البلقاء.. نشاط حزبي يصطدم بتحدي استقطاب الشباب
البلقاء- شهدت محافظة البلقاء خلال الفترات الماضية، حراكا لافتا لأحزاب يمكن وصفها بـ”الصاعدة”، سعيا لتأسيس قواعد شعبية وزيادة عدد المنتسبين إليها، من خلال عرض برامجها ورؤيتها، فيما بدا اهتمام تلك الأحزاب في خطابها ورسائلها منصبا صوب الشباب.
إلا أن الشباب في المحافظة، ينقسمون في آرائهم بين متحمس لخوض التجربة الحزبية بناء على التطورات التي يشهدها هذا الملف، ورافض أو متردد لفكرة خوض الحياة الحزبية باعتبارها من وجهة نظرهم غير مجدية لصالح اهتمامات أخرى أغلبها يتعلق بتحسين الواقع المعيشي والتخلص من شبح البطالة.
الشاب عبد الرحمن ارشيدات، يقول إنه تلقى دعوة من قبل أحد أصدقائه قبل أشهر لحضور فعالية أقامها حزب تم تأسيسه حديثا، بهدف الاستماع إلى طروحات ذلك الحزب ليقرر ما إذا كان سينضم له أم لا.
ارشيدات يؤكد، أنه اعتذر لصديقه عن عدم حضور تلك الفعالية، مشيرا إلى أن فكرة الانضمام لأي حزب لا تستهويه أو تثير اهتمامه، كونه ما يزال يبحث منذ تخرجه من الجامعة قبل 3 سنوات عن فرصة عمل مناسبة بمجال تخصصه في مجال المحاسبة.
وأضاف، أن ما ينطبق عليه يكاد ينطبق على معظم الشباب الذين يخطف تفكيرهم واهتمامهم هو تحسين واقعهم المعيشي وإيجاد فرص عمل تمكنهم من بناء مستقبلهم، مشددا من وجهة نظره على أن “الاهتمامات السياسية لدى الشباب في محافظة البلقاء محدودة، علما أن نسبة كبيرة من أبنائها ملتحقون في الجيش والأجهزة الأمنية ولا يحق لهم الانتساب لأي حزب، بالإضافة إلى وجود انطباع تقليدي لدى الشباب بأن العمل الحزبي يؤثر سلبا على فرص عملهم في القطاع الحكومي”.
ومن وجهة نظر الشاب عماد العبادي، فإن “المحبط للشباب هو ضعف وتواضع الحياة الحزبية في الأردن بشكل عام، وإخفاقها في أن تلعب دورا أساسيا ومؤثرا في المشهد العام”، مبديا في الوقت نفسه عدم تفاؤله من نجاح فكرة تشكيل حكومات برلمانية من خلال الأحزاب، لاعتبارات قال إن أبرزها يتعلق بعدم وجود خبرة في إدارة المشهد العام وما يترتب عليه من تعقيدات.
وأضاف العبادي، أن العديد من الأحزاب وفي مختلف أنحاء المملكة وليس بمحافظة البلقاء وحسب، تقوم باستقطاب منتسبين لها في إطار ما أسماه “المونة أو الفزعة”، بهدف إظهار أن لها قواعد جماهيرية، بحيث لا يكون الانتساب عن قناعة وعن رغبة في الانخراط بأعمال الحزب على أرض الواقع.
لكن الشابة راية حسن، تتبنى وجهة نظر مخالفة لكل من ارشيدات والعبادي، قائلة إنها انتسبت قبل أشهر إلى أحد الأحزاب الجديدة، كونه يركز على الطاقات الشبابية ويفرد لفئة الشباب مساحة واسعة في صنع القرار بداخله.
وأكدت حسن، أنها انضمت إلى الحزب بعد فعالية أقامها في مدينة السلط مؤخرا، وذلك بعد تلقيها دعوة من أصدقاء سبقوها بالانضمام إليه، مشيرة إلى أنها اطلعت على أهداف وبرامج الحزب.
ودعت حسن، إلى ضرورة تغيير التفكير النمطي من قبل الشباب تجاه الأحزاب، والإيمان بأن هناك تجربة جديدة تشهدها المملكة ويجب أن يكون للشباب دور وصوت فيها، لافتة إلى أهمية تطلعات جلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد الأمير الحسين، ودعمهم للشباب في هذا الاتجاه، وتحديدا فيما يتعلق بالعمل الحزبي والسياسي لطلبة الجامعات دون أن يؤثر ذلك على سير العملية التعليمية.
ويتفق الشاب حسام باكير مع طرح الشابة راية، مضيفا أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، ستكون مفصلية وحاسمة لجهة الكشف عن مدى حجم وتأثير الأحزاب، لا سيما الجديدة والصاعدة منها، معتبرا أن انخراط الشباب في العمل الحزبي في هذه المرحلة مهم ومن الممكن أن يُحدث فارقا في مدى انتشارها وقوة دورها.
وأضاف باكير، أن هناك ضعفا في خطط وآليات الأحزاب في الوصول إلى الشباب، يضاف إليه حالة من انعدام الثقة من قبل الشباب بدور حقيقي وفاعل للأحزاب، واصفا النشاط الحزبي في أوساط الشباب بمحافظة البلقاء بـ”المحدود”، ما يتطلب من وجهة نظره “خطابا يلامس قضايا وهموم الشباب ويستخرج طاقاتهم ويشحذ هممهم ببرامج ورؤى واقعية لا على الورق فقط”.
من جهتها، أقرت مصادر بأحزاب نشطت خلال الفترة الماضية بمحافظة البلقاء، أنها اصطدمت بالفعل في صعوبة القدرة على استقطاب أعداد كبيرة من الشباب للانضمام إليها، مشيرة إلى أنها تواصل السعي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب بوسائل وأدوات عدة.
ولدى سؤالها عن استقطاب منتسبين للأحزاب من خلال ما يسمى بـ”المونة أو الفزعة”، رفضت المصادر تلك التسمية، مع إشارتها إلى أن هناك انتسابات تكون من خلال العلاقات والمعارف والتي تتسع دائرتها مع مرور الوقت، بحيث يؤثر كل شخص منتسب في آراء آخرين ويدفعهم للانتساب.
وأقر أحد تلك المصادر، بمحدودية نسبة الشباب المنتسبين لحزبه الجديد في محافظة البلقاء، قائلا إنها تبلغ نحو 200 شاب من أصل 900 منتسب من أبناء المحافظة ذكورا وإناثا، لافتا إلى أن هذا الأمر “حال بقية الأحزاب”، لكنه أشار إلى أن حزبه ما يزال في ذروة حملاته الترويجية لاستقطاب المزيد من المنتسبين في مختلف أنحاء المملكة.
إلى ذلك، قال دكتور العلوم السياسية بدر عارف الحديد لـ”الغد”، إن الأحزاب دخلت بالفعل في مرحلة مفصلية بمسار التحديث السياسي بعد قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، وهي أمام اختبار إثبات نفسها في الانتخابات النيابية المقبلة.
وشدد الحديد على أهمية التقاط الأحزاب لتوجيهات جلالة الملك في الاهتمام بالشباب وزيادة مشاركتهم في الحياة السياسية بشكل حقيقي وفاعل وليس شكليا، لافتا في الوقت ذاته إلى ضرورة تحديث الأحزاب لخطاباتها وأدواتها المتعلقة بالشباب.
واعتبر أن الشباب هم “كلمة السر” في نجاح أي حزب، وبالتالي يجب إعطاؤهم دورا أساسيا في صناعة المواقف والقرارات، جنبا إلى جنب مع أصحاب الخبرات والباع الطويل في العمل الحزبي.
التعليقات مغلقة.