انقسام غير مسبوق في إسرائيل.. ونتنياهو محاصر بالتظاهرات
لم تعد تقف الأزمة الحالية في إسرائيل عند حدود الانقسام السياسي، بل باتت أزمة لم يسبق أن شهدت مثلها تل ابيب، على مستوى حركة الاعتراض الواسعة ضد حكومة يقودها بنيامين نتنياهو بوصفه إحدى الشخصيات السياسية الإسرائيلية الأساسية.
ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية التي تمر فيها اسرائيل، تشكل محنة لم تعتد السلطات الاسرائيلية على التعامل مع مثيلاتها سابقا، إذ لم يسبق أن شهدت حركة اعتراض واسعة بدأت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعشرات آلاف المستوطنين، للتحول إلى مظاهرات ضخمة ضد سعي رئيس الحكومة نتنياهو لإقرار تعديل قانوني يضعف من سلطات القضاء، مقابل تعزيز سيطرته على مفاصل مؤسسات الكيان ومنها الأمنية والعسكرية.
واقترحت حكومة بنيامين نتنياهو -المؤلفة من أحزاب قومية ودينية- هذا الإصلاح في كانون الثاني، ويتضمن منح الحكومة نفوذا في اختيار القضاة، ويحد من صلاحيات المحكمة العليا لإبطال القوانين أو إصدار أحكام ضد السلطة التنفيذية.
وأحصت وسائل إعلام عبرية يوم السبت الماضي، التاسع على التوالي في مسيرة المظاهرات الأسبوعية ضد الحكومة، نزول نحو ربع مليون مستوطن إلى شوارع المدن الأساسية في فلسطين المحتلة، وأبرزها القدس، وتل أبيب، وحيفا، وبئر السبع، وأشدود، وهرتسيليا، ونتانيا.
وفي هذا الصدد، يقول الوزير الأسبق مجحم الخريشا، إن ما بدا بارزا بشكل متفاقم هذا الأسبوع، كان حجم المخاوف من توترات أمنية، وانزلاق المظاهرات نحو مواجهات وصدامات مع الشرطة، وهي مخاوف عبرت عنها جهات أمنية وإعلامية وسياسية عدة خلال الأسابيع السابقة، بشكل مدروس، لكن التحفظ السابق انخفض منسوبه هذا الأسبوع، مع إعلان مسؤولين كبار أساسيين خشيتهم، من وقوع إطلاق نار ومواجهات حقيقية تنزلق بالوضع الأمني إلى مربع الخطورة القصوى.
وتابع الخريشا: “اليوم تقف حكومة نتنياهو أمام معضلة تحتاج إلى حلول ذات طبيعة مختلفة عن سابقاتها، فمن غير المرجح أن يكون بمقدور نتنياهو أن يلجأ إلى عادته القديمة، بتقاسم المصالح وتوزيع الحصص، بهدف إسكات الفئات المعترضة عليه، سواء من خصومه أو حلفائه، كما فعل، غير مرة، آخرها كان في تأليف الحكومة الحالية”.
من جهته، يرى الوزير الأسبق الدكتور هايل داوود، أن توجه الولايات المتحدة بإصدار قرار بمنع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش من زيارتها، على خلفية الاتهامات الواسعة له بالعنصرية والإرهاب، لا سيما بعد دعوته إلى محو قرية حوارة في نابلس من الوجود، تشكل ضغطا إضافيا على حكومة نتنياهو، إذ ستشكل أي نزعه دولية لمقاطعة الحكومة، ضربة قاصمة لها.
وتابع داوود: “المظاهرات الحالية ترفع شعارات تكتسب تلقائيا تأييدا دوليا واسعا، إذ إنها تطالب بمحاكمة نتنياهو في قضايا فساد، كما ترفع شعارات تطالب بالديمقراطية، وفصل السلطات، كذلك، فان غياب زعيم سياسي محدد للاحتجاجات يجعل القدرة على التحكم بها والمناورة سياسيا معها صعبة جدا، كما سيشكل ذلك فرصة لانضمام المزيد من الفئات إلى المظاهرات مستقبلا”.
وأضاف: “الأزمة الحالية التي تمر بها حكومة نتنياهو تكشف عن تآكل حقيقي في النخبة القيادية لدى الاحتلال، وموثوقيتها لدى المستوطنين، إذ إن هؤلاء القادة السياسيين يقاتلون اليوم من اجل مكان لهم في المعادلات السياسية الحالية والمستقبلية، بينما يبدو كيان الاحتلال امام تهديدات اخطر، لن تكون قيادات تتصارع فيما بينها على خلفية مناصب سياسية وتهديدات قضائية، قادرة على احتوائها”.
ويستشهد المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، بكلمات استاذ التاريخ اليهودي في الجامعة العبرية دانيال بلاتمان، في وصف الحالة القائمة في إسرائيل بقوله “إن ما يهددنا اليوم هو خطر مميت لم نواجهه من قبل، ولم نعتقد أنه سيتعين علينا مواجهته يوما ما، إنها الحرب الأهلية، أكرر علينا الانتباه، الخطر على أبوابنا”.
وتوقع الحجاحجة، اتساع نطاق المظاهرات على مستوى إسرائيل في وقت يعتزم فيه مشرعون المضي قدما في إصلاح قضائي مثير للجدل يراه معارضون تهديدا للديمقراطية، في حين قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إنه لن يسمح بحدوث تمرد أو بقيام فوضويين بقطع الطرق، وهو ما حدث الاربعاء الماضي عندما أغلق محتجون إسرائيليون الطريق السريع الرئيس بين تل أبيب والقدس.
وقال إن الاحتجاجات مستمرة في اسرائيل ضد الاصلاحات القضائية الحكومية، وأيضا هنالك ضغوطات أميركية على نتنياهو لإدانة عنف المستوطنين في الضفة الغربية، متسائلا: هل ينجح نتنياهو في الموازنة بين الضغوطات الداخلية والخارجية؟ وهل بات السلم
الأهلي مهددا هناك؟
زايد الدخيل/ الغد
التعليقات مغلقة.