تقييم رؤساء الجامعات..ماذا بعد..!
د. مفضي المومني
مشاكلنا في الجامعات وفي التعليم العالي ككل تنحصر بالإدارة والتمويل والتشريعات وتطبيقها، وتبقى الإدارة أساس النجاح والتطور، حتى مع متغيرات التمويل والتشريعات، والمحددات الداخلية والخارجية وهي كثيرة وممتدة ومتوارثة أحيانا، ويبقى التقييم للإدارات الجامعية من أهم عناصر الإصلاح والتطوير التي يجب أن تكون مؤسسية محكمة ودورية تشتمل كل العناصر التي تتداخل في العملية الأكاديمية، تشريعات موارد بشرية ومادية، ويجب أن لا نغفل دور أعضاء هيئة التدريس والهيئة الإدارية وكذلك الطلبة كمتلقي خدمة وربما الأهالي، مع الإعتمادية والبرامج والجودة وغيرها…..
الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 حددت عملية التقييم لرؤساء الجامعات نصاً في خطتها التنفيذية كل ثلاث سنوات، وهي فترة كافية لتقييم رئيس الجامعة عن عمله وانجازاته، ولا نعرف لماذا ذهب مجلس التعليم العالي لتقييم الجميع بغض النظر عن الفترة، ولكن صحيح علمياً أن التقييم يمكن أن يكون للفترات الجزئية التي تقل عن ثلاث سنوات… أو اثنتان أو اربعة، ولكن التقييم الحصيف المقترن بتحقيق أهداف واستراتيجيات موضوعة بشكل مسبق مع خطة تنفيذية زمنية وتمويلية ومؤشرات، يهدف التقييم الجزئي فيه التاكد من سير تحقيق الاهداف في إطارها الزمني، ويكون بنائياً يؤسس عليه لتوجيه الإدارة لمواطن الضعف والقوة من خلال التغذية الراجعة، أما التقييم بعد ثلاث سنوات فيمكن أن يكون بنائياً للتصحيح أو نهائياً للتغيير، وخاصة لمن أنهى مدته المقررة، بانتظار التمديد لفترة ثانية كما حددت التشريعات أو التغيير، وهنا أحسب أن المجلس يدرك كل هذا ويأخذه بعين الإعتبار، وأعتقد أن عملية التقييم يجب أن لا تبقى إرتجالية مرتبطة بتغيير وزير التعليم العالي كل فترة وهي بالمعدل سنة تقريباً..!، يجب أن يلتزم مجلس التعليم العالي بمقررات الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي باركها الملك وشكل لها لجنة متابعة برئاسة رئيس الوزراء في حينه، وعززتها توجهات التحديث ولجانه التي أشرف عليها الديوان الملكي وتبنتها الحكومة، يجب مأسسة التقييم بنظام زمني، وعناصر تقييم محكمة مرتبطة بخطة عمل لكل رئيس ومتوجة بأهداف وخطط تنفيذية مسبقة في جميع اعمال الجامعة ومسؤولياتها، ويمكن اللجوء لتقييم بنائي جزئي كل سنة بهدف الضبط والتوجيه، وتقييم نهائي للتغيير أو الإستمرار كل ثلاث سنوات، وأن لا تبقى الأمور مطلقة وأصبحت شئنا أم أبينا؛ مرتبطة بتغيير الوزراء، وفي التفاصيل شياطين كثيرة يتحدث بها مجتمع الجامعات؛ البعض يقول الوزير الفلاني لا يحب رئيس الجامعة العلاني… والوزير يريد أن يصفي حسابات قديمة مع س أو ص والبعض يقول أن التغير هو من أجل أن يعين الوزير جماعته بغض النظر عن أهلية الموجودين، والبعض يلوح بضغوطات من هنا وهناك، والبعض يشي بوجود خلافات بين مجالس الأمناء والرئيس؛ لأنه لم يمرر لهم تعيينات أو مصالح أو واسطات، فتنقلب الأمور لاستهدافات شخصية، ويؤكد ذلك تواطؤ مجالس أمناء سابقة على أفعال بعض الرؤساء ممن عاثوا خراباً وفساداً في إداراتهم البائسة لبعض الجامعات، ويطول حديث الإفك في ذلك..!، فلماذا لا يؤسس مجلس التعليم العالي لحاكمية رشيدة في التقييم والتعيين عابرة للحكومات والوزراء، وأن لا تبقى العملية الأكاديمية والجامعية وإداراتها مرهونة للعشوائية والعبثية والمزاجية، ومناخ الشائعات الخصب، فاستقرار الجامعات وتطورها وتقييمها عملية يجب ان تتم بتخطيط وعمل علمي هادئ، وليس بحاجة (لهيزعات) وتصريحات قرأت بعضها تحط من قيمة وهيبة رؤساء الجامعات والتعليم العالي، وأسوق مثالاً ورد في إحد التصريحات موجها الكلام لبعض رؤساء الجامعات الحاليين( لن يستطيع بعض رؤساء الجامعات تخريج طلابهم على الفصل الثاني..!) وغير ذلك من الإسقاطات والتلويح بالتغيير والعدد مرة 3 ومره 5 وووو، أليس كل هذا إسفافاً ومحبطاً ونازعاً لهيبة التعليم العالي والجامعات..!، هل أصبحت رئاسة الجامعة المركز المرموق لعنة تطارد من يتسنمها، بلد يشكو ويعترف بالتراجع في نظامه التعليمي بحاجة لعمل جدي يحمل المصلحة الوطنية العليا، لا يفتح مجالاً لهرطقات ومساجلات وإشاعات ننتجها إنتاجاً مع سبق الإصرار والترصد، بقلة الحيلة والتدبير والتخطيط منذ عهود، ونصرخ على منابر الكلام… وتستمر المسيرة…!.
الأردن بحاجة للمخلصين المؤهلين، بعقلية؛ أن يحملوا الوطن لا أن يحملهم… ربما إلغاء التقييم المعلن كلياً أفضل، ووضع أسس تقييم وتعيين حصيفة كما أسلفت أفضل أل مرة أن يأخذنا العنت… ولا اريكم إلا ما أرى… لخلق أجواء محبطة تهز استقرار الجامعات وهيبتها.
ملفات التعليم العالي كثيرة وبحاجة لخطوة الألف ميل… لأن ما سبق يركب موجة خلي المركب ساير ورحل الأزمات تبقى طويلاً… لكنك تقصر عمر تطورنا من حيث تدري ولا تدري… والكلام عام ليس لوزير أو مسؤول بعينه…..حمى الله الأردن.