“زراعة” ماحص والفحيص.. تحديات القطاع تتعاظم ومخصصاته تتآكل

يواجه القطاع الزراعي في لواء ماحص والفحيص بمحافظة البلقاء، تحديا بارزا يتمثل في ضعف المخصصات المالية وعدم كفايتها وجدواها للنهوض به، بما يواكب الطموحات والتطلعات بهذا الخصوص وكذلك تطوير مخرجاته في مختلف الجوانب.

يتزامن ذلك وينعكس بشكل آخر على واقع المزارعين أنفسهم، لا سيما فيما يتعلق بملف تعثر فتح العديد من الطرق الزراعية الضرورية، وكذلك ارتفاع كلف الإنتاج وكلف الأيدي العاملة الوافدة مع عزوف العمالة المحلية عن العمل في القطاع، وذلك كله وسط توسع عمراني لافت بات يلتهم المساحات الزراعية أكثر فأكثر.

في حديثه لـ “الغد”، قال مدير زراعة لواء ماحص والفحيص المهندس أسامة بزبز الحياري، إن المديرية تعتمد بالدرجة الأولى والرئيسة على المخصصات المالية من مجلس المحافظة (اللامركزية)، مشيرا بهذا الخصوص إلى تراجعها بشكل ملحوظ ومؤثر من 90 ألف دينار للعام الماضي، إلى 24 ألفا فقط للعام الحالي.
ذلك الأمر وفق الحياري، يشكل ضربة للمديرية التي تسعى بكل جهدها وطاقتها إلى تكييف ذلك المبلغ المحدود لإنجاز أكبر قدر ممكن من الخدمات والمشاريع التي يحتاجها القطاع الزراعي في اللواء، إلا أنه لم يُخفِ حدوث أثر سلبي ناتج عن ضعف المخصصات.
فعلى سبيل المثال، يقول الحياري إن عدد آبار المياه التي أنجزتها المديرية في اللواء خلال العام الماضي وصل إلى 50 بئرا بسعة 30 مترا مكعبا، لكن العدد انخفض إلى 16 بئرا فقط خلال العام الحالي، لافتا إلى أن كلفة البئر الواحدة تصل إلى ألفي دينار، وأن المديرية استطاعت من خلال مخصصات العام الماضي أيضا، أن تستكمل مشروع الغابة الصنوبرية.
وتطرق بهذا الخصوص، إلى أهمية الآبار في ظل التحديات المائية الصعبة التي تواجهها المملكة، مشيرا إلى أن الآبار توفر كميات مياه مناسبة للمنازل وكذلك لري المزروعات لتخفيف العبء على موارد المياه، وذلك من خلال الاستفادة من مياه الأمطار وتخزينها.
ودعا الحياري، إلى أن تكون هناك “عدالة في تقسيم موازنة مجلس المحافظة على مختلف القطاعات بين القصبة والألوية والأقضية، بحيث لا يكون التركيز وتكون حصة الأسد فقط للقصبة”، مثلما طالب بأن تكون حصة القطاع الزراعي “من رأس الكوم” على حد تعبيره.
وتتطلع المديرية إلى التمكن من استكمال مشروع كلفته نحو 50 ألف دينار ويتعلق بإنجاز أعمال تبطين قنوات الري في بساتين ماحص ووادي شعيب، وذلك بحسب الحياري، لتقليل نسبة الهدر بالمياه والفاقد كون قنوات الري الموجودة متهالكة وعمرها طويل وجزء كبير من المياه تذهب هدرا.
وقال الحياري، إن اللواء يشمل 10 آلاف دونم مزروعة بالزيتون، و4 آلاف دونم مزروعة باللوزيات، و4 آلاف و 3 آلاف دونم مزروعة بالأشجار المتنوعة، ونحو 4 آلاف دونم عبارة عن أراضي حراج، مشيرا إلى وجود 50 شخصا من كبار المزارعين في اللواء، فيما يتجاوز عدد صغار المزارعين 250 شخصا.
وتطرق الحياري إلى العديد من التحديات التي تواجه المزارعين، منها عدم فتح طرق زراعية وبالتالي صعوبة وصولهم إلى الأراضي خصوصا في منطقة بساتين ماحص، مشيرا هنا إلى أهمية إعادة ترسيم وتنظيم الأراضي الزراعية من قبل الجهات المعنية لحل مشكلة فتح الطرق، لا سيما أن العديد من المزارعين اضطروا لهجر مزارعهم رغم أنها تُروى من المياه الجوفية من خلال قنوات الري والينابيع.
كما تطرق إلى أن العديد من كلف مدخلات الإنتاج تثقل كاهل المزارعين بسبب ارتفاع أسعارها، لا سيما المستلزمات الزراعية من أسمدة وأشتال وبذور وغير ذلك، وكذلك ارتفاع كلف الأيدي العاملة الوافدة وأجور النقل مع قلة المردود وضعف التسويق، بالإضافة إلى تحديات لها علاقة بالزحف العمراني المتزايد والتوسع بتنظيم وتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية، خصوصا خلال العام الحالي، مشددا بهذا الخصوص، على أن المديرية بصدد عمل دراسات لحصر المساحات المرتبطة بذلك.
ورغم ضعف المخصصات المالية وما تشكله من عائق أمام تحقيق المزيد من الإنجازات، إلا أن الحياري أكد مضي المديرية في بذل كل ما يمكن بذله في سبيل تطوير واقع القطاع الزراعي، لافتا بهذا الخصوص إلى أن المديرية ومن خلال أقسام الإرشاد تقوم بزيارات ميدانية منتظمة إلى المزارع وإعطاء النصح للمزارعين بشكل مباشر، وتسهيل عملهم وتأكيد آليات التعامل مع الأشجار وكيفية بيع المنتجات بطريقة سليمة تحقق مردودا أعلى وبجودة أعلى أيضا.
وقال الحياري، إن المديرية تعمل “مدارس حقلية” من خلال مشروع الإرشاد الزراعي، وذلك بتدريب 15 مزارعا على طرق الري “تحت السطحي” لتقليل الفاقد من مياه الري، وبحيث يقوم كل متدرب لاحقا بتدريب 15 مزارعا آخر من خلال المدرسة الحقلية، فيما أشار إلى أن المديرية تقوم بتقديم خدمات تتعلق بالاستفادة من التعرفة المخصصة لساعات الكهرباء والمياه الزراعية.
وأضاف، أن المديرية تقوم بتوزيع المبيدات الزراعية خدمة للقطاع الزراعي ومزارعي اللواء، بالإضافة لخدمات التقليم والرش وعمل جولات لمكافحة الأمراض السارية على الأشجار، ومنها مثلا مشروع مكافحة سل الزيتون وذبابة ثمار الزيتون، فيما تقوم أيضا وبالتشاركية مع مختلف المديريات والجمعيات والبلديات بتقليم الأشجار الحرجية المتواجدة على أرصفة وجوانب الطرق والمتشابكة مع أسلاك الكهرباء، وكذلك العمل على فتح الطرق الزراعية والتنظيمية من خلال إزالة الأشجار التي تشكل عائقا.
ولفت الحياري إلى قيام المديرية بعمل دورات وندوات ميدانية لتوعية المزارعين بقطاع الزيتون كونها الآن فترة نضج الثمار وقطافها، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية، بالإضافة للمشاركة بمهرجان الزيتون السنوي الذي تنظمه وزارة الزراعة في “مكة مول” بعمان، وفيه يقوم المزارع بعرض منتجاته بعد فحصها من قبل الكوادر المختصة لبيعها للزبائن.
وتطرق إلى مخاطبة المديرية للوزارة لتخصيص قطعة أرض لجمعية ماحص السياحية لإنشاء معرض دائم للمنتجات الزراعية الطازجة خصوصا في مواسمها، متوقعا أن يتم إنشاء المعرض خلال العام المقبل، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أن المديرية تقوم بعمل البازارات والمعارض في اللواء خلال مواسم كموسم الرمان والدراق والتين والحمضيات بشكل عام، وبيعها بأسعار تفضيلية بالتشاركية مع المزارعين.
وتقوم المديرية أيضا وفق الحياري، بإصدار رخص إزالة الأشجار الحرجية التي تتعارض مع الأشجار المثمرة في المزارع الإنتاجية، وتشجيع المزارع على استبدالها بالأشجار المثمرة مع مراعات الأشجار التي تكون مزروعة كمصدات رياح، حيث لا يتم إزالتها، بل يتم الإبقاء عليها لكسر حدة وشدة الرياح تجاه الأشجار المثمرة.
وأضاف، أن المديرية تقوم بزراعة من 20 إلى 30 دونما كل عام بالأشجار الحرجية لزيادة الرقعة الخضراء والمحافظة على البيئة، مثلما تقوم من خلال الوزارة بتخصيص قطع أراض لإنشاء أبنية مثل المراكز الصحية والمدارس ومراكز الدفاع المدني للمساهمة في خدمة المجتمع، لافتا بهذا الخصوص إلى المضي بتخصيص 3 دونمات في ماحص لإيواء الكلاب الضالة، والبحث عن قطعة أرض مناسبة لتكون مقبرة إسلامية في ماحص أيضا.
وبشأن الثروة الحيوانية، أكد الحياري أن المديرية تتابع أولا بأول احتياجات العاملين في هذا القطاع، من خلال توفير المطاعيم للأمراض السارية وتنفيذ مشروع الترقيم الإلكتروني للمواشي لحصر الحيازات بالثروة الحيوانية.

محمد سمور/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة