وسط ترحيب عربي ودولي بالاتفاق.. إسرائيل تعتبره ضربه لتحشيدها ضد إيران
رغم الترحيب العربي والدولي بالاتفاق السعودي الإيراني، والذي جرى برعاية صينية، إلا أن الكيان الإسرائيلي عبر عن احباطه وقلقه من هذه الخطوة التي تعتبر وفق مسؤوليه ضربة لجهود إسرائيل في إنشاء حلف اقليمي ضد طهران.
قلق إسرائيلي
غير أن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد وصف إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بأنها “فشل ذريع وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية” التي يتزعمها حاليا بنيامين نتنياهو.
في السياق، قال رئيس رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، نفتالي بينيت، إن “تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، هو تطور خطير بالنسبة لإسرائيل وانتصار سياسي بالنسبة لإيران”.
واعتبر أن استئناف العلاقات الإيرانية السعودية يشكل “ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران”، وشدد على أن ذلك “فشل ذريع لحكومة نتنياهو، نجم عن مزيج بين الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد”.
وقال إن “دول العالم والمنطقة تراقب الصراع في إسرائيل مع حكومة مختلة تعمل على التدمير الذاتي بشكل منهجي؛ ثم تختار هذه الدول جانبا (في الصراع – بين إسرائيل وإيران)”.
ووصف حكومة نتنياهو بأنها فشل اقتصادي وسياسي وأمني مدو، وتعرض دولة إسرائيل للخطر بشكل يومي، وأضاف “نحن بحاجة إلى حكومة طوارئ وطنية واسعة، تعمل على إصلاح الأضرار العديدة التي حدثت”.
كما عقب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في الكنيست الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، قائلا إن “العالم لا يتوقف ونحن مشغولون هنا بالصراعات بين القوى والصدامات”.
وأضاف “إيران والسعودية اتفقتا الآن على تجديد العلاقات بينهما وهذا أمر سيئ للغاية بالنسبة لإسرائيل”.
وتابع “حان الوقت للجلوس والتحدث وحل خلافاتنا من أجل لم شملنا واتحادنا ضد التهديد الوجودي الذي نواجهه”.
بدوره، وصف رئيس الدفاع السابق بيني غانتس الاتفاق بالتطورات المقلقة، وأشار إلى أن التحديات الأمنية الجسام التي على إسرائيل التعامل معها تزداد، بينما نرى رئيس الوزراء والمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية منشغلين في الانقلاب السلطوي.
موقف أميركي
وتعقيبا على الخطوة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه كلما كانت علاقات إسرائيل وجيرانها أفضل كان ذلك أفضل للجميع.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية.
وأكد كيربي أن ما يهم واشنطن هو إنهاء الحرب في اليمن، ووقف الهجمات على السعودية، مشددا على أن الولايات المتحدة سترى إذا ما كانت إيران ستفي بالتزاماتها بعد إبرامها الاتفاقية مع السعودية.
وأضاف كيربي أنه ليس واضحا ما إذا كان ذلك سيؤثر على اتفاقيات أبراهام.
ترحيب دولي
وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
من جانبها، أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها بالاتفاق، وعبّر الأمين العام حسين إبراهيم طه عن أمله أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة وأن تعطي دفعة جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
من جهتها، هنأت موسكو على لسان نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوجدانوف، إيران والسعودية والصين على التوصل إلى اتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران.
ترحيب عربي واسع
عربيا، رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي بالاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية وبكافة الخطوات التي تسهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة. كذلك أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي بيانات منفصلة رحبت فيها بهذا التطور.
فقد رحبت سلطنة عمان بالبيان المشترك باستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، وأعربت الخارجية العمانية عن أملها في أن يسهم استئناف العلاقات بين السعودية وإيران في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما رحبت الخارجية العراقية بالاتفاق، وقالت إن صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تبدأ بموجبه.
وقالت الخارجية المصرية، بدورها، إنها تابعت باهتمام الاتفاق الذي تم الإعلان عنه باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
كما رحبت الجزائر بعودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران واعتبرت أن ذلك يسهم في تعزيز السلم والأمن بالمنطقة والعالم.
وصدرت مواقف أخرى مرحبة بالاتفاق عن السلطة الفلسطينية والسودان.
من جانبه، علق الناطق باسم جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن محمد عبد السلام بقوله إن المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها.
وفي لبنان، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إن الاتفاق أمر جيد ويأتي لمصلحة شعوب المنطقة. وأضاف نصر الله -في كلمة له خلال حفل حزبي- أن هذا الاتفاق سيفتح آفاقا في كل المنطقة، ومن جملتها لبنان.
ورحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالاتفاق قائلة -في بيان- “نعدها خطوة مهمة لتوحيد الأمة وتحقيق الاستقرار في المنطقة”.
أمن الطاقة!
يعتبر الترحيب العربي والدولي مرده الثقل الأمني والسياسي والاقتصادي للمملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإن كانت الأخيرة تعاني من مشكلات اقتصادية عدة، إلا أن السعودية وإيران، كلاهما لديهما تأثير كبير في أسواق النفط، والدولتان عضوان فاعلان في “أوبك”، ورغم الخلاف السياسي الذي استمر سنوات، والقطيعة الدبلوماسية، إلا أن التنسيق استمر في ملف الطاقة.
عودة العلاقات السعودية – الإيرانية، ستطمئن الدول المصدرة والمستهلكة للنفط بشكل أكثر، على ديمومة استمرار موارد الطاقة، وستبعد ممرات الطاقة الدولية، وتحديداً في الخليج العربي ومضيق هرمز، عن الاستهداف، كما حصل لعدد من الناقلات في السنوات الماضية.
تجميد الميليشيات!
التوافق السعودي – الإيراني، من شأنه أن يخفف من حدة خطابات الجماعات المتشددة، التي اتخذت الخلاف بين البلدين وسيلة للتأجيج الطائفي والديني!
ومما دفع الرأي العام إلى الاهتمام كثيراً بالتفاهم بين الرياض وطهران أيضا، رغبة البلدين في نجاح علاقتهما وتطورها، والتي ستساعد على الحد من نفوذ الميليشيات، إذا تم تنفيذ ما اتفق عليه، وأخذت على محمل الجد المطالب السعودية الدائمة بكبح جماح الجماعات المسلحة الخارجة عن سلطة القانون، وهو أمرٌ سيجعل سلطة القانون أكثر قوة ونفوذا في الدول التي تتواجد فيها هذه المجوعات.
وإن ديمومة التوافق السعودي – الإيراني، تقتضي أن توضع خطة تدريجية، وفق جدول زمني، لحل مسألة المليشيات الموالية لـ”الحرس الثوري”، لأن التنمية والتحديث لا يمكنهما التحقق في بيئة يحكمها السلاح!.
تراجع دور الميليشيات، أو على الأقل تجميد نشاطاتها كمرحلة أولى، سيخفف من حدة الصراع في أكثر من دولة إقليمية شرق أوسطية، وسيدفع نحو حلول سياسية، تجعل الدولة المركزية أكثر استقرارا.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.