“حريق جرش” مفتعل وخسائره ستمتد لعشرات السنين
جرش- فيما تتضارب أرقام الجهات المعنية حول حجم المساحة المتضررة التي أتى عليها حريق جرش، يرى مهتمون بالشأن البيئي والسياحي أن تبعات وأضرار الحريق على التنوع البيئي بالمنطقة، ستكون كبيرة وسيمتد تأثيرها لعشرات السنين.
وكان حريق قد اندلع في أحراش بلدة الصفصافة بمحافظة عجلون يوم الخميس الماضي، وامتد إلى غابات وديان الشام بمحافظة جرش وأتى على قرابة 500 شجرة معمّرة ونادرة، في وقت تشير الدلائل الأولية أن الحريق مفتعل وكان قد بدأ في أكثر من موقع بذات الوقت قبل أن ينتشر إلى مسافات كبيرة.
واستغرقت عمليات السيطرة على الحريق أكثر من يومين، وسط مخاوف تجدده، ولا تزال عملية تحديد الأضرار النهائية قيد الحصر.
وكان محافظ جرش فراس الفاعور وفي تصريح قدر بأن المساحة المتضررة من الحريق لا تقل عن 1200 دونم، في وقت أكد مدير حراج جرش المهندس فايز الحراحشة أن مساحة الضرر لا تتجاوز الـ 150 دونما وفق تقديرات خبراء المساحة في مديرية الزراعة بينما عدد الأشجار المتضررة لا يتجاوز 500 شجرة.
وما زالت فرق الزراعة والدفاع المدني ومختلف الجهات المعنية تتواجد في موقع الحريق في غابات وديان الشام وغابة كرم عقاب ونجدة والحسينيات لليوم الثالث على التوالي، لإجراء عمليات التبريد والسيطرة على الحريق ومنع تجدده خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
وكانت 4 طائرات من سلاح الجو قد شاركت بعمليات إطفاء الحريق، اضافة إلى 500 شخص من كوادر مديرية الزراعة والدفاع المدني وباقي الجهات المعنية، وأكثر من 100 آلية بمختلف التخصصات، وبذلت جهود مضنية للسيطرة على الحريق ومتابعة مواقع التبريد.
ووفق رئيس قسم الحراج في زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة فإن مساحة الحريق لم تتجاوز 150 دونما خلال الثلاثة أيام وتضم أراضي حرجية مملوكة لمواطنين وأخرى مملوكة لوزارة الزراعية ومزروعة بأشجار السنديان والقيقب واللزاب، موضحا أنه تم إجراء مسح أولي من خلال مساحي وزارة الزراعة لتحديد الأضرار، وسيتم عمل مسوحات جديدة وحصر الأضرار بصورة أدق بعد الانتهاء من عمليات الإطفاء بشكل نهائي.
ويعتقد الحراحشة أن الحريق مفتعل، قائلا إن الاطلاع الأولي على وضع الحريق الذي انتشر في عدة مواقع بذات الوقت وتجدده بين الحين والآخر يؤشر على الحريق بفعل فاعل، لافتا الى انه تم تشكيل لجان متخصصة للتحديد السبب وسيتم الإعلان عن النتائج فور انتهاء اللجان من عملها.
وجدد الحراحشه تأكيده على أن سبب استغراق عمليات الإطفاء لوقت طويل رغم الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الأيام الماضية، هو عدم وجود خطوط نار وطرق زراعية وفرعية في موقع الحريق الذي وقع بمنطقة جبلية شديدة الوعورة وتضم غابات متشابكة ويصعب السير فيها، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح، وتجدد الحريق بأكثر من منطقة في ذات الوقت.
وأكد أن مديرية الزراعة فعلت خطة مكافحة الحرائق منذ بداية فصل الصيف، وتضمنت فتح خطوط النار وتشغيل أبراج المراقبة ودوريات الحراج وتجهيز خزانات المياه وتجهيز الكوادر وآليات الإطفاء والتنسيق مع الجهات المعنية، إلا أن الحريق بدأ من محافظة عجلون أصلا وهو مفتعل وساهمت الظروف الجوية في سرعة انتشاره.
وكان المئات من سكان القرى القريبة من موقع الحريق قد شاركوا على مدار الثلاثة أيام الماضية في عمليات إخماد الحريق، من خلال إنشاء حفر وحواجز ترابية لمنع انتشار النيران إلى باقي الغابات المجاورة.
وقدر رئيس الجمعية الخضراء لحماية الطبيعة والبيئة غسان العياصرة أن حجم الخسائر كبير وفادحة جدا، سيما وأن غابة وديان الشام تقدر مساحتها بآلاف الدونمات وهي غابات نادرة على مستوى العالم وفيها تنوع بيئي نادر كما تضم ممرات سياحية مميزة.
وأبدى العياصرة قلقه من تجدد الحريق، سيما وأن طريقة التعامل مع إطفائه بدائية وافتقدت إلى التخصصية، وكان من الأولى أن يتم الاستعانة بطائرات ومعدات متخصصة في إطفاء الحرائق وفتح طرق بشكل سريع في مختلف المواقع لغاية التأكد من عمليات التبريد التي ما زالت مستمرة لليوم الثالث على التوالي.
وبين أن الظروف الجوية السائدة وارتفاع درجات الحرارة تزيد من احتمال تجدد الحريق كون المئات من الدونمات لم تصلها عمليات التبريد بعد.
وقدر حجم المساحة المتضررة بـ 1500 دونم كحد أدنى، في حال لم تجدد النيران خلال الأيام القادمة وهي مساحة تضم أمهات الأشجار من السنديان واللزاب والملول والبلوط والقيقب، وتحتاج هذه الغابة إلى مئات السنين حتى تتجدد في حال تم حمايتها من العبث.
وبين العياصرة أن أعضاء الجمعية شاركوا وقدر استطاعتهم بعمليات الإطفاء من خلال عمل حواجز ترابية لمنع انتشار الحريق إلى مناطق أوسع ومساحات أكبر، سيما وأن هذه الحواجز تعمل على إيقاف النيران رغم خطورة اقترابهم من موقع الحريق في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الدخان واللهب.
وأضاف أنه تمت مخاطبة وزارة الزراعة عدة مرات حول ضرورة مراقبة هذه الغابة وحمايتها من العبث وخاصة حوادث الحرائق، كونها الغابة الوحيدة التي لم تتعرض للحريق ويجب حمايتها بشتى الطرق وفيها ممرات سياحية وتنوع حيوي على مستوى عالمي ويجب تشديد الرقابة عليها وطبيعة الأشجار فيها متشابكة ويصعب السير فيها من شدة الكثافة الشجرية ولكن دون جدوى.
الى ذلك، قال الخبير السياحي الدكتور يوسف زريقات إن الغابة التي تعرضت للحرق من أكبر وأجمل الغابات على مستوى العالم وفيها تنوع طبيعي وحيوي نادر وغير موجود في أي منطقة أخرى وتضم أنواعا من الأشجار والحيوانات الفريدة وتعتبر من أهم الممرات السياحية لسياحة الممرات وسياحة المغامرات والسياحة البيئية وتضررها يلحق الضرر بهذا النمط السياحي.
وأكد أن قطاع السياحة الداخلية والسياحة البيئية في جرش يشهد ركودا هذا العام، فيما تزيد هذه الحوادث من عزوف السياح والمتنزهين عن القدوم إلى غابات جرش.
وقدر أن يكون حجم الضرر كبيرا، ومن الصعب تعويض أصناف الأشجار التي تضررت وأعمار بعضها يصل إلى مئات السنين، لا سيما وأن الحريق استمر بضعة أيام وهذا يرفع نسبة وحجم الخسائر البيئية والسياحية والزراعية.
التعليقات مغلقة.