الفساد والكلام المُعاد // د. حفظي اشتية
ما زال بيننا من يطالعنا بتصريحات يتحدى فيها أيّ أحد لتزويده بأيّة معلومة صادقة عن الفساد ليبادر فورا إلى قطع ظهره ودابره.
سنصدّق الوعيد، ونعرض الحالة التالية، وننتظر التنفيذ :
ــ اشترى أحدهم نصف دونم أرض لا يصلح للبناء، لأنه عبارة عن شريط طوليّ محاذٍ لشارع رئيسي عابر للمحافظات، وتقع الأرض ضمن حوض كامل بأحكام تنظيم زراعي، بارتدادات مُبيّنة، ونسبة بناء محددة، وطابقين وروف فقط.
ــ استطاع أن يشتري فضلة مخصصة لتوسعة الشارع عند الحاجة، فقضى بهذا على فرصة توسعة الشارع رغم الحاجة الماسة إلى ذلك أمس وليس اليوم، ورغم رصد عشرات الفضلات المماثلة على طول الشارع للغرض نفسه.
ــ بدأ التجهيز والبناء بعد 1/1/2017م، فحفر عميقا لتوفير الإضاءة والتهوية للطوابق السفلية، وعلّق أراضي المجاورين والشارع التنظيمي الزراعي الذي يخدم أرضهم.
ــ ضرب بكل أحكام التنظيم عرض الحائط، فاعتدى على الارتدادات من جميع الجهات، بل بنى على صفر الحدّ بين أرضه وبعض المجاورين، واستطاع الحصول على ترخيص خاطئ لطابق تسوية + الطابق الأرضي + الروف بمساحة تزيد عن 500م، خلافا صارخا لأحكام التنظيم. وتمّتْ محاسبته على غرامات المخالفات وفق أحكام تنظيم ما قبل سنة 2017م المخففة، رغم أن البناء كله تم بعد ذلك، وفق أحكام جديدة وغرامات مغلّظة، ورغم معارضة ديوان المحاسبة للمعاملة ورفضه التوقيع عليها.
ــ حصل على عداد كهرباء مؤقت، ونثر تمديدات الأسلاك على الشارع، وفي أراضي المجاورين مشكّلا خطورة كبيرة على السلامة العامة.ثم تشجع على المزيد من الاعتداء، فضم مساحة الشارع التنظيمي الزراعي كاملة، وجزءا من أرض مجاورة إلى أرضه، وسوّرها، وبلّط أرضياتها، وأقام فيها كهوفا تجميلية، ونوافير، وجلسات ترفيهية لإقامة الولائم والحفلات للضيوف.
ــ اعتدى على الشارع الرئيسي، فبنى جزءا من سوره في حرم الشارع، وجعل له بوابات ضخمة، وزيّنه بأعمدة جرشية، وتجاوز أكثر على مساحة الشارع فبنى رصيفا بعرض متر غير مسموح به ودون موافقة الأشغال، وزرعه بالأشجار، فضاقت جدا سعة الشارع، وكثرت الحوادث لوجود التفاف راجع من جهتين أمام بيته مباشرة، وسالت بسبب ذلك دماء كثيرة، ووقعت للناس خسارات كبيرة، وما زال الخطر قائما وكبيرا على جميع مستخدمي الطريق وعلى المجاورين بشكل خاص.
ــ انفتحت شهيته وزاد في البناء أكثر فأكثر فتجاوز النسبة القانونية المسموح بها بحوالي 800م، قدّر ديوان المحاسبة غراماتها الحقيقية بأكثر من 100,000 ألف دينار لم يدفع منها شيئا.
ــ على مدى أكثر من 6 سنوات ما زال المتضررون يراجعون ويطالبون بحقهم، وحق الدولة، واللجان تغدو وتروح، والتقارير الواقعية تتالى وتتوالى، ورغم عدم موافقة مجلس التنظيم الأعلى على المخالفات وردّ المعاملة، ورغم صدور قرارين من المحكمة اكتسبا الدرجة القطعية أحدهما يتعلق بالشارع وبناء جدار استنادي، والآخر يتعلق بمخالفات البناء….. إلا أنّ الواقع ما يزال على حاله، والكل يقصّ أثر الذئب الذي يرونه عيانا يختال أمامهم باستهتار ودون مبالاة! ليبقى السؤال مشروعا :
إذا لم يكن كل هذا فسادا إداريا وماليا، فماذا يمكن أن يكون؟؟ ولماذا يتهاون بعض المسؤولين في الالتزام بعدالة بالقوانين، وتطبيقها بفاعلية للحفاظ على سمعة الوطن، وحقوق المواطنين؟؟؟!
ملاحظة : كل ما ورد في هذا المقال مصدّق بالأدلة، معزز بالكتب الرسمية، وقرارات المحكمة، لمن يبحث عن الحقيقة.
التعليقات مغلقة.