رؤية الأردن والصين والأمم المتحدة في قمة الجنوب الثالثة


الدكتور موفق العجلوني

=

رؤية الأردن والصين والأمم المتحدة في قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ 77 والصين

بقلم/ السفير الدكتور موفق العجلوني

المدير العام / مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

——————————————

شارك الأردن في” قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ 77 والصين ” التي عقدت قبل أيام في العاصمة الأوغندية كمبالا، برئاسة معالي وزير الدولة المهندس وجيه عزايزة، وبمشاركة سعادةالسفير فراسخوري السفير الأردني في كينيا وغير المقيم لدى أوغندا. حيث أكد الوزير عزايزة ان هذه القمة بالنسبة للأردن تمثل فرصة لتعزيز التعاون وتبادل الأفكار في سبيل تعزيز التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية. والتي تؤكد على القوة الدائمةلهذهالمجموعة، والتي تتلخص في الوحدة والتضامن والرؤية العادلة للعلاقات المتعددة الأطراف التي تحدد مجموعة الـ 77 والصين.

 


و تأتي مشاركة الأردن في هذه القمة لدور الأردن في الذي يلعبه في تعزيز القدرة التفاوضية المشتركة داخل منظومة الأمم المتحدة، من منطلق الالتزامالثابت بتشكيل مجتمع عالمي أكثر إنصافاً وازدهاراً، حيث يقف أعضاء المجموعة متحدين في السعي لتحقيق رفاهية ورخاء الشعوب، وهو ما يجسد روح التعاون التي تكمن في قلب تحالف مجموعة الـ 77 والصين.


و تأكيداً على  أهمية  هذه القمة  في الاحتفال في الذكرى الستين لتأسيس مجموعة الـ 77 والصين ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وهو الأساس الذي نشأت منه مجموعة عدم الانحياز في عام 1964، دعا الوفدالاردني الى تجديد الالتزام بالمبادئ في معالجة تحديات التوترات الجيوسياسية، والأمن الغذائي وأمن الطاقة، والتضخم، وتقلبات الأسواق المالية، والنزوح، وأزمة اللاجئين تتطلب تعاونا دولياً مستمراً.كما أكد أهمية التخفيف من آثار تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، ودعم نتائج مؤتمرات المناخ، بما يتماشى مع جهود الأردن  الوطنية في الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.و تركيز الأردن على مشاريع المياه الوطنية والزراعة ، بما يعكس التزام الاردن بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتوازنة . حيث أعرب الوزير عزايزة عن القلق إزاء الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة، ودعا إلى زيادة الدعم، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى بذل جهود عالمية شاملة لتسريع التقدمومعالجة الفقر وتحسين التعليم والرعاية الصحية وتمكين الشباب والنساء. بنفس الوقت يتطلع الأردن بالتعاون مع الأعضاء أن تمثل هذه القمة بداية فصل جديد في الرحلة المشتركة نحو عالم أكثر شمولاً وإنصافًا.

 

 

بالمقابل أشار رئيس الوفد الصيني ليو كوة تشونغ نائب رئيس مجلس الدولة الصيني أن حركة عدم الانحياز التي نشأت في ذروة حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ساهمت بفعالية في دفع قضية السلام العالمي وتقدم الإنسان. ومن المهم أن تظل ملتزمة بقوة شخصيتها في الدفاع عن الاستقلال ومعارضة السياسات القائمة على القوة، وتعزيز روح البحث عن الأرض المشتركة مع تجاوز الاختلافات والتعايش السلمي، وتحمل المهمة المشتركة للبحث عن القوة من خلال التضامن والسعي للتنمية المشتركة، والدفاع عن قيم المساواة والعدالة والنزاهةخاصة أن هذا العام يحتفل بالذكرى الـ 60 لمجموعة الـ 77.

 

وعلى مدى الستة عقود الماضية، وجدت دول الجنوب مسارًا صحيحًا من المساواة والثقة المتبادلة والفائدة المتبادلة والتضامن والمساعدة المتبادلة. وكانولا زال الاستقلال هو السمة السياسية الرئيسية لدول الجنوب والبحث عن القوة من خلال التضامن، والتنمية والتطور والعدالة والنزاهة والتي هي تطلعات مشتركة.

 

وأضاف رئيس الوفالصين  السيدليو كوة تشونغبالقول،في الوقتالحالي، وفي وسط تحولات العالم غير المسبوقة، تواجه دول الجنوب بيئة دولية معقدة.وبالتالي يجب الاستمرار في السعي تحت الظروف الجديدة لاستكشاف مسار التحديث، وتعزيز التعاون الجنوب-الجنوب على مستوى أعلى، والمشاركة الفعالة في إصلاح نظام الحوكمة العالمي، وتعميق الشراكة العالمية للتنمية التي تكون موحدة ومتساوية ومتوازنة ومفيدة للجميع.

 

ولطالما وقفت الصين بثبات تام مع الدول النامية في السراء والضراء. علاوة على الاستعداد للعمل مع الدول النامية الأخرىمن اجل بناء مجتمع مشترك لمستقبل الإنسان، لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية والأمن العالمي.

