متاحف تراثية بعجلون تحكي قصص الماضي والتشبث بالأرض

الحنين إلى الماضي، ومحاولة عدم انفصالنا عن ذلك الزمن الجميل وذكرياته، واستذكار صبر وتضحيات من عاشه على قسوته، دفع أشخاصا بعجلون إلى تأسيس متاحف تراثية تؤرخ لتلك الفترات التي عاشها الأجداد متشبثين بالأرض.

ويشكل متحف الوهادنة للتراث الشعبي، وفق مؤسسه الباحث محمود الشريدة، نموذجا للمقتنيات التراثية والشعبية الأردنية التي كانت سائدة لفترات طويلة، والهادف لإعادة إحياء التراث الشعبي في الوهادنة بخاصة وما كان يستخدمه المواطنون من أدوات لفترات وحقب تاريخية مضت.

ويؤكد الشريدة أن إقدامه على إنشاء المتحف جاء برغبة منه لجمع وإحياء التراث وإطلاع الأجيال على مقتنيات الأجداد، فهو يضم مئات الأدوات والقطع التراثية التي كانت من الأساسيات بالنسبة لحياة المواطنين، مبينا أن المتحف استطاع أن يستقطب زوارا من مختلف مناطق المحافظة والمملكة والمغتربين من أهالي البلدة الذين يستذكرون الماضي العريق بكل ما فيه من عبق ومشقة وعناء.
وأضاف أنه مازال يبحث عن أدوات أخرى غير موجودة حتى يكتمل العقد فيه، مؤكدا أن المتحف ملتقى توعوي تعقد فيه ندوات وحوارات ومناظرات حول قضايا قومية ووطنية وسياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية تهم المجتمع المحلي، مثمنا لمديرية الثقافة دعمها المعنوي للمتحف وللمبادرات التطوعية على جهودها لتسويق المواقع السياحية والأثرية والمتاحف والبيوت التراثية.
وقال إن تطور الحياة، وتسارع وتيرة التكنولوجيا، يخلف وراءه أدوات لم تعد موجودة، إلا أنها كانت في زمانها أساسية وضرورية للحياة اليومية السائدة حينها، ما يجعلها في وقتنا الحاضر ذات أهمية تاريخية وتراثية تحكي لنا قصة تلك الأيام وحنين من عاشها، وتلبي رغبة الزوار التائقين إلى مشاهدتها.
ويؤكد أبو عصام الشرع أحد سكان بلدة راسون، أنه أسس متحفه الخاص الذي أصبح مزارا للأفراد والوفود الراغبة بمشاهدة تلك الأدوات والتقاط الصور لها، مبينا أن المتحف يجمع تراث الآباء والأجداد كالقطع والأدوات التراثية والزراعية التي كانوا يستخدمونها في حياتهم، وكل ما يتعلق بطبيعة الحياة القديمة بأنماط متنوعة من خلال التناغم والانسجام في استخدام هذه الأدوات المتعددة.
وبين أن المتحف يحتضن القطع والأدوات التراثية والتاريخية مثل لوح الدراس وعود الحراث وقطع تراثية ومنزلية كالقاش والخشب وشكوة اللبن، وتطور الأزياء الشعبية والمهباش وتطور الاتصالات والإنارة ووسائل النقل والأسلحة القديمة والعملات العربية الأجنبية والمحلية والإسلامية إضافة لصور للهاشميين وبوسترات عن الثورة العربية الكبرى منذ تأسيس المملكة ولغاية الآن وغيرها من الموروثات القديمة.
ويستقطب المتحف الزوار والأفواج السياحية العربية والأجنبية من مختلف دول العالم، مساهما في نشر الوعي الثقافي بين أبناء المجتمع المحلي للاحتفاظ بالموروث التراثي القديم وتعريف الأجيال بها.
وزاد الشرع أنه يسعى من وراء عمله ذلك إلى تنشيط الحركة السياحية في منطقته الواقعة ضمن أحد المسارات السياحية، مبينا أنه حول جزءا كبيرا من منزله بمنطقة عرجان، لعرض آلاف القطع التراثية الشعبية التي تجسد طبيعة الحياة، بمناطق محافظة عجلون عبر حقب زمنية، تمتد لأكثر من 150 عاما.
ويؤكد أن الفكرة بدأت قبل زهاء 18 عاما حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، من وجود زهاء 3 آلاف قطعة تراثية وشعبية تؤرخ للأدوات، التي كانت سائدة في فترات زمنية تعود لأكثر من 150 عاما ماضيا، وتضم أدوات الطبخ والزراعة والإنارة وأنواع السلاح والعملات واللباس وغيرها الكثير من القطع النادرة، مشيرا إلى أن كلفة جمع وشراء بعضها بلغ زهاء 30 ألف دينار، مشيرا إلى أن المتحف مر بعدة مراحل من التحديث والإضافات خلال السنوات الماضية، والتي نفذها بمجهود شخصي وعلى نفقته الخاصة.
يشار إلى أن تلك المتاحف تستقبل سنويا العديد من الزوار والأفواج السياحية من دون مقابل؛ وذلك بهدف تنشيط الحركة السياحية بمناطقها.
بدوره، أكد مدير ثقافة عجلون سامر فريحات الحرص على دعم المنتديات والهيئات الثقافية والمتاحف التراثية والشعبية لتؤدي رسالتها التنويرية، وتعزيز قدراتها في الحفاظ على التراث الشعبي الذي تتميز به المحافظة.
وبين أن فلسفة المتاحف الشعبية والتراثية، قائمة على أساس إشباع الجانب الروحي، للراغبين بالاطلاع على طبيعة الحياة التي عاشها الآباء والأجداد وحجم المعاناة التي واجهتهم، وحتى يكون كبنك معلومات للباحثين والدارسين في طبيعة وأنماط ومصاعب الحياة التي كانت سائدة في تلك الفترات، حيث تضم عشرات القطع من الأدوات الزراعية كالمحراث والمنجل والمطاحن المنزلية والأواني الفخارية والنحاسية، إضافة إلى أنواع من الأسلحة القديمة كالسيوف والبنادق والمسدسات القديمة، والعديد من الأزياء الشعبية القديمة المطرزة والمهدبة، وأنواع من العملات الحديدية والورقية القديمة ومئات الوثائق والصور والمجسمات التي تحكي قصصا وحكايات مراحل سياسية واجتماعية سابقة.

عامر   خطاطبه/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة