“الزلزال المدمر”.. عمليات الإنقاذ تتراجع ومخاوف من ضربة جديدة
أبوظبي – ارتفع عدد ضحايا الزلزال الكارثي الذي ضرب تركيا وسورية إلى نحو 44 ألف قتيل، أمس، مع تلاشي الآمال في العثور على ناجين. فيما زادت مخاوف كانت دفينة، حول الزلزال المتوقع أن يضرب إسطنبول خلال 70 سنة، أكبر مدن البلاد، وأكثرها اكتظاظا بالسكان.
وقال مسؤولون ومسعفون، إن 38044 شخصا لقوا حتفهم في تركيا و5800 في سورية جراء زلزال 6 شباط (فبراير)، لتصل الحصيلة الإجمالية المؤكدة إلى 41732.
وانتشل عناصر الإنقاذ الأتراك، أول من أمس، فتاة تبلغ 17 عامًا وامرأة في العشرينيات من عمرها من تحت الأنقاض، بعد 11 يومًا تقريبًا من وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر.
لكن تركيا أوقفت عمليات الإنقاذ في بعض المناطق، وفعلت الحكومة في سورية، التي مزقتها الحرب الشيء نفسه في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
فالخسائر المسجلة في تركيا تجعل الزلزال أكثر الكوارث الطبيعية فتكا في تاريخها المعاصر.
وفي سورية، التي أضاف الزلزال فيها للأزمة الإنسانية بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من 11 عاما، بلغ عدد القتلى المسجل حتى الآن 5800، وهو عدد لم يطرأ عليه تغير يذكر في الأيام الماضية.
وتكثف وكالات الإغاثة الدولية جهودها لمساعدة الملايين الذين تركوا بلا مأوى، وكثير منهم ينامون في الخيام أو المساجد أو المدارس أو في سياراتهم الخاصة.
وناشدت الأمم المتحدة، الخميس الماضي، العالم، جمع أكثر من مليار دولار لمساعدة لعملية الإغاثة التركية. جاء ذلك بعد يومين فقط من مناشدتها لجمع 400 مليون دولار للسوريين.
وقال مارتن غريفيث منسق الأمم المتحدة للمساعدات الذي زار تركيا، الأسبوع الماضي، إن المواطنين “يعانون حزنا لا يوصف”، مضيفا: “يجب أن نقف معهم في أحلك أوقاتهم ونضمن حصولهم على الدعم الذي يحتاجون إليه”.
وعلى الرغم من العثور على عدد من الناجين في تركيا، إلا أن تقارير عمليات الإنقاذ المماثلة باتت متباعدة. ولم تعلن السلطات في تركيا وسورية عدد من ما يزالون في عداد المفقودين.
لكن الغضب يتزايد وسط العائلات التي ما تزال تنتظر خروج ذويهم المفقودين بسبب ما يرون أنه ممارسات بناء فاسدة وتطويرا حضريا معيبا بشدة نتج عنه انهيار آلاف المنازل والشركات.
وبينما تهدم آلات الحفر ما تبقى من كتلة سكنية فاخرة في مدينة أنطاكية الجنوبية كانت تعيش فيها ابنتاها، قالت سيفيل كارابدل أوغلو: “كان لدي طفلتان. ليس لدي غيرهما. هما تحت الأنقاض”.
ويعتقد أن نحو 650 شخصا لقوا حتفهم حين انهار مبنى رينيسانس ريسيدنس في الزلزال.
وأضافت سيفيل كارابدل أوغلو: “استأجرنا هذا المكان باعتباره سكنا للنخبة ومكانا آمنا. كيف أعرف أن المقاول بناه بهذه الطريقة؟ الجميع يتطلع إلى تحقيق ربح. جميعهم مذنبون”.
وعلى بعد نحو 200 كيلومتر، تجمع نحو 100 شخص، في مقبرة صغيرة في بلدة بازارجيك، لدفن أسرة شابة مكونة من الوالدين إسماعيل وسيلين، وابنتيهما الصغيرتين الذين لقوا حتفهم في مبنى رينيسانس ريسيدنس الذي هُدم في الزلزال.
ووعدت تركيا بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن انهيار المباني وأمرت باحتجاز أكثر من 100 مشتبه بهم، بينهم مطورون.
يقول الخبراء إن هناك فرصة بنسبة 95 %، أن يضرب زلزال بقوة 7 درجات أو أقوى إسطنبول، في غضون الأعوام الـ70 المقبلة.
زلزال بهذه القوة من شأنه أن يلحق أضرارا جسيمة أو يدمر ما يقدر بنحو 194000 مبنى، وفقا لأحدث نسخة من الخطة الرئيسية لزلزال إسطنبول المرتقب، التي نشرت في العام 2018.
ووفقا لصحيفة “حرييت”، زلزال إسطنبول المرتقب يمكن أن يضرب “في أي لحظة الآن”.
وبحسب الخبراء، فإن زلزال إسطنبول المتوقع سيتجاوز الخسائر في كهرمان مرعش من حيث الدمار الذي سيحدثه والعواقب الاقتصادية والاجتماعية التي سيحدثها.
بمعنى آخر، زلزال كهرمان مرعش الدامي كان “بروفة” لزلزال إسطنبول المقبل، على حد تعبير الصحيفة التركية.
ووفقا لتقرير مرصد قاندلي التابع لجامعة بوغازيشي ومعهد أبحاث الزلازل، هناك 1.164 مليون مبنى و4.5 مليون شقة في إسطنبول، ويعيش في المتوسط 3.3 شخص في كل شقة.
في زلزال بقوة 7.5 وما فوق، من المتوقع أن يتعرض 13 ألف مبنى لأضرار جسيمة، و39 ألف مبنى لأضرار بالغة، و136 ألف مبنى لأضرار متوسطة.
فحقيقة أن عدد الشقق المتوقع تعرضها لأضرار جسيمة في سيناريو الزلزال 7.5 وما فوق يزيد على 211000.
تم بناء 255 ألف مبنى من المباني في إسطنبول قبل العام 1980، وهنا تكمن المشكلة.
كما تم بناء 538 ألفا منها بين العامين 1980 و2000، و376 ألفا منها بعد العام 2000 بعد زلزال كوجالي العام 1999. بعبارة أخرى، 70 % من المباني في إسطنبول تم بناؤها قبل العام 2000.
كما أن حقيقة أن 30 % منها صنعت بعد العام 2000 لا تعني أنها آمنة. كما رأينا في زلزال كهرمان مرعش، أن المواقع الفاخرة التي شيدت قبل بضع سنوات على أنها “مقاومة للزلازل” ويسكنها مئات الأشخاص قد دمرت. كما تم تدمير بعض المواقع التي يُفترض أنها معمرة، والمخطط لها وفقا للوائح الزلازل، أثناء البناء.
لا يمكن حساب نوع الخسارة التي سيحدثها زلزال محتمل للبلاد بأكملها، وليس فقط إسطنبول، التي تبلغ حصتها في الاقتصاد التركي 50 %.
إضافة إلى المشاكل الداخلية التي ستحدث، فإن مشاكل من نوع آخر ستظهر للعلن، أبرزها تهديد الأمن القومي، وفقا لصحيفة “حرييت”. – (وكالات)
التعليقات مغلقة.