في القدس… !
د. مفضي المومني
–
خجلون… امام الإبتسامة المجاهدة… خجلون أمام الصمود لأهل القدس وفلسطين، خجلون امام عنفوان وصلابة امهاتنا في الشيخ جراح، خجلون لأننا عرب… ولأن فعلنا لا يرتقي لمستوى صرخة أم أو قفزة شاب فوق جنود الإحتلال، أو إبتسامات المنتصر وهو يعتقل، خجلون من سلاح الحجارة… خجلون من خنوع أمة، باعت نفسها بالذل ونسيت أن الله غالب على أمره، وأن قوتك تبدأ من ذاتك وهزيمتك تبدأ من ذاتك أيضًا.
اتنقل بين ابيات قصيدة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي… في القدس والتي تبعث فينا عمق الجرح وتداعياته، من مطلعها:
مَرَرْنا عَلــى دارِ الحبيب فرَدَّنا
عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفســي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ
فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ
إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُـسَرُّ
ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها
فإن سـرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه
فليسَ بمأمـونٍ عليها سـرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً
فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
ونقول لك يا تميم… حمدا لله أن الجيل الذي كنا نعتقد أنه نسي فلسطين في خضم آلة الدعاية الصهيونية والمنحى الإنبطاحي الإنهزامي للأمة، ومغريات الحياة والتكنولوجيا… .! فاجأنا حد الإبهار… وخرجوا علينا بكل معطيات الرجولة وأدوات الصمود، شباب لا يعرفون الخوف، فلسطين والقدس همهم الأول، مستعدون لبذل الروح ليعود الأقصى… فلا التغريبة الفلسطينية ولا إغراءات الحياة انستهم فلسطين، فلسطين في قلوبكم وعقولكم مثلما هي في قلوب وعقول الأحرار من امتنا من شرقها إلى غربها… هو وعد الله (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7 الإسراء )،
نعم سيعلون ويعيثوا في الأرض فسادا، ولكن سندخل المسجد كما دخلناه أول مرة، والعارفون في الصهاينه مثل جمعية ناطوري كارتا وغيرهم، يعرفون أن نشوء الدولة هي بداية النهاية، ولا زالت ترن في أذني صرخات الأم الفلسطينية وهي تصيح أن إسرائيل دولة وهمية وأن النصر آت لا محاله، نحن بحاجة لنعود لأنفسنا وقوتنا وذاتنا، الشعوب تصنع المعجزات… قد تخسر معركة لكنها لا تهزم، تخيلوا لو أن بلاد العرب أوطاني متحدة..! فلن تصمد اسرائيل ساعة واحده، ويبقى الأمل بالله كبير وبأمتنا أن تخرج من سباتها الذي طال، ونبقى خجلين أمام كل فلسطيني مقاوم وأمام كل أم فلسطينية تصنع النصر والرجال وتزغرد للشهداء… منطق القوة هو اللغة التي يفهمها العالم ويفهمها الصهاينة، فلنعمل لذلك، وما ذلك على الله بعزيز… ونبقى خجلين أمامكم أبناء الأقصى وأنتم تذلون الصهاينه، ونحن نشيح بوجوهنا عن صوركم البطولية، خجلين من أنفسنا لأننا لسنا معكم…ولا نشارككم الجهاد والدم… حمى الله القدس وفلسطين وعجل لنا بالعودة وإزالة المحتل… وحمى الله الأردن.