع الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية لمواجهة جميع الإجراءات الإسرائيلية الهادفة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وللتأكيد على ضرورة إلزام إسرائيل بوصفها قوة قائمة بالاحتلال، بأحكام القانون الدولي في ما يتصل بالقدس.وتواصل الوزارة، بالتنسيق مع الجهات الأردنية المعنية، متابعتها اليومية للتطورات والأحداث في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وتمارس دورها وتدخلها وجهودها اليومية من أجل ضمان الحفاظ على الوضع القائم القانوني والتاريخي، ومنع الانتهاكات الإسرائيلية، وحماية دور دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، كما تتابع الوزارة ما يتعلق بالكنائس في القدس، وتعمل على منع وقوع الانتهاكات على الكنائس، وتقديم الدعم والإسناد للمسيحيين، وتمكينهم من الإشراف على كنائسهم وعقاراتهم وفقاً للوضع القائم التاريخي، علماً أن الكنيسة الأرثوذكسية تتبع القانون الأردني. وما تزال جهود جلالة الملك مستمرة ومتواصلة في الدفاع عن القدس والمقدسات ،وبذل الجهود الجبارة في ذلك . •أكاديمية الامير حسين للحماية المدنية / لواء الموقر .
التعليقات مغلقة.