هل تنجح هيئة الإدارة المدنية وتتلافى الثغرات؟
يبدو الرهان على نجاح هيئة الإدارة العامة الجديدة، الخلف القانوني لديوان الخدمة المدنية صعبا، رغم توافر عوامل النجاح، وفقا للأدوار المنوطة به وفقا لخبراء إداريين أكدوا أن المؤشرات لا يمكن الحكم عليها إلا عند تطبيقه على أرض الواقع
وأشاروا الى أن الهيئة الجديدة رغم تغير دورها وانتقاله من الإشراف على عمليات التعيين وتقديم البيانات، إلا أن التقييم والمتابعة والحاكمية هي أساس للعمل الجديد الذي يتوجب أن ينجح فيه باعتباره يقوم على سند تشريعي ووفق خطة واضحة المعالم.
وشددوا على ضرورة فصل معهد الإدارة العامة عن رئيس الهيئة وأن يكون مستقلا ماليا وإداريا من خلال مجلس ادارة يضم خبراء ومتخصصين.
وقالوا إن نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، الذي أُقر مؤخرا يمنح صلاحيات لمجالس إدارة المؤسسات تخولها من إجراء التعديلات على أنظمتها بشكل يراعي المرونة بما ينسجم مع السياسة العامة لإدارة الموارد البشرية في الدولة.
ولفتوا إلى أن التعيينات الجديدة بعقود سنوية يتم تجديدها وفقا لمستوى الأداء مع ضرورة التطبيق الحقيقي الذي يضمن التخلص من الموظف ذي الأداء المتدني، وهذا تحد للإدارات بتطبيق إدارة الأداء بجدية وشفافية.
واعتبروا أن الأصل في الزيادة السنوية ألا يحصل جميع الموظفين ضمن الوظيفة الواحدة على زيادة متماثلة بحيث تكون الزيادة مرتبطة بحسن الأداء لتحقيق التمايز العادل بين الموظفين.
وأضافوا أن ارتباط معهد الإدارة العامة برئيس الهيئة ليس بالحل الأمثل ليقوم المعهد بدوره المطلوب، مبينين أنه حتى يقوم المعهد بدور فاعل لتطوير الموارد البشرية، فينبغي استقلاله بالكامل عن الهيئة، ويكون بقيادة مجلس إدارة من أهل العلم والمعرفة، ومن ممثلين عن الوزارات والدوائر العامة.
وفي السياق أكد أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الإدارة العامة سابقا عبد الله القضاة، أن من مبررات نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، الذي أقر مؤخرا، أنه لم يعد من الممكن أن تنظم الموارد البشرية لكافة مؤسسات القطاع العام في المملكة، فالمساواة تخل بالعدالة، حيث أن هناك تمايزا في صعوبة وخطورة وظائف بعض الدوائر عن غيرها، والتوجه الجديد ينطلق من مراعاة هذه الخصوصية ومنح صلاحيات لمجالس إدارة المؤسسات تخولها إجراء التعديلات على أنظمتها بشكل يراعي المرونة بما ينسجم مع السياسة العامة لإدارة الموارد البشرية في الدولة.
وبين القضاة أن من متطلبات النجاح أيضا أن يكون الراتب للوظيفة والانتقال من وظيفة لأخرى داخل الدائرة أن يكون ضمن التنافس واجتياز متطلبات إشغال الوظيفة من الكفايات الإدارية التي يتطلب الأمر قياسها وفق معايير عادلة ويمكن بهذا الصدد إلغاء الدرجات الوظيفية والتوسع بنظام العمل المرن بأشكاله المختلفة، وأن يعاد النظر بنظام إدارة وتقييم الأداء بالاعتماد على مؤشرات قابلة للقياس وتغيير مستويات الأداء المطبقة حاليا (ممتاز، جيد جدا.. الخ) لأن غالبية موظفي القطاع العام يحصلون على تقدير ممتاز وأداؤهم الفعلي ليس ممتازا، وبهذا الصدد يمكن أن يكون ثلاثة مستويات للأداء فقط (ضمن المستوى المطلوب، وأعلى من المستوى المطلوب، وأقل من المستوى المطلوب) حيث أن من يحصل على تقييم أعلى من المستوى المطلوب يقدم رئيسه المعززات الثبوتية التي تبين ذلك، ويكون هناك تقييم خاص للمتميزين من خلال لجنة الابتكار والأفكار الإبداعية بالدائرة لتخصيص مكافآت وحوافز وفق المنهجية المطبقة لهذه الغاية، وفي ضوء نتائج الأداء يتم منح الحوافز للموظفين مع مراعات مستوى الأداء للوحدات التنظيمية في الدائرة.
وأوضح أنه فيما يخص الزيادة السنوية، الأصل ألا يحصل جميع الموظفين ضمن الوظيفة الواحدة على زيادة متماثلة، فيمكن أن تكون الزيادة السنوية على جزأين: الأول ثابت لا يرتبط بمستوى الأداء؛ ليعكس نسبة التضخم، والآخر متحرك يرتبط بنتائج الأداء، وهذا يحقق التمايز بين موظف متميز وموظف عادي.
وقال القضاة أما بخصوص التعيين بعقود؛ فأنا مع أن تكون جميع التعيينات بعقود سنوية يتم تجديدها وفقا لمستوى الأداء، مع ضرورة التطبيق الحقيقي الذي يضمن التخلص من الموظف ذي الأداء المتدني، علما أننا لم نسمع بتاريخ الخدمة المدنية أنه تم الاستغناء عن الموظف الضعيف، وهذا تحد للإدارات بتطبيق إدارة الأداء بجدية وشفافية.
ولضمان محافظة الدوائر على كوادرها المتميزة وجودة الاستقطاب لديها؛ لا بد من نصوص تمنع الانتقال من وظائف غير متساوية بأوزانها وأسعارها، لوظائف ضمن الأنشطة المساندة، على سبيل المثال قد يعين موظف بوظيفة مالية مساندة في إدارة التأمين الصحي مثلا براتب (500) دينار، وبعد فترة تتدخل جهات معينة لنقله لوظيفة محاسب في ضريبة الدخل مثلا، وحيث أن وظيفة محاسب في الضريبة وظيفة أساسية ولها متطلبات صعبة (في مستوى الكفايات المطلوبة) وقد يكون راتبها (600) دينار، وبهذه الطريقة يصبح التعيين لأي وظيفة مدخلا للانتقال للوظائف الأصعب وهذا من المخاطر الرئيسة التي نحذر منها ونطالب بنصوص تحمي الكفاءات.
من جهته، بيّن مدير عام معهد الإدارة العامة السابق، راضي العتوم، أن القانون تضمن مجموعة من التوجهات العامة أهمها؛ إنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة كبديل لديوان الخدمة المدنية على أن تقوم بدور رقابي تنظيمي لها مركزية رسم السياسات ولا مركزية التنفيذ، وهذا في الواقع، توجه سليم من حيث المبدأ.
مبينا أن الحكم على فعالية الهيئة يتم بعد التطبيق العملي للأدوار المخطط تنفيذها من الهيئة، مع أن هناك توضيحا واجبا للأدوار المركزية، والأدوار غير المركزية التي ينبغي تكاملها وتناسقها.
أما فيما يخص إيقاف استقبال طلبات التوظيف لغايات التعيين اعتبارا من نهاية شهر تشرين الثاني لهذا العام، وتوزيع مخزون الديوان بشكل قطاعي بما يتفق ولامركزية التعيين خاصة للتربية والصحة بين العتوم أن “الأمر الواقعي سيُبقي دور مديرية التوظيف بديوان الخدمة كما هو مع ارتباك أكثر في التوزيع المركزي واللامركزي؛ حيث الأمر مبهم نوعا ما، وفيه صعوبات تطبيقية، خاصة فيما يتعلق بآلية التوزيع القطاعي لطلبات التوظيف”.
إضافة، الى عبارة أنه بعد توزيع طلبات التوظيف للصحة والتربية ستتولى الهيئة المنشأة ما تبقى بعد ذلك، فستتولى ماذا: تجميع مخزون الطلبات، والترشيح للتعيين، والامتحانات، ومتابعة التوظيف، والرقابة، والإشراف…. أمور تتداخل مهامها بين التنفيذ وبين الرقابة وهو حال ديوان الخدمة المدنية حاليا.
وقال العتوم إن قيادة الهيئة بهذه التشكيلة جيد، لكن كان من الأفضل أن يكون هيئة مديرين من خمسة، ويتم توزيع الهيئة الى إدارتين أو ثلاث إدارات الأولى للتوظيف، والثانية للمتابعة والرقابة لشؤون الموارد البشرية، والثالثة للإستراتيجيات والحوكمة؛ حيث تقوم على رسم الإستراتيجيات واقتراح التشريعات بشكل توافقي مع الأطراف ذوي العلاقة كافة وهذه الهيئة برئاسة رئيس، وعضوية ثلاثة تنفيذيين حكوميين، واثنين من قطاع مؤسسات المجتمع المدني وخاصة النقابات، وهم جزء من مجلس إدارة الهيئة الخمسة.
وفيما يعني التدرج بنسبة التعيينات عن طريق الإعلان المفتوح، فهذا أمر منطقي إلى حدّ كبير، لكن هذا سيشكل عبئا اجتماعيا على طبقة واسعة من المجتمع مما يعني احتمالا كبيرا للتأثير السلبي على الأمن والسلم المجتمعي عموما.
وأوضح العتوم أن إصدار نظام لإدارة الموارد البشرية يعتمد على الكفايات ويستند إلى تصنيف وتقييم الوظائف ضمن منظومة شفافة للمجاز، والعمل، والتقاعد، بما في ذلك التجديد السنوي لعقد العمل؛ فهذا أمر جدير بالاهتمام، وحيوي التطبيق إذا تم بشكل موضوعي، ومُنصف، وعادل للموظفين.
وقال العتوم إن ارتباط معهد الإدارة العامة برئيس الهيئة ليس بالحل الأمثل ليقوم المعهد بدوره المطلوب، فإنها، أعتقد جازما وحتى يقوم المعهد بدور فاعل لتطوير الموارد البشرية، فينبغي استقلاله بالكامل عن الهيئة، ويكون بقيادة مجلس إدارة من أهل العلم والمعرفة، ومن ممثلين عن الوزارات والدوائر العامة.
وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر أكد لـ”الغد” خلال مقابلة الأسبوع الماضي أن الدور الجديد للديوان، ضمن إستراتيجية الموارد البشرية، سيركز على إحداث تحول جذري بالانتقال نحو الدور المرتبط برسم السياسات والتنظيم والرقابة، والانسحاب من بعض الأعمال والإجراءات التنفيذية المباشرة، من خلال إعطاء مجال للدوائر الحكومية للإعلان عن وظائفها واستقبال الطلبات، ويكون دور الديوان بالدرجة الرئيسة مرتبطا بتقديم الإسناد الفني للدوائر.
وحول عوائق التعيين بين أن ذلك ارتبط بصدور قرار مجلس الوزراء بوقف التعيينات في ضوء جائحة كورونا، وبالتالي لم نتمكن من تحقيق النسبة المستهدفة وهي 40 بالمائة بل بلغت 12 في المائة، وبالتالي جاء قرار مجلس الوزراء الجديد ليؤكد على استكمال هذه النسبة بصدور جدول تشكيلات 2023، وترتفع بواقع 15 بالمائة عام 2024، وكذلك الحال بالنسبة لعام 2025 تصبح 55 بالمائة.. وهكذا.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسته التي عقدها مؤخرا على إنشاء (هيئة الخدمة والإدارة العامة) لتحل محل (ديوان الخدمة المدنية) الذي سينتهي عمله بنهاية العام الحالي.
وسيتم إيقاف طلبات التعيين الجديدة الواردة إلى ديوان الخدمة المدنية كلياً اعتباراً من تاريخ 30 – 11 – 2023، وسيتم توزيع مخزون ديوان الخدمة من طلبات التعيين بشكل قطاعي بما يتفق مع لامركزية التعيين خاصة بين قطاعي التربية والتعليم والصحة بحيث تتولى الهيئة المستحدثة ما يتبقى منه بعد ذلك.
التعليقات مغلقة.