العنف: مجتمعياً وأُسَرياً
د. عزت جرادات
*مؤلمٌ جداً ما نراه في الإعلام المحلي حول العنف المجتمعي، مجتمعات محلية وأُسراً أردنية. فالمشاجرات بين الأفراد والجماعات والأسر أصبحت يومية في مجتمع بلغت نسبة التعليم فيه، ولو كميّا، تتجاوز (95%).
ومما يزيد إيقاعاً في الألم ما نراه في استخدام الأسلحة النارية واليدوية الحادّة في تلك الأعمال العنيفة، حيث يغيب العقل ويحضر الاختلال العقلي، كما يُروى عن – أحمد شوقي- عندما مرَّ بمشاجرة بين شخصين: إن شيئاً في أعلى الرأس قد تعطلْ.
*فالعنف الاجتماعي يعبّر عن سلوك عدواني بمختلف أساليبه، اللفظية والجسدية، في مجالات الحياة والعمل والأسرة، وفي تقديري أنّ أشدّ مجالات العنف خطراً، هو مجال الأسرة حيث تصبح لغة القتل فيها لا تميّز بين المرء وأخيه وأمه وأبيه في بيئة اجتماعية صغيرة، يُفْترض فيها وجود الأواصر المتينة والعميقة، وهو الأمر الذي يستحق القَوْل فيه.
* فالتنشئةالاجتماعية تبدأ في الأسرة، وتنمو في المجتمع المحلي، تهذّبها المدرسة، وهي العناصر التي تكوّن البيئة الحاضنة للسلوك الفردي والاجتماعي، فالعنف ناتج عن البيئة الاجتماعية، اكتساباً أو تعلماً. ومن أخطر دوافع العنف الأسري سوء التصرّف الاجتماعي وغياب لغة الحوار بين أفراد الأسرة الواحدة.
*ولمواجهة هذه الدوافع بأساليب إيجابية فأن منظومة الأسرة والمجتمع المحلي والمدرسة، وتكامل أدوارها في برامج التنشئة الاجتماعية، من شأنها أن تعزّز وجود بيئة اجتماعية تتخذ من الأسرة موئلا لغرس قيم الأسرة وأواصرها الأسرية؛ ومن المجتمع المحلي واحة لرعاية الأنشطة التي تقوم على العمل الجماعي وتوجيه الطاقات نحو الأعمال المجتمعية بسلوك إيجابي، ومن المدرسة أداة لتهذيب السلوك، وصقل المهارات، والمشاركة الفاعلة في إنجاز الأنشطة المدرسية، بروح تعاونية.
*إن استئصال العنف المجتمعي والمدرسي يتطلب برنامج توعية بعيد المدى، وأما على المدى القصير فالتكامل بين أدوار المنظومة الثلاثية تثقيفاً وتعديلاً للسلوك الفردي هو أقلّ ما يمكن أن تقوم به تلك المؤسسات.