أبو عبيدة.. رجل بلا ملامح يقود الحرب النفسية من خلف الكوفية
غير معروف الهوية ولا تعرف ملامحه .
كمية المعلومات المتوفرة عنه لا تتجاوز نسبة صفر في المائة بلغة الصحافة، وكل ما يتردد عنه بحاجة إلى تأكيد.
لن تجد له سيرة ذاتية تكون طرف خيط أو طوق نجاة في حياكة مقال عن شخص يقف عنده الزمان والمكان.
معروف للجميع، وفي نفس الوقت لا يعرفه أحد، ربما يعرفه القلائل جدا من ضمن الحلقة الضيقة في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
أبو عبيدة اسم معروف لكل فلسطيني وعربي وللإسرائيليين أيضا، بوصفه المتحدث الإعلامي باسم كتائب عز الدين القسام (الناطق العسكري)، كأنه يتقمص وظيفة وزير الإعلام، لكنه في الواقع قائد ميداني من أوائل المطلوبين في قوائم الاغتيال الإسرائيلية.
تعتبره تل أبيب العنصر الرئيس في الحرب النفسية التي تفرضها المقاومة على دولة الاحتلال.
هو أحد الأشخاص الأكثر شهرة ورغم ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام، فلم يرَ شخص ما وجهه، واسمه غير معروف ولا هويته الحقيقية.
أصبحت صورة وجهه المغطى بكوفية حمراء مشهدا اعتياديا على شاشات التلفزيون وفي مواقع التواصل.
تؤكد مصادر فلسطينية بأنه ولد في غزة، من بلدة نعليا قضاء غزة، والتي احتلت عام 1948، ويسكن حاليا في جباليا شمال شرقي غزة، وقصف منزله من قبل الاحتلال أكثر مرة في عامي 2008 و2012 كما قصف خلال الحرب الجارية حاليا في القطاع.
تقول مصادر فلسطينية إنه حاصل على شهادة الماجستير في الجامعة الإسلامية من كلية أصول الدين، ويحضر الآن درجة الدكتوراه.
ويقول بعض النشطاء أنه مصاب بنحو 5 إصابات نارية في رجليه وظهره، وفقد زوجته الحامل وبناته تحت القصف الصهيوني لغزة في وقت سابق.
وكان أول ظهور لأبي عبيدة في عامي 2002 و2003 كأحد مسؤولي “القسام” الميدانيين.
وكان يتحدث إلى جميع وسائل الإعلام تقريبا وفي المؤتمرات الصحافية، ولم يظهر أبدا مكشوف الوجه مقتديا بذلك بالقيادي السابق في “القسام” عماد عقل، الذي استشهد عام 1993 وكان ينفذ جميع عملياته معتمرا كوفية حمراء. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005 عين أبو عبيدة رسميا ناطقا باسم “القسام”.
عرفه الإسرائيليون أول مرة بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006.
وتعود كنية أبي عبيدة لأحد العشرة الأوائل من أصحاب النبي الذين بشروا بالجنة، وبعد وفاة النبي أصبح أبو عبيدة عامر بن الجراح قائدا عسكريا، وكان من المقربين من الخليفة عمر بن الخطاب وحمل لقب “أمين الأمة”.
باستثناء لقبه، فهو يحرص على الحفاظ على الغموض فيما يتعلق بباقي التفاصيل، ولا يكشف وجهه أبدا، ويقال إن أبا عبيدة هو “مبعوث” وناطق رسمي ينقل رسائل المقاومة إلى الشعب الفلسطيني وإلى العالم.
,بخلاف معظم الناطقين، فإن أبا عبيدة لا يلتزم بقواعد “اللياقة السياسية”، أو بتملق ومجاملة الناطق الإعلامي لرجال الصحافة والإعلام، وهو يقوم بعمله بلغة عربية طليقة بشكل ملحوظ، وبالكثير من الكاريزما، التي تنجح في تجاوز الكوفية التي تغطي وجهه باستثناء عينيه.
ويتحول أبو عبيدة إلى نجم إعلامي ظاهر وخفي، فهو يجري المقابلات الصحفية مع وسائل الإعلام العربية والعالمية، يبث مقاطع الفيديو، يعقد المؤتمرات الصحفية التي يحرص فيها على فضح جرائم تل أبيب، ويؤكد على رفض وقف إطلاق النار أو أي تسوية لا تحقق شروط المقاومة.
وكجزء من الحرب النفسية نشرت مواقع الإعلام العبرية سابقا صورة محتملة لأبي عبيدة، وهو ما نفته مصادر مقربة من المقاومة التي أكدت أن الصورة غير صحيحة وأن الهدف من نشر الصورة كان استخباريا.
وأضاف المصدر في كتائب القسام أن الإعلام العبري نشر الصورة بإيعاز من “الشاباك”، بعد أن تم تزييفها وتركيبها كما لو أن الشخص المتحدث فيها كان يتحدث عبر قناة الأقصى.
وأضاف أن “وجه أبي عبيدة لا يعرفه سوى قليلون، لم ولن يظهر لوسائل الإعلام، ومنذ سنوات وجيش الاحتلال يحاول بشتى الطرق الوصول إليه، بعدما عجزوا طوال الفترة الماضية عن تحديد هويته وملامح وجهه”.
وانتشرت في العديد من الصحف والمواقع العبرية صورة زعم أنها مأخوذة عن شاشة قناة الأقصى التابعة لحركة حماس، ويظهر فيها وجه أبي عبيدة الملثّم، وفي الأسفل صورة أخرى لشخص ذي لحية، وكتب مقابل اسمه: حذيفة سمير عبد الله الكحلوت (أبو عبيدة).
أبو عبيدة رجل بلا ملامح، لكنه يملأ المكان والزمان العربي والعالمي، والبيانات التي تمر من خلاله أكثر دقة ومصداقية من التقارير التي تصدر عن الاحتلال الذي يتخبط تحت وابل من صواريخ المقاومة وحجم الخسائر البشرية والاقتصادية التي يتكبدها في كل لحظة.
حتى أن المراسلة العسكرية الإسرائيلية غيلي كوهين أعلنت أن “الجمهور الإسرائيلي يثق بتصريحات الناطق باسم القسام أكثر من الناطقين الرسميين الإسرائيليين”.
هو جزء من أسطورة غزة، التي كسرت أسطورة تل أبيب وجيشها الذي لا يقهر، فجاء الزمان والمكان الذي قهرها فيه رجل بلا ملامح أسقط ورفاقه ورقة التوت عن دولة الاحتلال الهشة والساقطة .
يختتم خطابه عادة بالجملة المشهورة: “وإنه لجهاد نصر أو استشهاد”، المأخوذة عن الشهيد عز الدين القسام قبيل استشهاده في معركة أحراش يعبد عام 1935.
وبعد “طوفان الأقصى” عاد أبو عبيدة ليتصدى للرواية الإسرائيلية والغربية الزائفة، قائلا إن عدد القتلى والأسرى من الضباط والجنود الإسرائيليين أكثر بكثير مما يعتقد بنيامين نتنياهو، وهم موجودون في كل محاور قطاع غزة. وخاطب نتنياهو “عليك أن تعد جنودك جيدا فلا تخطئوا التقدير”.
تحول إلى ما يشبه الظاهرة الشعبية، وفي الأيام الأخيرة أنشدت له الأهازيج وبعض الأغاني على عجل. وتقول واحدة من الأغاني الخاصة به: “يا ملثم يا أبو الكوفية يا رعب اليهود.. يا أبو عبيدة الهمة قوية تصريحك بارود”.
حقا أنها بارود.
علي سعاده/ السبيل
ابو عبيدة عشق المجاهدين والقائد الروحي للمقاومين عليه السلام