هل يتمكن اتحاد 6 أحزاب تركية معارضة من إسدال الستار على 11 عاما من سيطرة إردوغان؟
تركيا – يعد تحالف المعارضة التركية في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أيار (مايو) الحالي، بقطيعة مع عقدين من إرث الرئيس رجب طيب إردوغان.
هذا ما يَعد به مرشح التحالف الوطني للرئاسة كمال كيليتشدار أوغلو، ويضيف “جمهوريتنا ستتوج بالديمقراطية”، وبحسبه فإنه وتحالفه يريد إنهاء “نظام الرجل الواحد”، وهي صيغة يكررها للتنديد بتركز السلطات بين أيدي الرئيس إردوغان.
وفي برنامجه الانتخابي والذي ضمنه في 240 صفحة، وعد التحالف الذي يضم ستة أحزاب بالتخلي عن النظام الرئاسي الذي اعتمد عام 2018 والعودة إلى فصل صارم بين السلطات مع “سلطة تنفيذية تحاسب” على قراراتها.
وتريد المعارضة العودة إلى نظام برلماني توكل فيه صلاحيات السلطة التنفيذية إلى رئيس وزراء منتخب من البرلمان. ينتخب الرئيس لولاية واحدة مدتها سبع سنوات.
واعتبرت برتيل أودر أستاذة القانون الدستوري في جامعة كوش في إسطنبول إن “تغيير النظام لن يكون سهلا بسبب السقف البرلماني المرتفع جدا البالغ 3/5 اللازم للمراجعات الدستورية”.
وتَعد المعارضة بـ”قضاء مستقل ونزيه” والافراج عن العديد من السجناء.
ويؤكد كيليتشدار أوغلو أنه سيفرج عن صلاح الدين دميرتاش الشخصية الرئيسية في حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والعدو اللدود للرئيس أردوغان، والمسجون منذ عام 2016 بتهمة “الدعاية الإرهابية”.
ولم يقدم حزب الخير وهو التنظيم القومي النافذ للاكراد والمنضوي تحت راية احزاب التحالف الوطني أي اقتراح ملموس لحل القضية الكردية.
وتريد المعارضة إحياء حرية التعبير وحرية الصحافة. كما يريد زعيمها إلغاء جريمة “إهانة الرئيس” التي جعلت من الممكن خنق الأصوات المعارضة ووعد الأتراك بأنهم سيكونون قادرين على “انتقاده بسهولة”.
ويسعى رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، لضمان إدراج وضع الحجاب ضمن القانون بهدف طمأنة الناخبات المحافظات اللواتي يخشين أن يقوم حزبه المعروف تاريخيا بمعارضته للحجاب، بتغيير المكتسبات التي تحققت في ظل رئاسة إردوغان.
وقال “سندافع عن حق كل النساء” متعهدا أيضا باحترام “معتقدات ونمط حياة وهويات كل فرد” خلافا لإردوغان الذي غالبا ما يصف المثليين والمتحولين جنسيا بأنهم “منحرفون”.
ووعد أوغلو أيضا بإعادة تركيا إلى اتفاقية اسطنبول التي تفرض ملاحقة منفذي أعمال العنف ضد النساء والتي انسحبت منها أنقرة في 2021.
وتتعهد المعارضة بقطيعة مع سياسة إردوغان الذي خلافا لكل النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يعتزم مواصلة خفض نسب الفوائد رغم التضخم الذي يفوق نسبة 50 %.
ويؤكد التحالف الوطني أنه سيعيد التضخم إلى “دون نسبة 10 % بحلول عامين” وإنه “سيعيد لليرة التركية مصداقيتها” بعدما خسرت حوالي
80 % من قيمتها في خمس سنوات مقابل الدولار.
لكن إردال يالتشين أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانس (ألمانيا) يقول إنه “أيا كان الفائز في الانتخابات، فمن غير المرجح أن يتعافى الاقتصاد التركي بسرعة”.
وتسعى المعارضة الوصول إلى “عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي” كما قال أحمد أونال تشفيكوز المستشار الخاص لأوغلو. لكن دبلوماسيين ومراقبين لا يتوقعون حصول تقدم على المدى القصير أو المتوسط.
وإدراكا منها أن أنقرة أزعجت حلفاءها في حلف شمال الأطلسي من خلال إقامة علاقة مميزة مع موسكو منذ عام 2016، فإنها تسعى لإعادة تأكيد مكانة تركيا داخل الحلف مع الحفاظ على “حوار متوازن” مع روسيا وهي على قناعة بأنها قادرة على المساعدة في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
لكن الأولوية، بحسب تشفيكوز ستكون إعادة العلاقات مع سورية معتبرا أن المصالحة حتمية من أجل ضمان عودة 3.7 مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا “على أساس طوعي” وفي غضون أقل من عامين. وهو وعد يثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتأخذ الانتخابات الرئاسية التركية المقررة في 14 أيار (مايو) الحالي طابع استفتاء حول تأييد أو معارضة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي يواجه للمرة الأولى معارضة موحدة بعد 20 عاما على توليه السلطة.
وفي سن 69 عاما، عاد إردوغان الذي غاب لثلاثة أيام هذا الأسبوع بسبب إصابته بفيروس معوي، ليظهر، السبت الماضي مبديا تصميما على البقاء خمس سنوات إضافية على رأس هذا البلد الذي يعد 85 مليون نسمة والذي قام بتغييره بالعمق.
وينافسه في الانتخابات ثلاثة مرشحين بينهم خصمه الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو (74 عاما) مرشح تحالف من ستة أحزاب معارضة تشمل اليمين القومي وصولا إلى اليسار الديمقراطي ويهيمن عليه حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
وتلقى كمال كما يقدم نفسه على الملصقات الدعائية، الجمعة الماضي، دعما غير مسبوق من حزب الشعب الديمقراطي اليساري والمؤيد للأكراد الذي دعا للتصويت لصالحه.
وبين حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ برئاسة، إردوغان وحزب الشعب الجمهوري العلماني الذي يمثله كيليتشدار أوغلو، سيختار 64 مليون ناخب تركي بين نهج واحد من التيارين. وسيجددون أيضا أعضاء البرلمان.
وتتوقع الاستطلاعات انتخابات رئاسية حامية يؤكد الطرفان أنهما قادران على الفوز بها من الدورة الأولى- وإلا فسيتم تنظيم دورة ثانية في 28 الشهر الحالي.
وبدأ 3.4 مليون ناخب تركي في الخارج التصويت، الخميس الماضي، فيما سيدلي 5.2 مليون من شريحة الشباب بأصواتهم للمرة الأولى في هذه الانتخابات. هؤلاء لم يعرفوا سوى إردوغان ونزعته السلطوية منذ التظاهرات الكبرى التي جرت في 2013 والتي عرفت باسم جيزي وخصوصا محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
وتوجه إليهم كيليتشدار أوغلو الذي جعل رسم القلب بالأصابع شعار تجمعاته الانتخابية “من خلالكم سيأتي هذا الربيع”.
العامل الآخر غير المعروف في هذا الاقتراع، هو أثر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 شباط (فبراير) الماضي وأوقع أكثر من 50 ألف قتيل وعددا غير معروف من المفقودين في جنوب البلاد. فقد واجهت الحكومة اتهامات من المعارضة بالتأخر في بدء عمليات الإغاثة في المناطق المنكوبة التي بات سكانها موزعين الآن في أماكن أخرى أو لاجئين.
هذا الوضع يضاف إلى القلق حيال نظامية العمليات الانتخابية و”وضع الديمقراطية” في تركيا كما حذر مجلس أوروبا الذي سيرسل 350 مراقبا إلى البلاد، بالإضافة الى هؤلاء المعينين من قبل الأحزاب في 50 ألف مكتب اقتراع.
واتخذت المعارضة زمام المبادرة عبر حشد 300 ألف مدقق ومضاعفة عدد المحامين المدربين على مراقبة الانتخابات بحسب ما قال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المسؤول عن أمن الانتخابات أوغوز خان ساليجي.
وعلى الرغم من ضخامة التحدي يعبر هذا المسؤول عن ثقته قائلا “نحن لا نعيش في جمهورية موز. السلطة ستتغير كما تغيرت عام 2002” حين تولى حزب العدالة والتنمية السلطة.
يذّكر هذا الخبير في الحياة السياسية المحلية بأن تركيا متمسكة بالديمقراطية قائلا “حتى حين كان العسكر ينفذون انقلابا كل عشر سنوات، كانوا يضعون سلطتهم أمام اختبار صناديق الاقتراع”، مضيفا أيضا إنها “المرة الأولى التي يتحدث فيها نواب حزب العدالة والتنمية عن هزيمة محتملة”.
في هذا الوقت يكثف إردوغان تجمعاته ووعوده الانتخابية مثل زيادة رواتب التقاعد وبناء مساكن وتخفيف فواتير الطاقة، متوجها بشكل خاص إلى النساء والشباب. وحدها الوعكة الصحية تمكنت حتى الآن من إبطاء مساره الانتخابي.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.