الضجيج…
د. مفضي المومني
=
الضجيج… كلمة نسمعها كثيراً، وعلمياً كل من درس الهندسة الكهربائية والالكترونية والفيزياء وغيرها من العلوم التطبيقية والهندسية تعرض لهذه المفردة… (الضجيج أو التشويش؛ Noise)… وتعني في الاستعمال الشائع، الأصوات غير المرغوب فيها أو التلوث الضوضائي. وفي الكهرباء والالكترونيات هي إشارة عشوائية غير مرغوب فيها تظهر مع الإشارة المطلوبة، وفي زمن التكنولوجيا المعاصرة أصبح (الضجيج أو التشويش)؛ بصور مختلفة مثل البيانات غير المرغوب فيها، الأصوات والضجيج السمعي والبصري والالكتروني والبيئي… وغيرها من أنواع الضجيج والتي وضعت لها الدول المتقدمة قوانين ومحددات، والضجيج نسبي المفهوم، فمثلاً الهمس في قاعة المحاضرات يعد تشويشاً بينما الصراخ في حفلة موسيقية صاخبة لا يعد تشويشاً… وبكل الأحوال الضجيج والتشويش هو شيء خارج عن الطبيعي لحواس المتلقي… وله إنعكاسات سلبية مختلفة؛ نفسية ومعنوية وعضوية أحيانا، وفي هذه المقالة… خطر ببالي ما يتعرض له المواطن الأردني من ضجيج أو تشويش…من جهات مختلفة تجعل منه كائناً (زعلان وغير مرتاح… وبالعاميه مطنقر… !)… ولنستذكر بعض مصادر الضجيج على المواطن العادي… ونتخيل مدى تحمله وانعكاس كل ذلك على حياته:
1- ضجيج حكومي… الحكومات بالأصل صاحبة الولاية العامة من خلال التشريعات لتنظيم حياة الناس، ولكن… ! ضجيج البطالة والاسعار والقوانين والمحددات والحياة والدفع والضرائب والفساد، والواسطات والمحسوبيات والسياسات تشكل تشويشاً وضجيجاً يداهمنا… ولهذا هنالك فجوة كبيرة بين المواطن والحكومات… والضجيج يزداد… !.
2- ضجيج نيابي: مجلس منتخب، الأصل أنه يمثل الشعب، لكن الأداء يصدر ضجيجاً دائماً… وتشويشاً… عدم رضا هنا …وبعض رضىاً هناك… والمجلس بين مطرقة الحكومة وسندان الشعب… البعض يحاول مسك العصا من النصف والبعض يمسك بعصا الحكومة والبعض بعصا الشعب والبعض لا عصا لديه…! وفي المحصلة الضجيج النيابي حاضر حد التشويش.
3- الضجيج الإصلاحي والحزبي، الكل يريد الإصلاح… ولكن هل هنالك مصلحون..!، ومعهم اختفت الثقة… والواقع يغاير النوايا… والماضي يأسر الحاضر… والأحزاب تدق الباب، والضجيج يحجب الحقيقة… أو يظهرها… ولهذا تخفق الأحزاب لتاريخه بمتسلسلة الإقناع… ولا زالت الحزبية مجرمة ذهنياً لدى العامة رغم تأكيدات أولي الأمر والقانون بعدم تجريمها..!، حتى أن التشريعات ذكرت عدم التعرض لمنتمي الأحزاب… وهذا الذكر بحد ذاته يعد ضجيجاً وتشويشاً لذهنية الأفراد… .
4- الضجيج الحياتي؛ يواجه افراد المجتمع ضجيج حياتي يشكل معاناة وإحباط، الدخول تآكلت منذ زمن بعيد، البطالة ترزح في كل بيت وعائلة، غلاء الأسعار ومتطلبات الحياة، التعليم وكلفه الباهظة، المتطلبات اليومية ودفع الفواتير… وسلسلة لا تنتهي… تشكل ضجيجاً وتشويشاً حياتياً… لا تسعفه الأيام الجميلة الموعودة، ولا فكرة الإصلاح والتحديث المأمول… والزمن يسير ويطحن الأحلام والطموحات… وليس في الأفق ما يخفف الضجيج..!
5- الضجيج الذاتي؛ وهذا أصبح جزءً من تكوين الإنسان الأردني، ويصدره البعض لمن حولهم على شكل سلوك من الزعل، والحنق، والنفاق، والكذب وافتعال الخصومات والردح والمدح… وسلوكيات وجرائم لم يعهدها مجتمعنا.
هنالك الكثير من الضجيج…والتشويش وانواعه… تداهم المجتمع… ولكن ما الحل..؟.
في علم الكهرباء والإلكترونيات هنالك حلول للتخلص أو تقليل الضجيج والتشويش، من خلال دوائر الكترونية أساسها (المكثفات، أو المتسعات) والتي تعمل على امتصاص الشحنات الكهربائية وتفريغها بالوقت المناسب…!، وربما أصبحنا بحاجة لمتسعات عديدة وكبيرة لمواجهة كل ضجيج حيثما كان مصدره… فالضجيج والتشويش يبقى خارج الطبيعي والمرغوب، وكل جهة تصدر الضجيج يجب أن تفكر جيدا… وتعمل على التخلص منه أو تقليل ضجيجها… فالحياة أجمل دونما ضجيج… وتشويش… . حمى الله الأردن.