ليبيا.. انتشال المزيد من الجثث بدرنة وحبس 16 مسؤولا
عواصم- انتشلت فرق الإنقاذ مزيدا من الجثث من مناطق بحرية مختلفة في درنة، ليقترب عدد المتوفين المسجلين من نحو 4 آلاف شخص، وسط أنباء عن نزاع داخلي حول الجهة التي ستقوم بالتصرف في الإعانات الدولية المالية المقدمة للبلاد.
وبينما تستمر جهود البحث عن الجثث بحرا وفي اليابسة، تواجه السلطات الليبية صعوبات في تحديد هويات الموتى، خاصة مع مرور الوقت ونقص المعدات والوسائل.
وقال محمد الجارح -المتحدث باسم لجنة الطوارئ في درنة- إن العدد الكلي لحالات الوفاة التي تم توثيقها لدى وزارة الصحة وصل إلى 3 آلاف و868.
وأضاف الجارح في مؤتمر صحفي أن العدد الإجمالي لم يتم حصره حتى الآن وهو ما يزال مرشحا للارتفاع في الأيام القادمة.
وفيما يتعلق بملف المفقودين، قال الجارح إن الجهود جارية لأخذ عينات البصمة الوراثية من أهالي المفقودين، مضيفا بأن فرقا ستقوم بإخراج جثامين الضحايا الذين تم دفنهم بشكل عشوائي في بداية الأزمة لأخذ عيان منهم والتعرف على هوياتهم.
من جهة أخرى، قال المجلس الرئاسي الليبي، إن “عدم وجود إدارة موحدة للأزمة يعيق عمل المساعدات الدولية” لمواجهة آثار الفيضانات التي ضربت شرقي البلاد.
وجاء ذلك في منشورات لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي عبر منصة “إكس” وتصريحات لنائبه عبد الله اللافي خلال لقائه القائم بأعمال سفارة اليونان لدى ليبيا أغابيوس كالوغنوميس ونقلها بيان للمجلس.
وقال المنفي إن “الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين”.
وأضاف في منشور آخر “السلطات المنتخبة وفق دستور دائم هي من تملك التصرف في الأموال الليبية المجمدة”.
ولم يوضح المنفي سبب منشوراته، غير أن نزاعا بدأ منذ أيام حول الجهة التي ستقوم بالتصرف في الإعانات الدولية المالية المقدمة للبلاد للتخفيف من آثار الفيضانات التي ضربت مدنها الشرقية.
وفي ليبيا حكومتان متنافستان، الأولى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من برلمان جديد منتخب، والثانية مكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد.
ومع عدم وجود دستور دائم للبلاد، تجري أطراف النزاع الليبي مفاوضات لإطلاق انتخابات رئاسية وبرلمانية عبر قاعدة دستورية مؤقتة، بينما تجري جهود أممية لتحقيق الغرض ذاته .
ومن جانبه، قال اللافي خلال لقائه القائم بأعمال سفارة اليونان لدى ليبيا إن “حجم الكارثة كبير جدا وهو ما يصعب جهود فرق الإنقاذ المحلية والدولية خاصة في ظل عدم وجود إدارة موحدة للأزمة”، وفق بيان المجلس الرئاسي.
وحتى مساء السبت الماضي، وصلت البلاد أكثر من 70 طائرة إغاثية من 24 دولة ونحو 8 سفن، لمساعدة متضرري الفيضانات، وفق بيان لفريق الطوارئ التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية.
حبس 16 مسؤولا
قررت النيابة العامة الليبية حبس 16 مسؤولا احتياطيا في إطار تحقيقاتها بشأن انهيار سدي درنة إثر الفيضانات والسيول التي ضربت المدينة جراء الإعصار “دانيال”.
وشملت لائحة الاتهام رئيس هيئة الموارد المائية السابق وخَلَفُه؛ ومدير إدارة السدود؛ وسَلَفُه ورئيس قسم تنفيذ مشروعات السدود والصيانة ورئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية ورئيس مكتب الموارد المائية درنة وعميد المجلس البلدي درنة.
ودققت لجنة التحقيق في فيضان مدينة درنة، المشكلة من مكتب النائب العام، الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بالعقد المبرم بين الهيئة العامة للمياه وشركة “أرسيل” التركية للإنشاءات لغرض تأهيل السديْن؛ واتضح لها أن مسؤولي إدارة الهيئة في العام 2014 اتخذوا قرارات بسداد مبالغ مالية لفائدة الشركة المتعاقد معها، رغم عدم تناسب المبالغ المدفوعة مع الأعمال المنجزة؛ وثبوت إخلالها بالتزامات العقد.
استجواب بشأن الفيضان
وقالت النيابة إن المسؤولين بهيئة المياه، خلال استجواب، لم يأتوا بما يدفع عنهم مسؤولية إساءة إدارة المهمات الإدارية والمالية المنوطة بهم، وإسهام أخطائهم في وقوع كارثة فقد ضحايا الفيضان وإهمالهم اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث وتسببهم في خسائر اقتصادية لحقت البلاد”.
كما اضطلعت لجنة التحقيق ببحث عدالة إدارة الأموال المخصَّصة لإعادة إعمار درنة؛ وتعيين مدى إخلال مكونات السلطة المحلية بواجب درء المخاطر المحيطة بسكان المدينة؛ فأجرت اللجنة ما يلزم البحث الجنائي كفحص المستندات والوثائق؛ وتدقيق بيانات الحسابات المصرفية؛ وتتبُّع التحويلات المالية التي تعكسها؛ ودراسة تقارير الخبراء؛ وسماع الشهود.
ولم يستطع عميد المجلس البلدي درنة دفع عنه واقع إساءة استعمال سلطة وظيفته وانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصصة لإعادة إعمار مدينة درنة، وتنميتها، وفق البيان.
تشققات وهبوط في السد
وسبق أن قدمت الإدارة العامة للسدود بوزارة الموارد المائية في طرابلس تقريرا فنيا عن واقعة انهيار سدي درنة وأبو منصور، مشيرة إلى أن السد الأكبر، وهو أبو منصور الواقع على بعد 13 كيلومترا من درنة، به عيوب إنشائية مرصودة منذ تسعينيات القرن الماضي، متمثلة في هبوط بنحو متر كامل وتشققات، وكلها أسباب أدت إلى انهياره سريعا.
وأوضحت الإدارة أن السلطات الليبية تعاقدت على مكاتب استشارية في ذلك الوقت، وأعدت خططا من أجل صيانة السدين، تضمنت إنشاء سد آخر جديد لحجز الطمي، ثم جرى التعاقد مع “أرسيل” التركية لأجل التنفيذ لكن الأعمال توقفت منذ العام 2010 نتيجة عدم دفع مخصصات مالية.
وسبق الكارثة صدور دراسة للباحث الليبي عبد الونيس عاشور، حذر فيها من “كارثة” ستلحق درنة في حال حدوث فيضان ضخم، إذا لم تبدأ السلطات في إجراءات فورية لصيانة السدود وحماية سكان المنازل التي تقع في مجرى وادي درنة.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.