التلفزيون الأردني في ذكرى تأسيسه…. 55 عاما من الالتزام والمحتوى الهادف
– تصادف اليوم الخميس، ذكرى تأسيس التلفزيون الأردني ليكمل 55 عاما من مسيرة عنوانها الالتزام بثوابت الوطن وتقديم رسالة إعلامية إنسانية ترتقي بذائقة المشاهد بعيدا عن الابتذال والسطحية وصولا إلى المحتوى الملتزم الهادف.
فقد استقبلت أرض أم الحيران شرق العاصمة عمان قبل 55 عاما أول محطة تلفزيونية أردنية تحمل اسم الأردن ظاهرا ومضمونا، ومنذ ذلك التاريخ والتلفزيون الأردني ملتزم بثوابت الدولة ولم يغير حتى اسمه، ويقف على مسافة مهنية واحدة من الجميع، ينوع محتواه لجمهور المتلقين كافة، قبل التطور والتنوع جيلا بعد جيل ليصل إلى أكثر من مليوني معجب على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وحدها اليوم.
تتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، تاريخ التلفزيون الأردني خلال أكثر من خمسة عقود منذ أن أعطى جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- إشارة البدء بالصوت والصورة، وحتى التطوير والتحديث والنمو المستمر بعهد جلالة الملك عبد الله الثاني، وما لبثت الرعاية الملكية والرسمية لتلفزيون الوطن، وبقيت الرسالة الإعلامية معبرة عن الهم الوطني والعربي وقضية فلسطين، وبث روح التسامح والإنسانية إلى العالم.
وقال عدد من الرعيل الأول الذين واكبوا نشأة التلفزيون الوطني لـــــ(بترا) إن التلفزيون كان الأول بكل شيء، ونقل رسالته بأربع لغات للعالم في وقت لم يكن هناك من ينقل الحدث بغير لغته، وأوفد كوادره للتدريب في أميركا وبريطانيا وغيرها، واستعان بكفاءات عربية من لبنان ومصر، واليوم لم يبق وحده أمام المتلقين لكنه الوحيد الذي لم ينجرف خلف تيار تسخيف وتسطيح المحتوى والانحدار بذائقة المتلقين.
وفي الذاكرة الوطنية الموثقة للتلفزيون الأردني، كان محمد كمال أول المؤسسين له، وأعلنت أول مذيعة على الشاشة ميسون عويس بدء البث المصور للأردنيين والعالم، وصدحت ميسون الصناع بأغنيتها “يا خي يا الله انا وياك ع الغور نزرع بساتين”، صوتا أردنيا قادما من أقصى الجنوب.
مستشار المدير العام المراقب العام للمكتبات والتوثيق سابقا الدكتور محمد المناصير قال إن التلفزيون انطلق رسميا يوم 27 نيسان عام 1968، وسبقه تجارب البث التجريبي في شباط، من خلال حملة إعلامية اشتركت فيها الإذاعة الأردنية والصحف لمدة ثلاثة أيام قبل يوم التجربة الأولى للبث، والتي استمرت لمدة 90 دقيقة في اليوم الأول.
وأضاف أن الملك الحسين بأول كلمة قصيرة له على الشاشة الوطنية قال “إن هذه الشاشة وجدت لتكون منارة جديدة للحق والهدى، وينبوعا ثريا للفكر والعرفان”، مبينا أن التلفزيون الأردني ولد في ليلة تعيش فيها الأمة والأردن أخطر مرحلة عرفها التاريخ الحديث، وربما تاريخ الإنسان على مر القرون.
وبين المناصير أن التفكير والتخطيط لإنشاء محطة تلفزيونية أردنية بدأ منذ عام 1964 حتى اكتملت جميع التجهيزات وإرسال مبعوثين من الأردن للتدريب على عمل التلفزيون إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا ولبنان.
ولفت إلى أنه في مطلع السبعينات أصبح البث على قناتين إحداهما باللغة العربية والأخرى بلغات أجنبية، وكانت أول قناة عربية في العالم العربي تبث باللغات الأجنبية، وأصبح منذ ذلك الحين في حالة متفردة بالعالم العربي يقدم نشرات الأخبار بأربع لغات، وسبق جميع الهيئات التلفزيونية العربية في البث التلفزيوني الملون ما مكنه أن يصبح مركزا لاستقطاب الدراما.
وأكد أن أول تلفزيون أخذ دور الريادة في المنطقة هو الأردني حيث ارتبط في عام 1972 بمنظومة الأقمار الصناعية عن طريق المحطة الفضائية في منطقة البقعة، فنقل الأحداث السياسية والرياضية الكبرى، مثل هبوط الإنسان على القمر والمباريات والدورات الرياضة العالمية مثل كأس العالم ودورات الألعاب الأولمبية.
وقال إنه في عقدي السبعينات والثمانينات استطاع التلفزيون النهوض بالدراما الأردنية، وفرض الإنتاج التلفزيوني الأردني نفسه بقوة على خريطة الإنتاج العربي حيث أصبح منافسا قويا للإنتاج الدرامي العربي، كما أصبح محل ثقة وتقدير المشاهد الأردني والعربي على حد سواء.
ونوه إلى أن مطلع التسعينيات وفي ظل الثورة التقنية الهائلة التي شهدها العالم في ذلك الحين، أصبحت دائرة الأخبار في التلفزيون الأردني أول دائرة أخبار في الوطن العربي تدخل نظام الحاسوب في معالجة وتحرير الأخبار.
وقال أحد أهم مذيعي التلفزيون الأردني غالب الحديدي إنه التحق بالعمل الإعلامي في عام 1958 لدى إذاعة الأردن، ثم التحق للعمل بإذاعة المملكة العربية السعودية ثم التلفزيون السعودي حتى عام 1975 ثم التلفزيون الأردني.
واستذكر الحديدي عددا من زملائه الإعلاميين في ذلك الوقت، منهم سمير مطاوع وعرفات حجازي وهند التونسي، مبينا أن فنيي الصوت كانوا يأتون من إذاعة القدس في رام الله إلى عمان لإدامة البث الإذاعي في إذاعة الأردن.
ولفت إلى أن العمل كان عبارة عن أسرة صغيرة رئيسها رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل، وكان المذيع يتحمل كل المسؤولية ويعمل محررا وممنتجا ومخرجا، وكان اللباس محددا ولم تكن الألوان متاحة مثل اليوم.
وقالت المذيعة سوسن تفاحة إنها تشرفت بالعمل بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني في عام 1979، حيث كانت منارة في المنطقة العربية، وكان العاملون فيها مجتهدين بتأسيس الكثير من محطات التلفزة في العالم العربي.
وأضافت “أن التلفزيون والإذاعة هما منزلي الثاني، وعملنا بجد لنخرج للمشاهد بأفضل إنتاج يتميز به الأداء الجيد والمعلومات الصحيحة واحترام ذوق المشاهد، وكانت تربطنا الأخوة والزمالة والتنافس الإيجابي على الأداء بالرغم من كل الصعوبات التي كانت تواجهنا في تحرير نشرة الأخبار وإعدادها لأنها كانت تطبع على الآلة الطابعة، وذلك بعد تفريغ الأخبار التي تأتينا من وكالات الأنباء المختلفة”.
الكاتب والصحفي الإعلامي محمود الزيودي قال إن الإذاعة الأردنية سبقت التلفزيون في منطقة أم الحيران، وكان البناء على أرض مملوكة للحكومة، وكانت الإذاعة مفصولة عن التلفزيون وقتها.
وأضاف أن التلفزيون لم يكن مشاهد بالقرى والأرياف والبوادي، وكان حكرا على أهل المدن الذين لديهم كهرباء، إلى أن استطاع التجار استيراد أجهزة التلفزيون التي تعمل على بطارية السيارة، وهكذا استطاع أهل القرى والأرياف مشاهدته، وهو ما وثقه في مسلسل المشراف.
ولفت إلى أن التلفزيون واصل تطوير الفنون الأردنية خاصة الغنائية، وبدأ بإنتاج المسلسلات الأردنية التي غزت الوطن العربي كله بسبب قربها من المجتمع العربي، وكان له الشرف بأن كتبت أول 10 مسلسلات عن الأردن، وبثت من كل تلفزيونات الوطن العربي حيث لم يكن يوجد وقتها فضائيات، وكانت في البدايات من إنتاج التلفزيون الأردني إلى أن أسس التلفزيون الشركة الأردنية لإنتاج المسلسلات.
وبين أن التلفزيون مر بمراحل تطور كثيرة واكب من خلالها الألوان، وكان يبث بالأبيض والأسود ثم بدأ ببث الملون، وإضافة إلى تطور الأجهزة، لافتا إلى أن الأجهزة كانت قديما معقدة وكبيرة ومع تطور التقنية العالمية للصورة بدأ باستخدام كاميرات حديثة.
وقالت الإعلامية سوسن مبيضين إن من أهم ما يميز التلفزيون كان نشرة الثامنة مساء والتي كان ينتظرها الجميع بشكل عام حيث كان التحضير لها يبدأ صباحا على قدم وساق لغاية آخر الأخبار قبل النشرة بدقائق، لافتا إلى بدايات عملها في قسم الأخبار عام 1989.
وبينت أن التلفزيون تميز بالبث على الهواء مباشرة سواء باستضافة المحللين السياسيين أو من خلال البث للمندوبين على الهواء مباشرة في المناسبات الوطنية، وأثناء نقل المهرجانات الوطنية والاحتفالات والأحداث الرسمية.
وعرض الكاتب والباحث نبيل عماري لتاريخ التلفزيون والأغنية الوطنية الجميلة مثل جسر العودة وشوارع القدس العتيقة وزهرة المدائن وأغاني الفنانة سميرة توفيق وتوفيق النمري ونشرة الأخبار التي يطل منها إبراهيم شاهزاده، ويتحدث عن الناطق العسكري بما يلي عن حرب الاستنزاف بين الجيش العربي وإسرائيل.
وقالت المذيعة إيمان ظاظا إن التلفزيون الذي جمع من السنوات خمسا وخمسين عاما يأخذها إلى أعياد عديدة، وكان جزءا من الفرح على مدار ثلاثين عاما، والحديث عن التلفزيون له شجن وذكريات في جوف قلوبنا، وصور محفوظة في العيون.
وأضافت أن التلفزيون كان صرحا شامخا، وله قيمة نفخر بها جميعا، وكان العاملون على قدر كبير من الإبداع والإخلاص والتميز والخبرة.
ولفتت إلى أن التلفزيون الأردني يستحق بعد هذه السنوات الطوال من العطاء والتميز أن يقدم له كل الدعم ليبقى متميزا لأنه بقي على الدوام محافظا على ثوابت الدولة الأردنية.
(بترا)–إيمان المومني–
التعليقات مغلقة.