زراعة التمور.. إشكاليات التوسع والحاجة لمياه الري

وادي الأردن– فيما تشكل زراعة النخيل بوادي الأردن إحدى أهم الزراعات الاقتصادية التي حققت نجاحا باهرا، إلا أن أي توسع غير مدروس قد يؤدي إلى نتائج غير محمودة على استثمارات تقدر بمئات الملايين.
فالتوسع الكبير بزراعة النخيل يواجه تحدي التغير المناخي وانعكاساته على شح مياه الري خلال فترة ذروة الاحتياج التي تمتد من شهر حزيران (يونيو) وحتى بداية أيلول(سبتمبر) وهي الفترة التي تشكل فيها احتياجات النخلة نسبة 60 % من الاحتياجات الكلية للوصول بالإنتاج الى أفضل حجم واجود صنف مما يستدعي إدارة عادلة تضمن حقوق مزارعي النخيل المؤجلة في المياه من فترات الخريف والربيع.
ويرى مختصون انه يمكن التوسع بزراعة النخيل بوادي الأردن للوصول الى المليون نخلة، الا ان ذلك يجب ان يقابله تنظيم وتخطيط للحفاظ على هذه الثروة الوطنية ورعايتها والحفاظ على الاستثمارات الحالية والمستقبلية فيها، مؤكدين على ضرورة تطوير المصادر المائية لمواكبة الحاجة المتزايدة لري النخيل.
ويؤكد رئيس الجمعية الأردنية التمور JODA الدكتور أنور حداد أن هناك توجها كبيرا لزراعة النخيل من قبل المزارعين والمستثمرين نظرا للطلب المتزايد على التمور الأردنية في السوق العالمي، لافتا الى أن زراعة النخيل تشهد توسعا سنويا يقدر بنحو 11 %، وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل أكثر من 40 ألف دونم تضم حوالي 750 ألف نخلة أغلبيتها من صنف المجهول.
ويضيف، “هذا الواقع يفرض على القطاع تحدي توفير وإدارة مياه الري المخصصة للنخيل سواء من قبل المزارع او من قبل وزارة المياه وسلطة وادي الأردن وذلك خلال فترة ذروة الاحتياج التي عادة ما تشهد نقصا عاما في كميات المياه المتاحة للزراعة،” مشيرا الى ان التوسع في زراعة النخيل يحتاج الى تنظيم وتخطيط سليم لتفادي اي مخاطر ناتجة عن شح الأمطار والتغيرات المناخية التي قد تلحق ضررا بالقطاع الزراعي خلال السنوات المقبلة.
ويبين حداد ان على الجهات المعنية العمل على اعداد موازنة مائية تنظم احتياجات القطاع وتضمن تزويده بالحد الأدنى بشكل مستمر كون زراعة النخيل من الزراعات المعمرة طويلة المدى والمكلفة، لافتا الى ان النخيل يعتبر من الزراعات الأكثر عائدا على المتر المكعب من المياه بالمقارنة بالمحاصيل الأخرى.
وأشار الى ان السماح بحفر الآبار على أعماق ضحلة سيرتب كلفا إضافية في الطاقة للتحلية وضخ هذه المياه وتحليتها لأنها في الأغلب مياه مالحة وكذلك سيرتب التخلص من مخلفات عملية التحلية مما يستدعي ان يكون ذلك مشروعا تديره الحكومة وليس الافراد حتى لا يتحول الغور الى مجموعة هائلة من الآبار ومحطات التحلية والطاقة مع صعوبة التخلص من مخلفات عمليات التحلية من مياه شديدة الملوحة.
ويقول “لا توجد لدينا مشكلة تسويق في التمور الأردنية وانما العائق هو الإنتاج الجيد وقدرة المزارع على خدمة المحصول ورعاية الأشجار وتوفير المياه في الوقت المناسب للوصول الى انتاج مناسب ومنافس في الاسواق الخارجية،” مشيرا الى ان الانتاج الأردني من التمور يزيد على 30 ألف طن سنويا يصدر أكثر من 50 % منها الى أكثر من 15 دولة حول العالم ومن المتوقع أن يصل الإنتاج المحلي الى 50 الف طن خلال سنوات قليلة وسيشكل هذا رافعة هامة للقطاع الزراعي والاقتصاد الوطني.
ويبين المزارع رائد العبادي ان حاجة الدونم الواحد من النخيل للمياه تتراوح ما بين 1200 و1600 متر مكعب خلال الموسم، الا ان المتاح سنويا لا يتجاوز نصف هذه الكمية، مبينا ان الكميات الحالية من الممكن ان تكفي للأشجار الصغيرة الا انها غير كافية للاشجار الكبيرة المنتجة.
يضيف ان وزارة الزراعة سعت خلال العقود الماضية الى تشجيع المزارعين الى التحول لزراعة النخيل كونها احدى الزراعات التي حققت جدوى اقتصادية جيدة، الا انها لم تاخذ بالحسبان تحديات التي قد تواجه القطاع على مدى عقود، مبينا انه وبرغم محدودية المصادر المائية الا ان عمليات زراعة مساحات جديدة بالنخيل مستمرة ما يتطلب وضع خطط عاجلة لضمان ديمومة الزراعات الموجودة حاليا.
ويؤكد رئيس جمعية التمور التعاونية الزراعية رائد الصعايدة ان التوسع بزراعة النخيل بخطوات غير محسوبة قد يؤدي الى خسائر فادحة، لافتا الى ان تأثيرات التغير المناخي على زراعة النخيل بات يشكل تحديا كبيرا سواء شح مياه الري او تأثيره على مواعيد عمليات الانتاج.
ويضيف ان غالبية المزارعين والمستثمرين في قطاع النخيل عانوا خلال السنوات الماضية نتيجة نقص مياه الري وتأثيره على الإنتاج والذي أفقدهم القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية، لافتا الى انه لا يوجد اي خطط استراتيجية واضحة للحفاظ على زراعة النخيل كواحدة من الزراعات التي حققت نجاحا كبيرا على مختلف الصعد.
ويؤكد الصعايدة ان الفترة ما بين منتصف نيسان (ابريل) ومنتصف اب (اغسطس) هي الفترة التي تحتاج فيها أشجار النخيل الى أكبر كمية مياه متوفرة للوصول بالانتاج الى أفضل حجم واي نقص بالمياه خلال هذه الفترة سيلحق بالمزارع خسائر كبيرة، مشيرا الى ان القائمين على قطاع الري يحاولون المواكبة بين كميات المياه المتاحة والاحتياجات الفعلية للمزارع حسب ما هو متوفر الا ان ذلك يبقى رهن عدم التوسع بالزراعات التي تحتاج لكميات مياه خلال فصل الصيف.
من جانبها، أكدت أمين عام سلطة وادي الأردن المهندسة منار محاسنة أن السلطة معنية بايصال المياه للاراضي الزراعية حسب الحصص المقررة وحسب الموازنة المائية المتوفرة بغض النظر عن نوع الزراعة الموجودة فيها، لافتة إلى أن الوضع المائي جيد إلى الآن.

حابس العدوان/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة