“البالة” ملاذ الطبقات الفقيرة لتوفير احتياجاتهم من الملابس

ثمن معطف واحد من محال بيع الألبسة الجديدة قد يعادل قيمة راتبها التقاعدي، لايمكنها بأي حال من الأحوال أن تشتري من تلك المحال، لكنها تجد في محال “البالة” الملاذ الآمن لاتقاء برد الشتاء.

بصبر جميل، تتجول أم سمير وابنتاها في أروقة أحد محال بيع الألبسة المستعملة البالة في محافظة الزرقاء لاقتناء معاطف شتوية لها ولابنتيها.

وتقول أم سمير” يمكن أن أحصل على معاطف ذات جودة جيدة وبتكلفة منخفضة مقارنة مع المعاطف في محال بيع الالبسة الجاهزة والرسمية”.
وتضيف أم سمير التي التقتها “الغد” خلال جولة في محال بيع الالبسة المستعملة “اعتدت منذ 4 أعوام على شراء اغلب الالبسة لي ولأفراد عائلتي الخمسة من هذه المحال، لأن ظروفي المادية لا تتيح لي الشراء من محال الالبسة التي يعادل احيانا سعر بيع قطعة واحدة فيها راتبي التقاعدي”.
وتشهد محال بيع الألبسة المستعملة “البالة” في السوق المحلية اقبالا ملحوظا من المواطنين والذي تزايد عددهم مع بدء دخول موسم الشتاء، وفق مستثمرين في قطاع الالبسة.
ومع تنامي الضغوط الاقتصادية والمعيشية لدى المواطنين وتقلص القدرات المالية لكثير منهم باتت محال “البالة” التي تبيع الملابس بأسعار مخفضة للغاية ملاذا للطبقات الفقيرة والمعوزة، وأحيانا للطبقة الوسطى للتزود وتوفير احتياجاتهم من الملابس.
الطالبة الجامعية عتاب عمور تقول “أحتاج في الفصل الدراسي الواحد إلى اقتناء اكثر من “لبسة” وقدرتي لا تسمح بالشراء دوما من محال الماركات او تلك الجاهزة التي تعد فيها الاسعار مرتفعة قياسا بالوضع المالي لأهلي”.
وتؤكد عمور أن “البالة” في كثير من الأحيان تجمع بين الجودة والتوفير إلا أن الشراء منها يحتاج إلى هدوء أعصاب وصبر غالبا  لتتمكن من “اصطياد” القطعة المناسبة، مشبهة ذلك بالبحث عن “ إبرة في كومة قش”، لكنها تبقى عملية تسوق ممتعة على حد وصفها.
أما يوسف أحمد فيؤكد أنه يقصد “البالة” فقط خلال فصل الشتاء إذ إن أسعار الملابس الشتوية في محلات الملابس الجديدة مرتفعة، مبينا أن سعر المعطف لطفل في سن العاشرة لا يقل عن 20 دينارا في حين أنه يمكن تحصيلها في البالة بـ5 دنانير وأقل من ذلك احيانا، لافتا إلى أن الأمر ينسحب على اغلب الالبسة الشتوية.
ويقول يوسف الذي يعيل 6 أطفال “بدأت بالتوجه إلى الشراء من محال بيع الالبسة المستعملة منذ فترة جائحة كورونا نتيجة تقلص قدراتي المالية واضطررت لترشيد نفقاتي الاستهلاكية بعد فقداني لوظيفتي السابقة قبل أن أعثر على عمل جديد نهاية العام الماضي”.
إلى ذلك، أكد المستثمر في قطاع الألبسة المستعملة ماجد أبو جمال أن المحال تشهد إقبالا جيدا وأنه في حالة تزايد منذ انخفاض درجات الحرارة.
وأوضح أبو جمال أن تزايد الاقبال على محال بيع الالبسة المستعملة مؤخرا، امتداد لحالة الانتعاش التي تشهدها هذه المحال منذ خمس سنوات تقريبا، مبينا أن حجم استيراده الخاص من الألبسة المستعملة ارتفع خلال السنوات الاخيرة بما يقارب 50 % عن الفترة التي سبقت السنوات الخمس الماضية.
ويذكر أن مستوردات الأردن من الألبسة (الصيفية والشتوية) خلال العام الماضي كانت قد ارتفعت بنسبة 22.7 %، مقارنة مع عام 2021، إذ بلغ حجم مستوردات الألبسة للعام الماضي 235 مليون دينار، مقابل 192 مليونا عام 2021.
كما زادت مستوردات الأردن من الأحذية خلال العام الماضي بنسبة 21.9 % لتصل إلى نحو 55 مليون دينار، مقارنة مع 45 مليون دينار لعام 2021 وفق المعطيات الإحصائية الصادرة عن نقابة تجارة الألبسة والأحذية والأقمشة، وعزا أبو جمال هذا الاقبال إلى انخفاض اسعار البيع في هذه المحال مقارنة مع غيرها من محال بيع الالبسة، وهو ما يناسب المواطنين الذين يعانون من تراجع أوضاعهم المالية نتيجة الظروف الاقتصادية السائدة مشيرا إلى ان حجم الاقبال، على محال “ البالة” خلال فصل الشتاء يتضاعف مقارنة مع بقية فصول السنة.
وبين أبو جمال بأن محال “ البالة” تناسب كافة طبقات المجتمع ولا تنحصر في طبقة معينة، وبأن اصناف الالبسة فيها تتفاوت إلى أكثر من درجة وصنف لكنها تبقى أرخص بكثير من الاسعار خارج هذا النوع من المحال، حيث إن أسعار الجاكيت لكافة الفئات العمرية في محال البالة تترواح ما بين 2-10 دنانير للجاكيت الواحد.
بدوره، قال نقيب تجار الألبسة والأقمشة السابق أسعد القواسمي “ ظاهرة انتشار محال الالبسة المستعملة (البالة) في الاردن تعد قديمة للغاية وبدأت في الانتشار محليا منذ عام 1956، حيث كانت تنتشر عشرات المحال والاسواق التي تبيع هذه الملابس بشكل واضح في منطقة سقف السيل، ويرى القواسمي أن انتشار محال بيع الالبسة المستعملة لأصناف الالبسة من الدرجة الاولى تعد ظاهرة جديدة أخذت بالبروز في السنوات الاخيرة بشكل كبير، وتشهد منافسة واسعة إضافة إلى استقطابها للمتسوقين نتيجة لأسعارها المنخفضة، حيث انها باتت ملاذا للطبقات الفقيرة والمعوزة، واحيانا للطبقة الوسطى في ظل الاوضاع الاقتصادية القائمة.
وأوضح القواسمي أن ازدهار تجارة الالبسة المستعملة في الأردن له وجه آخر سلبي بالنسبة لبقية محال بيع الألبسة حيث ألحق بها ضررا كبيرا وأدى إلى تراجع مبيعاتها في كثير من الأسواق المحلية، داعيا إلى وجوب إعادة تنظيم قطاع الألبسة بما يضمن العدالة لكافة المحال الممارسة فيه.

عبدالرحمن الخوالدة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة