“قوارب الموت” تفاقم أزمات لبنان.. الأرقام تكشف النزيف البشري

بيروت – فتحت جمعية “أقوى فوندايشن” ملف “قوارب الموت” في ندوة استضافتها مدينة طرابلس شمال لبنان.
وتأتي أهمية الندوة، في ظل ظروف معيشية تزداد صعوبة، بأنها سلطت الضوء على خطوات عملية يمكن أن تساهم في وقف هذا “النزيف البشري”، إذا ما تضافرت الجهود الرسمية مع جهود الناشطين في المجتمع المدني.
ووفق وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، المشارك في الندوة، فقد شهدت سواحل الشمال اللبناني ما لا يقل عن 155 محاولة هجرة غير شرعية خلال الربع الثالث من عام 2022، شارك فيها 4637 شخصا، وأدت الى وفاة 214 شخصا على الأقل، وفقدان 225.
ودفعت هذه الأرقام المخيفة ” أقوى فوندايشن” إلى التحرك، وفق ما أوضحت رئيستها رولا فاضل.
ودعت فاضل إلى مواجهة “هذه القضية الإنسانية بحلول ومعالجات على عدة مستويات، وذلك بمبادرة لتأهيل الخبرات البشرية وتطوير الإمكانيات ونشر التوعية بشأن العديد من الموضوعات الوطنية ومنظومة الحقوق والواجبات وغيرها”.
واعتبرت موضوع الهجرة غير النظامية “من صلب أولوياتنا كجمعية، بهدف الإضاءة على هذه الكارثة الإنسانية والتكاتف في سبيل نشر الوعي عن مخاطرها”.
وأضافت: “التهريب للبشر والبضائع والممنوعات عمره من عمر الحدود بين الدول”.
من جانبه، قال مسؤول أمني لم يكشف عن اسمه، إن “هذه القضية تتطلب تضافر جهود عدة، إذ لا تكفي الدوريات لعرقلة عمل المهربين الذين يستغلون الظروف الصعبة لمن يريد مغادرة لبنان. فليتفق المسؤولون وينظموا هذا الملف وبعد ذلك يمكن للتعاون بين جميع الأطراف المعنية أن يثمر”.
وأوضح أن “القبض على الناس العاديين وتوقيفهم لن يحل المشكلة ويمنع التسلل خلسة، فرحلات تهريب البشر لا تتوقف مع مواسم التشديد الأمني على الحدود، ولكن ترتفع تكاليفها فقط”.
موجات هجرة مستمرة
السفير الهولندي لدى لبنان، هانس بيتر فادر وود، الذي شارك في ندوة “أقوى فوندايشن”، أشار الى أن لبنان يشهد واحدة من أوسع موجات الهجرة في تاريخه، مضيفا: “لطالما كانت الهجرة جزءا من هذا التاريخ، ولطالما صدّر لبنان رأس المال البشري بفضل نظامه التعليمي”.
وتابع: “نلاحظ أن أصحاب الكفاءات والقدرات قد هاجروا، ونشهد حاليا تزايدا للهجرة غير النظامية في البحر بصفوف من لا يملكون الكثير من الفرص والمقدّرات”.
وبيّن أن “أولوياتنا بالنسبة إلى الهجرة غير الشرعية هي: إنقاذ الأرواح ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية في تعزيز قدراتها في مجال البحث والإنقاذ، والحد من الدوافع الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى الهجرة غير النظامية”.
واسترسل قائلا: “تقع مسؤولية كبيرة على كاهل الحكومة في هذا المجال من خلال اتخاذ التدابير اللازمة لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية والاجتماعية. على المانحين أيضا تحمل مسؤوليتهم أي البلدان التي تساعد لبنان على بناء اقتصاد منتج واستحداث فرص العمل وتعزيز إمكانية الوصول إلى التعليم والتدريب المهني”.
تجربة مؤلمة
إبراهيم لاجئ فلسطيني، كان يقيم في مخيم اليرموك بسورية، قبل انتقاله إلى لبنان بسبب الأزمة السورية، لا يؤمن كثيرا بأي إجراءات يمكن أن تغير بوصلة حلمه، وقال: “حاولت التسلل ثلاث مرات للخارج بحرا وجوا، لكني لم أنجح”.
وعن تجاربه قال: “ظروفي الصعبة دفعتني الى الاستعانة بسماسرة تهريب البشر لمغادرة لبنان. أنا خبير في السماسرة لكثرة ما تعاملت معهم. أعرف أكثر من 100 سمسار. أحدهم معروف بـ(عميد مهربي البشر) لا يتحرك من يعمل لديه إلا بحماية. تحدثت معه هاتفيا فقط، ولكن أسعاره مرتفعة، إذ يتقاضى 11 ألف دولار لتهريب مضمون. هو متخصص بتهريب اليافعين دون 18 عاما، حيث يخرجهم من لبنان على أنهم أعضاء بفريق كرة قدم أو فرق موسيقية”.
توصيات الندوة
وتؤكد رئيسة الجمعية رولا فاضل، ان الجمعية ستواصل جهودها لتحقيق، إطلاق حملة توعية تتولى القيام بها جمعية “أقوى” بالتعاون مع منصة جسور الإعلامية، وبرعاية وزارة الإعلام وبمشاركة الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، ووسائل التواصل بهدف الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتنبيه إلى مخاطرها وذلك عبر تنظيم سلسلة برامج تلفزيونية وندوات في المناطق وعبر التواصل المباشر مع الشرائح الاجتماعية، لوقف هذه الظاهرة.
وايضا ستقوم بإعداد مشروع قانون لتجريم كل من يشارك أو يتدخل أو يساعد في تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية وإلغاء أي استثناء في القانون يسمح باستمرار القيام بهذه الأعمال من دون عقاب.
وإعداد مشروع قانون يفرض ضرائب على العمالة الأجنبية في لبنان وتسجيل عائد هذه الضرائب لصندوق مستقل يخصص للمساعدات الاجتماعية ولإعانة العائلات المحتاجة.
وكذلك، إجراء مسح للمناطق التي تشهد النسبة الأكبر من الهجرة غير الشرعية وتشكيل هيئة مختصة من جمعيات المجتمع المدني للتواصل مع هذه العائلات ومساعدتها وتشجيعها على رفض الهجرة غير الشرعية والتوعية بمخاطرها.-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة