إفلاس سياسي وعسكري للاحتلال.. ولا أهداف سوى المدنيين

يبزغ مسعى صهيوني، من بين براثن حرب الإبادة في قطاع غزة، لاستنساخ “أوسلو2” بصيغة منطقة “ب” المعمول بها في الضفة الغربية سبيلا لإحكام السيطرة الأمنية على القطاع عقب تفريغه من معظم سكانه، مع إبقاء المسؤولية المدنية محل نقاش، وذلك بعد انقضاء شهر على “إفلاس سياسي وعسكري” للاحتلال باستثناء فتك بالفلسطينيين واستباحة دمائهم، وتدمير مفاصل الحياة بالقطاع المحاصر.

غزة، الغارقة في الظلام بدون بارقة أمل أو ضوء، سوى شرارة القنابل والغارات المتتالية، تشهد قصفاً جوياً احتلالياً كثيفاً، لا سيما في شمال القطاع في محاولة لتسوية أرضه بعد تدمير الأبنية السكنية وضرب البنية التحتية وإرتقاء العدد الأكبر من المدنيين، تمهيداً لما يعتقد الاحتلال بمقاربته ميدانياً في التوغل البري المحدود، للتمهيد لمخطط تطبيق نسخة المنطقة “ب” في الضفة الغربية ضمن المساحة المُقتطعة من القطاع.

ولا يعد تنفيذ مخطط الاحتلال سهلاً نظير تحديات وازّنة ما تزال تعترض طريقه في قطاع غزة، الذي بات “مقبرة الأطفال”، وفق الوصف الأممي له، نظير استشهاد أكثر من خمسة آلاف طفل من إجمالي زهاء 10 آلاف فلسطيني، بينما يشن الاحتلال حرباً مسعورة على المشافي وسيارات الإسعاف بالقطاع، أسوة بتركيز القصف الجوي الاحتلالي في الساعات الأخيرة وبشكل سافر على مستشفيات النصر للأطفال والرنتيسي التخصصي والعيون والصحة النفسية.
ويواصل الاحتلال الترويج لروايته الصهيونية الزائفة بشأن وجود مواقع للمقاومة الفلسطينية في مشافي القطاع لتبرير مجازره الوحشيّة؛ فطبقاً لحركة “حماس” فإن الاحتلال استهدف مباشرة مستشفى الصحة النفسية الوحيد في قطاع غزة، ويواصل الكذب بشأن وجود ممرات آمنة للنازحين والكوادر الطبية، منبهة إلى أن الممرات الآمنة التي يتحدث عنها الاحتلال ما هي إلا ممرات للموت.
وإذا كانت المنظومة الصحية أضحت عاجزة تماماً مع دخول عدوان الاحتلال شهره الثاني؛ فإن الاستهداف الاحتلالي المباشر مصوب للمخابز من أجل حدوث أزمة كبيرة في توفير الغذاء للمدنيين، في ظل الصمت الدولي الذي يعد ضوءا أخضر بالنسبة للإرهاب الصهيوني للاستمرار في مجازره.
وطبقاً لوزارة الصحة الفلسطينية بغزة؛ فإن فلسطينياً يستشهد كل أربع دقائق جراء عدوان الاحتلال المستمر على القطاع منذ 31 يومًا، والذي أسفر الآن عن أكثر من 10 آلاف شهيد.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، إنه في كل ساعة يقتل القصف الاحتلالي ستة أطفال وأربع نساء من سكان القطاع، مشيراً إلى أن الاحتلال ارتكب 19 مجزرة خلال الساعات الأخيرة، نجم عنها 252 شهيدًا فيما ارتفع عدد المجازر ضد العائلات إلى 1050 عائلة جزء كبير منها أبيد بالكامل.
وأكد القدرة أن عدد الشهداء جراء العدوان الذي دخل شهره الثاني ارتفع إلى 10022 شهيدًا منهم 5104 أطفال و2641 سيدة إضافة إلى 25408 جرحى، لافتا إلى استشهاد 192 كادراً صحياً واستهداف 116 مؤسسة وإخراج 16 مستشفى عن العمل.
وارتفع عدد الشهداء الصحفيين إلى 49 فلسطينياً منذ بداية عدوان الاحتلال على غزة، وذلك بارتقاء الصحفي في وكالة “وفا الرسمية” الفلسطينية، محمد أبو حصيرة، الذي استشهد مع 42 من عائلته، من بينهم أبناؤه وإخوانه، بالإضافة إلى إصابة الصحفي محمد حمودة، جراء قصف احتلالي همجي استهدف منزليهما في مدينة غزة.
في حين كشفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، أن 70 % من سكان قطاع غزة
أصبحوا نازحين، ويعيش معظمهم في ظروف مروعة في ملاجئ الأمم المتحدة.
ولليوم الثاني والثلاثين من حرب الإبادة الجماعية؛ جددت طائرات الاحتلال قصفها الجوي والبحري والمدفعي على قطاع غزة، موقعة عشرات الشهداء والجرحى، فضلاً عن تدمير المنازل والبنايات والشقق السكنية، والممتلكات العامة والخاصة الفلسطينية.
وأدى العدوان الاحتلالي على منزل بمخيم الشابورة في رفح، جنوب قطاع غزة، إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى 21 فلسطينياً واصابة العشرات، كما ارتقى شهداء وجرحى بغارات عدوانية كثيفة استهدفت محيط مستشفى كمال عدوان، شمال قطاع غزة، ومسجد حطين في بئر النعجة، شمالي قطاع غزة، ومحيط مشفى القدس في حي تل الهوا، جنوب مدينة غزة، وفي حي الصبرة والزيتون جنوب المدينة.
وتعرض مخيم الشاطئ لقصف مستمر من قبل البوارج الحربية للاحتلال، بينما دمرت طائرات الاحتلال منزلا في بلدة القرارة، شمال خان يونس، مثلما استمرت مدفعيته العدوانية في قصفها لاطراف حي الشجاعية، شرق غزة، وعلى طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، في ظل مساعي الاحتلال لفصل مدينة غزة عن باقي مناطق قطاع غزة الوسطي والجنوبية.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن أكثر من 250 غارة شنتها طائرات الاحتلال الليلة الماضية مخلفة عدة مجازر بقصف المنازل التي كانت تؤوي عشرات النازحين من غزة والشمال.
ولم يتوقف عدوان الاحتلال ضد غزة فقط، فقد شيعت الضفة الغربية المحتلة ثمانية شهداء في غضون 24 ساعة.
وتشهد الضفة تصعيداً خطيراً، حيث شيع آلاف الفلسطينيين، أمس، جثامين أربعة شهداء بمخيم طولكرم شمالي الضفة، والذين اغتالتهم قوة خاصة من الاحتلال، خلال مرور مركبتهم على دوار في شرق المدينة، التي تشهد إضراباً شاملاً للاحتجاج على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد كل من؛ جهاد مهراج شحادة (22 عاماً)، وعز الدين رائد عواد (25 عاماً)، وقاسم محمد رجب (20 عاماً)، وهم من مخيم طولكرم، ومؤمن سائد بلعاوي (20 عاماً) من سكان الحي الشرقي بمدينة طولكرم.
وأطلق المشيعّون التكبيرات والهتافات الوطنية الغاضبة المنددة بجريمة الاحتلال بحق الشبان الأربعة، وبمجازر الاحتلال، ومرددين شعارات تدعو للثأر من جنود الاحتلال والمستوطنين وتصعيد المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
واستنكر المشيعون في كلماتهم جرائم الاحتلال المستمرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، مؤكدين “صمود الشعب الفلسطيني ومواصلة المقاومة ومواجهة كل جرائم الاحتلال التي لن تمنعه من مواصلة الطريق نحو الحرية حتى التحرير والعودة”.
وأعلنت وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية، أن مائة و 63 شهيداً في الضفة الغربية ارتقوا برصاص الاحتلال منذ بدء معركة “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بينما بلغ عدد الشهداء في الضفة منذ بداية العام الجاري 371 شهيداً.

وكالات/  نادية سعد الدين

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة