يعقوب ناصر الدين ومزيد من الغايات
الدكتور موفق العجلوني
=
بقلم / السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
=
استوقفني حديثين لسعادة العين الدكتور يعقوب ناصر الدين بعنوان” مدخل الغايات” ، والثاني “مزيد من الغايات ، حيث تحدث عن تطوير ومأسسة القطاع العام وحوكمة المالية العامة باعتباره الغاية الأولى التي يفترض أن يعمل عليها الحزب البرامجي، وذلك لأنه لا يمكن تحقيق الأهداف المرسومة لبقية القطاعات ما لم تكن مؤسسات الدولة قادرة على القيام بمسؤولياتها على أفضل وجه، وما لم تتم إعادة هيكلة الإستراتيجية المالية وسياساتها، وإعادة هندسة إجراءاتها، بما يضمن ترشيد الإنفاق وتنمية الايرادات.
كلام في قمة الحكمة و العقلانية و بعد النظر، و لااجمل ولا أحلى … ولكن…!!! :
أدخلنا الدكتور ناصر الدين في نفق من الغايات،وحاولت السير في هذا النفق بتأني دون اقتراف اية مخالفات سير او قطع إشارات ضوئية حمراء مع الانتباه الى كافة المطبات الرسمية والعشوائيةوالعوائقالمرورية،لعلي أجدأحد” المتحوزبين ” قداضاء ولومن خلال غاية واحدة بصيص نور في هذا النفق، او حتى اخذ بيدي ليوصلنا الى اخر النفق او يمنحنا غاية تنير لناالطريق.كونالغايات هي مجموعة أهداف شمولية تتمثل بأفضليات عامة وفق اعتبارات عمل منظمة الأعمال وطبيعة الظروف البيئية المحيطة بها، أما الأهداف فهي في الواقع حالة بينية موجودة من أجل تحويل الرسالة والرؤية إلى قياسات محددة بتسلسل منطقي ضمن اعتبارات تعمل على تحقيقه .
من هنا ، كون الأهداف والغايات الاستراتيجية هي الضوء الذي يضئ لنا اخر النفق ، الا انه يبدوا أي الصورة التكاملية بين القطاع العام و القطاع الخاص الذي يشكل بطريق اوأخر الاحزاب ، لا زالت مفقودة ، و بالتالي في ضوء التصريحات والشعارات الحزبية و التغذية الراجعة عن النسبة الفقيرة من المنتسبين للأحزاب على طول الوطن و عرضه ، تبقى الأمور بين الاخذ والرد ،و نبقى نترنح يميناً و شمالاً لا نعرف على أي بر او بحر نرسي ، اللهم باستثناء البحر الميت و البحر الأحمر / خليج العقبة اللذان يجودان علينا بجرعات من تنفس الصعداء و تغذية اقتصادية و سياحية و انطلاقة بحرية الى العالم .
من هنا لا بد ان تكون الصورة واضحة وجلية على كافة الجوانب و كيفية الوصول الى تحقيق الغايات من خلال الخطط الاستراتيجية المبنية على دراسات معمقة و برامج واقعية لا شعبوية قابلة للتحقيق والانجاز بما يخدم الواقع الاقتصادي و الاجتماعي ، و يعالج مشاكل الفقر و البطالة و العجز في الموازنة العامة والعجز في الموارد المالية، والخروج بنتائج تأخذ الجانب السياسي من شرنقة التخبط و الشعارات الى تسوية الحالة التي يعاني منها الواقع الاقتصادي الى الواقع العملي والذي يبعث الاطمئنان في نفوس المجتمع ، و خاصة قطاع الشباب والذي يقع على كاهلهم المستقبل الحزبي ، لان الملاحظ من التشكيلة الحزبية هي بين القيادات الرسمية و التي تربعت على المناصب الحكومية ، و ما ان انتهت اللجنة الملكية برئاسة دولة السيد سمير الرفاعي من وجبتها الدسمة و الغنية بالفيتامينات التي تنعش الوطن ، حتى زحفت هذه القيادات على التموضع في اكناف الاحزاب والجثي على رقبتها ، والتي في الأصل ملتأصحابها، وهذا برأي من الأسباب الرئيسية لعزوف الشباب عن الانضمام للأحزاب .
ما يهمني حقيقة من الاحزاب،الغايات صاحبة الأولوية التي تعالج الخلل الاقتصادي و المسائل التي تهم المجتمع، وليس بالضرورة ان تسير الغايات حسب الاهواء وانما استناداً الى استراتيجية واضحة المعالم و برامج وطنية قابلة للتطبيق و الإنجاز و تعالج الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية و الصحية و الاكاديمية .
يبدوا ان المسألة في تصوري في المرحلة الحالية يشوبها الغموض والدولة تسير في اتجاه تحقيق الغايات، والأحزاب يبدوا لي في واد اخر. فمن حيث المبدأ، غايات الدولة واضحة كضوء الشمس،و قد لمسنا ذلك مؤخراًمن خلال لقاء دولة الرئيس الخصاونة مع الطلبة في الجامعة الأردنية، بينما غايات الاحزاب غير واضحة،الدولة في واد و الاحزاب في واد اخر.
و بالتاي كيف للحزب – أي حزب – أن يرسم إستراتيجيته من دون أن يضع في مقدمة أولوياته البعد الاقتصادي و البعد الاجتماعي و البعد السياسي والبعد الإعلامي الذي يشكل العنوان الأهم في برنامجه الذي سيقدم نفسه من خلاله إلى جمهور الناس كي يقتنعوا اولاً و ينضموا إليه، وإلى الناخبين كي يصوتوا لأعضائه في الانتخابات العامة، وهنا فإن العمل ضمن عناصر التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية سيفرض على قيادة الحزب وأعضائه المنهجية العلمية والخبرة العملية حيث لا مجال للشعارات ولا الانطباعات والمزايدات، وإنما للتخطيط السليم المبني على الحقائق والامكانات على أرض الواقع .
و لكي نحقق الغايات و الأهداف – و هنا اتفق مع الدكتور ناصر الدين – انه لا بد من التنسيق ” ما بين القطاعات المكونة للاقتصاد الوطني والمتمثلة أساسا في الزراعة، والصناعة، والتجارة، والطاقة والثروة المعدنية، والسياحة، ولا بد من اقتراح العناصر التي تتحقق من خلالها الأهداف الرامية إلى تفعيل وتطوير وتنمية تلك القطاعات.“و خاصة ان الأردن بلد زراعي، الا اننا اهملنا الزراعة و قضينا على الملكيات الزراعية و انتهجنا البناء العشوائي في المدن و القرى و الأرياف و البادية .
والسؤال الذي يطرح دائماً على الساحة الأردنية؟ هل الاحزاب في الأردن تعمل من منطلق برامجي،وتتقدم برؤيتها بخصوص عوامل تطوير هذا القطاعات، والمساهمة في اقتراح الحلول من خلال البحث العلمي، وخبرة الأعضاء المتخصصين في هذا المجال.
أعتقد اننا امام مرحلة صعبة في حياتنا الحزبية ونحن ما زلنا منشغلين في مراحل التأسيس الأولى علاوة على غياب الثقة في الاحزاب وفي مؤسسيها وامنائها العامين مع الاحترام والتقدير لهم على المستوى الشخصي. ولا اعرف عدد السنوات او السنين التي نحتاجها لنضوج التجربة الحزبية في ضوء غياب الرؤىوالغاياتوالأهداف والتي ترقى الى الرؤيا الملكية السامية في تحديث المنظومة السياسية والإصلاح السياسي، المساهم الرئيسي في بناء الوطن.
حمى الله الوطن
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me