“خطة كوهين”: تقليص مساحة غزة وتهجير وضم أرض فلسطين بالكامل

يستمر نزيف الدم الفلسطيني الدامي في قطاع غزة بكثافة القصف العدواني الإسرائيلي، وسط ترقب دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية، اليوم، بعد ثلاثة عشر يوماً من نداءات الاستغاثة التي عجز المجتمع الدولي عن الاستجابة إليها، مثلما فشل في لجم مجازر الاحتلال وجرائمه المتواصلة بحق السكان المدنيين العُزل.

وعلى وقع جهود دبلوماسية حثيثة بالمنطقة لوقف عدوان الاحتلال على قطاع غزة، تتوالى مخططات الاحتلال التي كشف عنها أمس وزير الخارجية الإسرائيلي، “إيلي كوهين”، بتقليص مساحة غزة، وذلك بعدما أعاق الموقف الأردني المصري الصلب خطة تهجير الفلسطينيين بالقطاع إلى سيناء كمقدمة لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن، وهو مخطط إسرائيلي خطير مرفوض من البلدين.

ويفتح مخطط الاحتلال الذي كشف عنه “كوهين” أمام احتمالات من شأنها أن تجر المنطقة إلى شفير الكارثة؛ بما يهدف إلى تقليص رقعة قطاع غزة وضم فلسطين بالكامل للكيان المُحتل، وذلك من خلال إنشاء منطقة آمنة عازلة في شمال القطاع وحشر الفلسطينيين بالقطاع ضمن منطقة صغيرة وسطى لاستمرار الضغط على مصر لأجل إنقاذهم، وإما احتلال القطاع بالكامل.
أما هدف الاحتلال المُعلن من وراء استباحة الدم الفلسطيني في القطاع المحاصر من أجل القضاء على حركة “حماس” كما يزعم، ما هو إلا ذريعة من أجل قتل الفلسطينيين وتهجير من ينجو منهم قسراً وتفريغ غزة من سكانها في إطار سياسة “التطهير العرقي”، تمهيداً لمشروعه الصهيوني الأشمل الذي تدفع الجماعات اليمينية المتطرفة لتنفيذه باحتلال كامل فلسطين وضمها للكيان الإسرائيلي المُحتل.
في غضون ذلك؛ من المرتقب دخول نحو 20 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة، اليوم الجمعة، وفق اتفاق أميركي مصري أعلن عنه الرئيس الأميركي “جو بايدن”، بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية.
يأتي ذلك بعد أن أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو”، أنه سيسمح بدخول مقيد لمواد إنسانية من خلال مصر إلى غزة.
وقال مكتب نتنياهو في تصريح مكتوب، إنه “بناءً على طلب الرئيس بايدن، فإن إسرائيل لن تحبط تقديم معونات إنسانية من مصر عبر معبر رفح، ما دامت هذه المعونات تحتوي على المواد الغذائية والمياه والأدوية للسكان المدنيين الموجودين في جنوب قطاع غزة، أو الذين يتحركون إلى هناك، وما دامت لا تصل هذه الإمدادات إلى أيدي حماس”، وفق مزاعمه.
وأعلن مكتب المتطرف “نتنياهو” أنه بادر بهذه الخطوات، “في ضوء الدعم الأميركي الواسع النطاق والحيوي للجهود الحربية الإسرائيلية، وبناءً على طلب الرئيس بايدن تقديم مساعدات إنسانية أساسية”.
من جانبها، دعت حركة “حماس”، أمس، “المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، إلى القيام بمسؤوليته في وقف عدوان الاحتلال الهمجي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذي يتعرض لجرائم حرب وإبادة جماعية”.
وثمنت “حماس” امتناع روسيا عن التصويت على مسودة القرار البرازيلي في مجلس الأمن الدولي، ودعوتها لوقف النار ووقف استهداف المدنيين.
وقالت الحركة إنها “تثمن الموقف الروسي الذي حرص على أن يشمل القرار الأممي دعوة واضحة وصريحة لوقف إطلاق نار شامل وفوري، وكذلك وقف الهجمات العشوائية على المدنيين في غزة”.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، حرب الاحتلال المدمرة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي تخلف المزيد من الشهداء والجرحى بمن فيهم الأطفال والنساء، وشطبت مئات الأسر والعائلات الفلسطينية من السجل المدني، وسوت مناطق سكنية بأكملها في الأرض، وتعمق جرائم التهجير للفلسطينيين بحثاً عن أي أماكن آمنة غير موجودة في قطاع غزة.
وقالت “الخارجية الفلسطينية” إن إطالة أمد الحرب كما تروج لها حكومة الاحتلال تعني إعطاءها المزيد من الوقت لإبادة قطاع غزة بمن فيه وتدميره بالكامل، وإخلائه من سكانه، وضم الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وتعميق حلقات نظام الفصل العنصري (الابرتهايد) في فلسطين المحتلة، مما يهدد بتفجير المنطقة.
وطالبت “المجتمع الدولي بصحوة ضمير وإجبار الاحتلال على وقف الحرب وتأمين دخول الاحتياجات الأساسية الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكف يد الاحتلال والمستوطنين عن الضفة الغربية المحتلة”.
ودعت إلى “الشروع في ترتيبات عقد مؤتمر دولي متعدد الأطراف يجبر الاحتلال على الانصياع للقانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، كمدخل استراتيجي لا يمكن تجاوزه لتحقيق أمن واستقرار المنطقة”.
ميدانياً؛ يواصل الاحتلال قصف قطاع غزة بكثافة، والذي استهدف الأبنية السكنية والمدارس وضرب البنية التحتية، مما أدى لارتفاع عدد الشهداء لأكثر من 3500 شهيد وزهاء 13 ألف جريح، في ظل نقص حاد بالأدوية في القطاع ومشكلة كبيرة في الوصول إلى المستشفيات، وانقطاع المياه وتدهور منظومة الصرف الصحي يزيدان مخاطر تفشي الأمراض السارية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ودمرت طائرات الاحتلال العدوانية أربعة أبراج سكنية في مدينة الزهراء، وسط قطاع غزة، ودمرتهما بشكل كامل، لتضاف إلى أضرار المباني السكنية التي بلغت نحو 4 و821 مبنى سكنياً هدمها الاحتلال كلياً، تضم (12,845 ألف) وحدة سكنية، فيما تضررت نحو 21 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي منها (9,055) وحدة سكنية غير صالحة للسكن، وفق مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة.
وأدى قصف الاحتلال الكثيف والمتواصل؛ إلى خروج ثلاثة مستشفيات عن الخدمة كلياً وتضرر 25 جزئياً في قطاع غزة، كما نفد المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية في بعض المشافي، في ظل نقص الكوادر واللوازم الطبية اللازمة لعلاج الجرحى والمرضى، وفق “الصحة الفلسطينية”.
وكانت وزارة الصحة قد حذرت في وقت سابق من انهيار القطاع الصحي في غزة مع استمرار الحرب ووقوع مزيد من الشهداء والجرحى، مطالبة العالم بالعمل الجاد والسريع لوقف الحرب.
في حين تواصلت تحذيرات المنظمات الإنسانية والدولية من خطورة الوضع في قطاع غزة، فمن جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الوضع في غزة بات “حرجاً جداً”، مناشدة السماح بإدخال أدوية ومواد إغاثية والسماح لفرقها بالعمل هناك.
في حين قالت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي، كورين فلايش، إن مخزون البرنامج من الأغذية في غزة بدأ ينفد وإنه عاجز الآن عن إدخال مزيد من الغذاء للقطاع.
وأضافت “لدينا إمدادات تكفي لإطعام 1.3 مليون شخص مكدسة على الحدود ونحتاج لممرات آمنة لإدخالها”.
وبالمثل؛ حذرت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، من تعرض الفلسطينيين لـ”خطر جسيم للتطهير العرقي الجماعي”.
وقالت المقررة الأممية، إن “هناك خطراً جسيماً، بأن ما نشهده قد يكون تكراراً لنكبة عام 1948، ونكسة عام 1967، ولكن على نطاق أوسع، بما يتعين على المجتمع الدولي فعل كل شيء لمنع حدوث ذلك مرة أخرى”.

 نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة