“أعشاب جرش البرية والعلاجية”.. كنز في سفوح الجبال والأودية يستهوي العائلات
جرش – تجوب العديد من العائلات الجبال والأودية في جرش وغيرها من المحافظات، بحثا عن الأعشاب الشعبية والتقليدية في هذه الأوقات وذلك عبر تنظيم رحلات جماعية، في سعي نحو الحصول على الأعشاب العلاجية وبعض الحشائش، التي لا تنبت إلا في جبال وأودية جرش، نظرا لطبيعتها المناخية والجغرافية.
وتعتبر الخبيزة والرجف والزعتر البري واللوف والنعنع البري والجرجير والكزبرة البرية، أهم أنواع الأعشاب التي يبحث عنها المتنزهون، وتنبت هذه الأعشاب في أوقات محددة ولفترات محدودة كذلك، حيث يتم جمع الأعشاب ومن ثم بيعها في الأسواق المركزية أو على البسطات.
أم أمجد الراعي تجمع جاراتها وقريباتها سنويا في هذه الفترة لتنظيم رحلات جماعية بأقل التكاليف إلى جبال عجلون، بهدف جمع هذه الاعشاب والتي يستخدم بعضها في الطب البديل، وتجفف لصناعة أنواع مختلفة من التوابل والبهارات، وتعد منها المأكولات الشعبية ومنها الجعاجيل والرشوف.
وأوضحت أن هذه الرحلات التي تنظم مرة أو مرتين في العام الواحد تنتظرها السيدات بفارغ الصبر ويقضين يوما كاملا على سفوح الجبال وجنبات الأودية لغاية جمع هذه الأنواع وبيعها، وتأمين مونة المنزل منها بعد تنظيفها وتجفيفها وتصنيعها، ومن المعروف أنها تنبت في هذه الفترة في جبال محافظة جرش بشكل خاص.
وفي المقابل يستثمر العديد من المتعطلين عن العمل موسم التبقيل “كما يطلق عليه بجمع الحشائش والأعشاب”، والذي بدأ باكرا هذا العام في توفير مصدر رزق مؤقت لأسرهم ليتمكنوا من إيفاء بعض من متطلبات الشهر، خاصة وأن محافظة جرش تعد مصدرا للعديد من الاعشاب الطبية والبرية التي تطلبها آلاف الأسر سنويا بهدف العلاج وعمل التوابل بمختلف أنواعها.
ويلجأ العاملون في التبقيل على بيع منتوجاتهم داخل الأسواق المركزية وسوق مدينة جرش وعلى جنبات الطرق والأرصفة التي تمر فيها الأفواج السياحية والبعض منهم يعمل بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والمطابخ الإنتاجية التي تحتاج هذه المنتوجات، وبالتالي يتم تجهيزها وتسويقها وفق ما يحتاج له المواطنون وبكميات محددة وأسعار مناسبة.
وأكدوا أن تساقط الأمطار في هذا الوقت ينعش نمو الأعشاب والحشائش الطبية التي يختصون بالعمل فيها، لا سيما وأن الكميات المتوفرة جيدة هذا الموسم، ومن المتوقع أن تنمو كميات جديدة وتتكاثر الكميات الموجودة، مما يزيد من كميات الإنتاج وتوفر لهم دخلا مناسبا قبيل حلول شهر رمضان وعدم توفر مصادر دخل ثابتة.
وتعتمد آلاف من الأسر الجرشية من ذوي الدخل المحدود على موسم التبقيل في تغطية جزء من نفقات فصل الشتاء لتأمين وسائل التدفئة وتغطية نفقات ومستلزمات الأسر الأخرى، في الوقت الذي تتراجع فيه فرص العمل وإغلاق نسبة كبيرة من المحال التجارية بسبب تراجع القوى الشرائية.
ويتوجه آلاف من المتعطلين عن العمل يوميا إلى سفوح الجبال وجوانب الأودية في المحافظة، خاصة في هذه الفترة التي نمت فيها عشرات من أنواع الأعشاب الطبية والبرية المطلوبة، والتي يقصدها المواطنون في محافظة جرش لأسباب طبية وصحية وغذائية ويصعب العثور عليها في وقت قصير.
ويمتهن المئات من أبناء مخيمي جرش وسوف العمل بالتبقيل، ويستمر العمل فيها حتى نهاية الشهر المقبل. يتوجهون كل صباح بما يجمعونه إلى البسطات والأسواق المركزية؛ لبيعها بعد الاحتفاظ فيها كل مساء في أجواء رطبة لضمان حفظها طازجة تصل للمستهلكين ومن ثم توزع كل صباح إلى التجار والمستهلكين والبسطات بأسعار مناسبة.
واعتاد أهل القرى والبلدات والأرياف في مثل هذا الوقت من كل عام على التبقيل، مما تنبت به الأرض من حشائش وأعشاب طبية، خاصة بالقرب من عيون وينابيع المياه، التي تسرع في نموها، كما أن العشرات من المتعطلين عن العمل وأرباب الأسر يقومون بجمع هذه الأعشاب وبيعها على الأرصفة وجوانب الطرقات، بحسب المواطن غسان العياصرة.
وبين أن مهنة التبقيل من المهن الموسمية التي توفر مصدر رزق لأرباب الأسر لشراء احتياجاتهم من الوقود وهو أهم متطلب في ظل الظروف الجوية الحالية، فضلا عن ضرورة دفع أقساط الجامعات والجهات الإقراضية المختلفة.
إلى ذلك، قال أكرم بنات من أبناء مخيم جرش :إن الآلاف من أبناء المخيم عاطلون عن العمل ويعتمدون على العمل الموسمي في مختلف المواسم وحاليا الموسم النشط هو موسم التبقيل، حيث يتوجه في كل صباح مئات من الأسر إلى سفوح الجبال وجوانب الأودية وبالقرب من عيون وينابيع المياه للتبقيل وبيع ما يجمعون في الأسواق الشعبية والمركزية، ويقومون بتوزيع جزء كبير من المنتجات على البسطات بجانب الطرقات الرئيسية والفرعية.
ويعتقد بنات، أن هناك العديد من الزوار الذين يرغبون بزيارة عيون وينابيع المياه التي يرتفع منسوبها هذه الفترة وتنمو بجوارها أنواع متعددة من الأعشاب والحشائش، إذ يقتصر وجودها على أسابيع قليلة ومن ثم تجف.
ويستمر موسم التبقيل حتى نهاية الشهر المقبل، حيث تعتاش المئات من الأسر على ما يوفره هذا الموسم من منتجات تباع في الأسواق وعلى جنبات الطرق وينتظرها الزوار سنويا.
وأكد مواطنون أن مئات الزوار يحضرون يوميا للعيون وينابيع المياه لغاية التنزه بجوارها أو شراء ما قام بتبقيله الجرشيون من سفوح الجبال، كونهم يجيدون البحث عن مختلف الأنواع ويحددون مواقعها بسرعة وبشكل أفضل، مثل: الجرجير والكزبرة والرجف واللوف والزعتر البري والفطر البري والخبيزة.
وعادة ما يعمد المزارع موسى الريموني، إلى جمع الأعشاب بمختلف أنواعها في مثل هذا الوقت من كل عام، ليبيعها في أسواق جرش أو على الطرقات التي تشهد حركة سير على مدار الساعة.
ويقول: إن مزرعته تقع بالقرب من عين مياه دائمة في بلدة ريمون، مما يساعده على استثمار قطعة الأرض التي يمتلكها ليوفر دخلا شهريا مناسبا لأسرته التي يبلغ تعدادها 8 أفراد.
وأوضح أن الأنواع التي تنبت في محافظة جرش لا تنبت في محافظات أخرى نظرا لتضاريسها الجبلية والأودية التي تتلاءم درجات الحرارة فيها مع طبيعة نمو هذه الأعشاب، وبعد كل ارتفاع في درجات الحرارة يزور سفوح الجبال والأودية العديد من الزوار من مختلف المحافظات يبحثون عن الأعشاب بشكل خاص.
بدوره قال مدير زراعة جرش الدكتور فايز الخوالدة: إنه من الطبيعي أن يسهم تساقط الأمطار الغزيرة بزيادة منسوب مياه الينابيع والعيون، وزيادة المخزون المائي في السدود، إضافة إلى تفجر عيون مياه جديدة، خاصة في بلدة سوف التي تتميز بكثرة العيون والينابيع فيها، متوقعا أنه في حال استمر تساقط الأمطار الغزيرة ستتفجر عيون مياه جديدة وقديمة في بلدة ساكب وقضاء برما وغيرها من مناطق وقرى محافظة جرش، مما يساعد على نمو أنواع وأشكال مختلفة من الأعشاب البرية والطبية التي يبحث عنها الزوار والمتعطلون عن العمل بعد كل منخفض جوي.
وبين أن الزوار اعتادوا على زيارة محافظة جرش في هذا الوقت من كل عام بحثا عن أنواع معينة من الأعشاب الطبية والبرية التي تتميز بها محافظة جرش واستخدامها إما في العلاج البديل أو صناعة التوابل، وهذه ميزة لسفوح الجبال في محافظة جرش.
التعليقات مغلقة.