الإصلاح السياسي بين العبثية والشعبوية التائهة
الدكتور موفق العجلوني
–
الإصلاح السياسي بين العبثية والشعبوية التائهة
“الحق على الطليان والعوض على الله …!”
———-
أقدر عالياً ما يقوم به أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة والقيادات الحزبية والنقابية وأصحاب الصالونات السياسية من جهود مضنية في الالتقاء بفاعليات إعلامية وحزبية ونقابية واجتماعية تمثل محافظات المملكة ضمن سلسلة لقاءات تتعلق بتشريعات الإصلاح السياسي والاقتصادي. وتهدف هذه الفعاليات الى تبادل الآراء والاستماع لوجهات النظر المختلفة، تمهيداً لمأسسة حوار شامل يؤدي إلى توافقات حول قوانين الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي. في ضوء التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المملكة استئناساً بالتوجيهات الملكية السامية بتعديل قوانين الانتخاب والأحزاب والادارة المحلية.
ارغب بالتوقف عند بعض المفاصل في الجسم السياسي الأردني والذي نهشته مشارط بعض القيادات السياسية التي تربعت على اصدار الوصفات التشريعية و أوامر الصرف المالية برصيد او بدون رصيد و بسند قانوني و بلا سند ، حيث ادخلونا في غرفة انعاش صندوق النقد الدولي ،علاوة على غرفة طوارئ مؤسسة الضمان الاجتماعي ، و صناديق الزكاة و العمل الخيري للدل الشقيقة والصديقة ، الامر الذي اصبحنا فيه بحاجة عاجلة الى مجموعة من الأطباء المتخصصين في مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و ابرز هذه المفاصل والتي تم التطرق اليها في هذه اللقاءات :
- إصلاح الإدارة العامة التي تراجعت كثيراً في الآونة الأخيرة :
- تكريس انضباطية الموظف العمومي .( رئيس وزراء ، وزير ، امين ، سفير ، مدير عام )
- رفع كفاءة الموظف .
- رفع إنتاجية الموظف .
- صعوبة الوضع الاقتصادي في ظل الظروف الراهنة :
- ارتفاع نسب الفقر والبطالة بأرقام مخيفة.
- اقامة مشاريع كبرى.
- تحقيق النمو وإزالة كل معيقات الاستثمار.
- معالجة العجز الكبير في الموازنة العامة .
- اعلاء الصوت دفاعا عن الوطن في مواجهة محاولات خارجية لزعزعة الاستقرار وزرع الفتنة بين ابناء الشعب الواحد عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال خطاب الكراهية .
خطوة تشكر عليها هذه القامات الوطنية صاحبة المبادرات والتي قلبها على الأردن، في تنظيم لقاءات مع مختلف الفاعليات، والاستماع إلى مطالبهم وآرائهم حول الإصلاح السياسي بما يفضي إلى حالة ديمقراطية تعددية، يتمكن خلالها الشعب من اختيار مجلس نواب من كتل حزبية ووطنية ذات برامج واقعية وصولاً إلى حكومة برلمانية.
باعتقادي و هذا رأيي المتواضع، اننا ” ننفخ في قربة مخزوقة” ، و مع كل احترامي للقامات الأردنية المبادرة والمشاركة والحاضرة والغائبة . لقد ناديت إذا اسمعت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي … كثرة الطباخين تحرق الطبخة … وكثرة البهارات تنزع الشهية. الحل واضح كضوء الشمس في النهار و كضوء البدر في منتصف ليالي شهر رمضان المبارك .
طرح جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله الأوراق النقاشية السبعة، و التي تشكل خارطة الطريق للمرحلة القادمة، وتحتاج هذه الأوراق إلى مناقشة لوضع استراتيجية شاملة سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً .
الطامة الكبرى، ان الكل يتغنى بهذه الفتاة الجميلة بذكائها ويتغزل بجمالها واناقتها واخلاقها واصلها و شرفها و ثقافتها و اطلالتها و اصلها الرفيع و عائلتها الضاربة جذورها في المعمورة …وعرض صورها في كل وسائل الصحافة والاعلام، و التغزل و التغني بها و بكل بحور الشعر. و لكن المأساة لا أحد يخطب ودها و يقترن بها، لان الاقتران بها سيجلب لأردننا الحبيب كل الخير . نعم هذا هو حال الأوراق النقاشية السبعة والتي تحمل في طياتها و مضامينها كافة الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية و تتضمن الخطط الإدارية والخطط الاستراتيجية لحل الخلل الإداري في الدولة و حل مشاكل البطالة والفقر و العجز في الموازنة ، علاوة على تعزيز مفاهيم الديمقراطية و حرية الرأي و إيجاد قانون انتخاب عصري يلبي رغبات كافة الاطياف السياسية والاجتماعية في الأردن .
اين هم الإصلاحيون الذي تركوا بصمات واضحة في بناء الأردن القوي سياسياً و اقتصاديا و اجتماعياً ( رؤساء …! وزراء …! ، سفراء …! مسؤولون …!!! و و و !) لماذا لا يتم تشكيل لجنة / بطانة صالحة من الكفاءات الأردنية و التي يشهد لها القاصي والداني و لها إنجازات و بصمات واضحة في تاريخ الأردن الذي نحتفل باستشراف مئوية الثانية والتي يفترض ان ننتقل اليها من الكم الى النوع ، و من التجويد الى الابداع و التمييز ، بالتجديد لا بالترقيع ، بالتنوير لا بالتجهيل ، بالتعلم لا بالتلقين ، بالمحبة لا بالكراهية ، بالمودة والرحمة لا بالعنف ، بالوحدة لا بالتفرقة ، بالمصداقية لا بالمكر والخداع ، بالتودد والتراحم لا بالعنف ، بالسخاء لا بالبخل ،بالتواصل لا بالقطيعة ، و بالعمل بروح الفريق الواحد لا بالأنانية ، و بالولاء للوطن لا بالخيانة ، و نخرج من صندوق الضعف والهوان و البكاء على الاطلال .
ليخرج علينا رؤساء الوزارات والوزراء والوكلاء/ الأمناء والسفراء والمدراء والمسؤولون الذين كان لهم إنجازات واضحة على مستوى الوطن. بنفس الوقت ليخرج علينا قضاة صدق ومكافحي فساد يبينوا اين أخفق هؤلاء الذين تربعوا على رقبة الوطن الى درجة كادوا ان يخنقونه، فأما ان نكتشف نجاحاتهم على مستوى الوطن واما ان نكتشف اخفاقاتهم وفسادهم وعندها ليرمى بهم في “عقر بيوت خالاتهم ” ليأخذوا هم وغيرهم الدروس والعبر. وباعتقادي ان لدينا زمرة من هؤلاء، والا لما وصل حال بلدنا الحبيب الى هذا الحال من العبثية وسوء الإدارة والفساد والمحسوبية. و بعد ان كنا القدوة للأشقاء و الأصدقاء و العالم بأكمله، اصبح ينطبق علينا الآية الكريمة، بعد بسم الله الرحمن الرحيم : إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ للفقراء وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْعَٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . صدق الله العظيم .
لا يوجد لدينا وقت للقاءات هنا وجلسات هناك، وخلوة هنا وخلوة هناك، وحوارات هنا وحوارات هناك. نحن بحاجة الان ان نعض بالنواجذ على الأوراق النقاشية الملكية و ان يشعر المواطن الأردني بنتائج إيجابية، هناك من هو مصاب بالتخمة من المسؤولين، وهناك من يئن من الجوع والمديونية والفقر والبطالة، كفانا تنظير و اجتماعات و لقاءات لا تغني ولا تسمن من جوع .
انظروا الى الدول الأخرى والتي كانت تنشد ود الأردن والاردنيون لأخذ العلم والمعرفة والتجربة والمراس، واستقطاب الكفاءات الأردنية من معلمين وأطباء ومهندسين واعلاميين. حتى رجال أعمالنا ومستثمرينا الأردنيين هربوا الى دول الجوار، ومؤسساتنا الأردنية بعناها بأرخص الاثمان. كنا المثل الأعلى في كل المجالات والقدوة المثلى للجار والشقيق والصديق، لماذا تراجعنا من اعلى السلم الى الدرجات الدنيا، من المسؤول … ؟؟؟” الحق على الطليان و العوض على الله ” … !!!
بقلم السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام لمركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية