الذل والهوان العربي …. بيدنا وبيد عدونا!
لتفسير هذه الحالة المُهينة والمزرية للعرب والمسلمين لا بد من الرجوع إلى التاريخ وربطه بالواقع الراهن بما فيه من العار والخزي والذل غير المسبوق لدى شعوب الأرض، فقبل مجيء الإسلام كان بعض العرب يتبع الفرس وبعضهم يبتع للروم، ويتقاتلون فيما بينهم لصالح هذا وذاك، وقد وصف ابن خلدون العرب بوصف ينطبق على حالهم هذا فبين أنهم ينقادون بواحدة من الطرق الثلاث: من غيرهم، أو بالقوة، أو بالإسلام الذي وحدهم وهذبهم وجعلهم أمة واحدة بقيادة واحدة، والتاريخ والواقع يشهدان بسلامة هذا الرأي والتحليل العميق.
ولتدليل على ما نحن فيه تذكر كتب التاريخ أنه بعد انتهاء الحملات الصليبية على المشرق العربي والإسلامي اجتمع ملوك أوروبا وكان عددهم أكثر من خمسين ملكا، وتدارسوا أسباب فشل الحملات والهزيمة، فكان رأي ملك فرنسا أن العالم الإسلامي يقاتل تحت راية واحدة، ونحن ـــــــ أي ملوك أوروبا ـــــــ نقاتل تحت خمسين راية، وعلينا منذ الآن أن نجعلهم يقاتلون تحت خمسين راية ونحن تحت راية واحدة، ومنذ ذاك التاريخ وهم يعملون للوصول إلى هدفهم في تمزيق هذه الأمة وابعادها عن دينها وتاريخها وثقافتها بشتى الطرق للوصول لهدفهم.
وما نحن فيه من الهوان والذل والتبعية وغياب الإرادة والهزيمة المادية والمعنوية هو نتيجة طبيعية ساهمنا فيها بنفس القدر الذي ساهم فيه أعداء الأمة ، وساهم في ذلك الجهل وغياب الوعي الكافي والفقر والمرض ، كما ساهم فيه وجود القيادات التابعة ثقافيا وفكريا للغرب ، فالعيب فينا قبل أن يكون من غيرنا ، ونلوم بعضنا قبل أن نلوم عدونا ، فهو يعمل بخطط معلنة ويخدعنا بمجموعة من الاكاذيب التي يسوقها علينا كالديمقراطية التي يقبلها في بلاده ولا يقبل بنتائجها في بلادنا ، وحقوق الطفل والمرأة والإنسان التي يريدها أدوات هدم لقيمنا وثقافتنا وتاريخنا وديننا .
فأعداء الأمة يعملون بيد معلنة من الحروب العسكرية والاقتصادية والسياسية والنفسية بكل الوسائل كي تستمر حالة الوهن والذل ، وبيد خفية يساعدها جهلنا وتخلفنا وسوء فهمنا لديننا وبتسليط بني جلدتنا علينا ، ومن الأمثلة على ذلك صناعة الجماعات والفرق والطوائف وأيدولوجيات معينة وملل ونحل تنتسب إلى الأمة في ظاهرها ، وفي حقيقتها هي معاول هدم وتمزيق ، فالقاعدة الجهادية في المكان والزمان الخطأ صناعة سياسية مخابراتية عالمية لتحقيق مأرب عدة ، ثم لما انتهى الهدف منها تم القضاء عليها ، وداعش صناعة مخابراتية عالمية ومن بعض أجهزة دول المنطقة، وبنفس الطريقة تمت محاربتها والقضاء عليها عندما حققت أهدافها السياسية والفكرية .
أما فكرة الشيعة التي ظهرت مبكراً في صدر الإسلام كفكرة سياسية وجدت من يغذيها من أعداء الأمة على اختلاف مسمياتهم لتتطور الفكرة من خلاف سياسي إلى خلاف سياسي وعقائدي وفقهي ومذهبي يستحيل معه الاتفاق أو التوافق، وفي التاريخ العربي والإسلامي في حروبهم مع اعدائهم لم تقف الشيعة يوماً في صف الأمة ؛ بل كانت الشيعة على الدوام تطعن الأمة في ظهرها ، ولا يتوقع اطلاقاً أن تقف هذه الأيام في صف القدس والأقصى وغزة ، والخطابات هي سياسية ومن باب ذر الرماد في العيون ، وفعلها في تمزيق جسم الأمة لا يقل خطورة عن فعل بقية أعداء الأمة .
وضمن حلقات الاستهداف والتمزيق جاء الاستعمار بدويلات هزيلة بأدوات واشخاص ضعيفة في السياسة والاقتصاد والتعليم لصناعة أمة ذيلة تابعة لا تملك من أمرها شيئا، وما نراه اليوم من التبعية والعجز يفسر هذه الحالة من الوهن والذل حتى في ابسط الأمور الداخلية في إدارة الشأن الداخلي لكل قطر عربي مع انعدام الرؤية وغياب التنسيق والغيرة على المصالح المشتركة ، وغياب الحلول وضبابية المستقبل ، وانتظار الفرج من الخارج أو من السماء دون الأخذ بأسباب المنعة والعزة والكرامة ، ويراد لهذا الواقع أن يستمر ، والله المستعان .
التعليقات مغلقة.