منذ 19 عاما.. الربط الكهربائي مع العراق “خلال شهرين”
“الأردن يبدأ مشروع تغذية العراق بالكهرباء خلال شهرين” هذا العنوان، ورد حرفيا قبل 19 عاما في “الغد” وتحديدا في العدد الأول من إصدار الصحيفة في 1 آب (أغسطس) 2004.
وجاء في ذاك الخبر الذي مضى عليه عقدين أن مدير عام شركة الكهرباء الوطنية آن ذاك د.أحمد حياصات قال “العراق استكمل الإجراءات اللازمة لتوقيع اتفاقية تغذية الأجزاء الغربية منه بالكهرباء عن طريق الأردن”.
وأورد الخبر حرفيا “الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق حالت دون إكمال مشروع التغذية بالكهرباء” وأن “العراق تعهد بتوفير الحماية الأمنية للمشروع والعاملين فيه”.
الغريب في الأمر أنه بعد 19 عاما، وتحديدا بالأمس، أفاد خبر نشرته “الغد” بما يلي “رجح مصدر عراقي مسؤول أن يبدأ الأردن بتزويد العراق بالكهرباء مطلع الشهر المقبل ضمن مشروع الربط الكهربائي”.
وما يزيد الأمر غرابة، أن المصدر الذي زود “الغد” بالمعلومات ساق نفس السبب لتأخر تزويد العراق بالكهرباء إذ قال “الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق عراقية أخيرا أبطأت مشروع الربط الكهربائي مع الأردن نتيجة اعتدءات على الأبراج في بعض هذه المناطق”.
وأكد قبل 19 عاما حين قال “الجهات المختصة في العراق بصدد اعداد خطة أمنية لحماية أبراج وخطوط مشروع الربط الكهربائي” لكن هذه المرة أشار إلى “تشغيل طيارات مسيرة لحماية هذا المشروع”.
وعلى غرار هذه التصريحات، هنالك عشرات التصريحات وربما المئات التي أدلى بها مسؤولون أردنيون وعراقيون خلال السنوات الـ19 الماضية، وكل خبر منها كان وما يزال يوحي بأن مشروع الربط سينجز خلال شهرين وربما أسبوعين.
وبعد الإعلان الموعد الجديد المنتظر لتشغيل الربط الكهربائي مع العراق مطلع الشهر المقبل، تستذكر “الغد” ذاك التأكيد الرسمي الذي ورد قبل حوالي 20 عاما وكأنه بالأمس، لكن الكهرباء لم تصل من الأردن إلى داخل العراق بعد!
منذ ذلك الوقت تعددت الظروف التي حالت دون استكمال المشروع بدءا بالسياسية والأمنية وتغيير خريطة المنطقة غير الحدودية في الوقت الذي كان ينظر للمشروع كجزء من مشاريع الربط الكهربائي العربية التي تربط الأردن بدول الجوار وصولا إلى لبنان وسورية شمالا وفلسطين غربا ومصر من ناحية القارة الافريقية.
وبعد توقف الحديث عن المشروع لعدة سنوات، عادت المفاوضات على أرض الواقع في الفترة الأخيرة ومن بين ذلك نقاشات بين الوزيرين المعنيين في البلدين خلال العام 2020، إذ تم في ذلك الوقت تداول آلية تنفيذ مشروع الربط بين البلدين والمراحل التنفيذية لإنشاء الربط الكهربائي بين الأردن والعراق وتحديد المتطلبات والمواصفات والمحددات الفنية لمحطات التحويل وخطوط النقل وغيرها من المعدات اللازمة لإتمام عملية الربط من كلا الجانبين، وتم التوقيع على آلية تنفيذ مشروع الربط الكهربائي العراقي-الأردني.
تلت المفاوضات المتكررة منذ ذلك التاريخ خطوة وضع الأردن والعراق حجر الأساس للمشروع في تشرين الأول(أكتوبر) 2022، وهو يهدف في مرحلته الأولى إلى تزويد الجانب العراقي بقدرة كهربائية من الأردن تصل لـ150 ميغاواط، ورفعها إلى 500 ميغاواط في المرحلة الثانية، و900 ميغاواط خلال المرحلة الثالثة.
التنفيذ مر في عدة مراحل تخللها اطلاق عدة مواعيد مرجحة لتشغيل المشروع من قبل مسؤولين معنيين في البلد منها مطلع يوليو(تموز) المقبل، ثم آب (أغسطس).
أخيرا جاءت ترجيحات عراقية بأن يبدأ الأردن بتزويد العراق بالكهرباء مطلع الشهر المقبل ضمن مشروع الربط الكهربائي الذي وضع البلدان حجره الأساس قبل عام، إلا أن الحديث عاد عن “الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق عراقية أخيرا ودروها في إبطاء مشروع الربط الكهربائي مع الأردن نتيجة اعتداءات على الأبراج في بعض هذه المناطق”.
وزارة الطاقة والثروة المعدنية قالت في تقريرها السنوي عن العام 2022 إن خطتها المستقبلية أن يتضمن تعزيز خط الربط ليصبح باستطاعة 1000 ميجاواط مما يتطلب تعزيز الشبكة الوطنية في شرق المملكة من خلال انشاء خطوط نقل بجهد 400 كيلو فولت وبطول 320 كم بين الريشة والأزرق وسيتم إجراء الدراسات التفصيلية للربط التزامني بعد الانتهاء من المرحلة الأولى.
ويزود الأردن حاليا مركز طريبيل الحدودي مع العراق بالطاقة الكهربائية، إذ بلغ حجم الصادرات للمركز في 7 أشهر 3.7 جيجا واط ساعة مقارنة مع 3.8 جيجا واط بانخفاض نسبته 2.6 %.
مشروع الربط الكهربائي ليس الوحيد في قطاع الطاقة يربط الأردن مع العراق، حيث تضم هذه المشاريع أيضا خط النفط من البصرة إلى العقبة والذي طال الحديث عنه وتوقيع اتفاقات بشأنه دون تحريك ساكن على أرض الواقع.
وفي هذا الشأن وقع البلدان في 9 نيسان (إبريل) 2013، اتفاقية إطار لمد أنبوب لنقل النفط العراقي الخام من البصرة إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة بكلفة إجمالية للمشروع قدرت في ذلك الوقت بـ18 مليار دولار، تلتها تأهيلات مقاولين وغيره من الإجراءات ذات العلاقة وتأجيل التنفيذ عدة مرات دون أي إنجاز على الأرض.
المشروع عندما أعلن ذكر أنه يضمن تزويد المملكة بحوالي 150 ألف برميل يوميا من النفط الخام وبناء خزانات بسعة 7 ملايين برميل، وإقامة ميناء لتصدير النفط العراقي في العقبة، أما السعة التصديرية للأنبوب، فتبلغ نحو مليون برميل يوميا”.
وكلفة هذا الأنبوب تقدر بحوالي 8 إلى 10 مليارات دولار، فيما يبلغ طول الأنبوب حوالي 1350 كيلومترا (350 كيلومترا من البصرة وحتى النجف و1000 كيلومتر من النجف وحتى العقبة).
أما المشروع الآخر في القطاع فهو توريد النفط العراقي إلى المملكة عبر الصهاريج وهو قيد العمل منذ توقيع الاتفاق أول مرة عام 2019 وتجديده سنويا حتى تاريخ، فيما رفع العراق في آخر اتفاق تم تجديده معدل التوريد يوميا من 10 آلاف برميل يوميا سابقا إلى 15 ألف برميا، وبذلك ستصل الكمية الشهرية المصدرة من النفط الخام العراقي للأردن حوالي 450 ألف برميل شهريا، بدلا من 300 ألف برميل شهريا.
الغد/ رهام زيدان
التعليقات مغلقة.