 

ومن الجدير بالذكر ان الصين ليست عضواً في مجموعة الـ 77 حيث تدرج الصين كأحد أعضائها. تقدم الحكومة الصينية دعمًا سياسيًا ثابتًا لمجموعة الـ 77،وقدمت مساهمات مالية للمجموعة منذ 1994، لكنها لا تعتبر نفسها عضوًا. ونتيجة لذلك، تم الإدلاء بالبيانات الرسمية لمجموعة الـ 77 باسم مجموعة الـ 77 والصين.

 

بالمقابل وفي ضوء العدوان الوحشي المستمر على قطاع غزة،جدد معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش دعوته لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وتسهيل إطلاق سراح جميع الرهائن.حيث أشار السيد غوتيريش في كلمته في افتتاح قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ 77 والصين يوم الأحد الفائت في العاصمة الأوغندية كمبالا، إن هذا الأمر يبدأ بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية “لتخفيف المعاناة في غزة، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى كل من يحتاج إليها، وتسهيل إطلاق سراح جميع الرهائن، “وهو ما ينبغي أن يكون فوريا وغير مشروط. وإن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، “تسببت في نشر دمار هائل وقتل مدنيين على نطاق غير مسبوق، بما في ذلك أكثر من 150 من موظفي الأمم المتحدة. وأن هذا أمر “يفطر القلب، وغير مقبول على الإطلاق. وأن الرفض المتكرر لقبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين “أمر غير مقبول على الإطلاق.وأن إنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة من شأنه أن يطيل- إلى أجل غير مسمى- أمد الصراع الذي أصبح يشكل تهديدا كبيرا للسلام والأمن العالميين، ويؤدي إلى تفاقم الاستقطاب، وتشجيع المتطرفين في كل مكان.

 

بنفس الوقت أشار السيد غوتيرس، إلى أن العديد من أعضاء مجموعة الـ 77 يواجهون تبعات اقتصادية ناجمة عن جائحة كوفيد-19، والديون التعجيزية، وأزمة تكلفة المعيشة، وتكاليف الاقتراض الباهظة. وإنه رغم أن التعاون بين بلدان الجنوب قوي و متين ، فإنه لا يستبدل الحاجة لاحترام بلدان الشمال التزاماتها بالمشاركة المستدامة للحد من الفقر وعدم المساواة، ودعم النمو، وبناء القدرة على الصمود في البلدان النامية.

 

وأضاف أن السلام الذي يشكل أساس التنمية المستدامة ينهار وسط مناخ عالمي يسوده الإفلات من العقاب، منبها كذلك إلى التقنيات الرقمية التي تؤجج حجم الصراع رغم أنها تتمتع بإمكانات هائلة لتحقيق الخيرللجميع،و ان تصحيح عالمنا المضطرب يعتمد على العمل العالمي الفعال”، مشيرا إلى أن النظام الدولي “أصبح باليا، وعفا عليه الزمن، وخرج عن المسار الصحيح”. وأوضح أن مجلس الأمن الدولي “يعاني من الشلل” بسبب الانقسامات الجيوسياسية، وأن تركيبته لا تعكس واقع عالم اليوم، مشددا على أن المجلس “يجب إصلاحه.

 

وفي ختام قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ 77 والصين، تبرز الروح القوية للوحدة والتضامن بين الدول النامية. حيث شهدت المناقشات والتفاعلات تأكيد الأردن على التزامه بتعزيز التعاون وتبادل الأفكار لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية.حيث اكد الوزير العزايزة  دور الأردن في تعزيز القدرة التفاوضية داخل الأمم المتحدة والالتزام بتحقيق مجتمع عالمي أكثر إنصافًا. وعلى أهمية معالجة التحديات الجيوسياسية وأمان الطاقة والأمان الغذائي بالإضافة إلى التزام الأردن بمشروعات المياه والزراعة في إطار التنمية المتوازنة.

 

من جهتها، أشار رئيس الوفد الصيني إلى أهمية حركة عدم الانحياز في دعم قضايا السلام والتنمية، ودعا إلى استكشاف مسارات تحديث تعزز التعاون الجنوب-الجنوب والمشاركة الفعالة في إصلاح نظام الحوكمة العالمي.

 

وفي سياق متصل، نوه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مع التأكيد على ضرورة احترام حل الدولتين للقضية الفلسطينية.

 

وخلاصة القول، فقد تجسدت قمة الجنوب كمنصة للتواصل والتعاون بين الدول النامية،وان هنالك اجماع أردني صيني اممي تناول اهم القضايا التي كانت الشغل الشاغل لدول المجموعة والتي ركزت بالدرجة الأولى على مواصلة التعاون بين الدول النامية، حيث دعا المشاركون إلى تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة والتصدي للتحديات العالمية بروح التعاون والتضامن.وإقامة السلام في العالم الذي يشكل أساس التنمية المستدامة.وعلى رأسها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة وقف إطلاق النار فوراً في قطاع غزة.

 

 

مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

muwaffaq@ajlouni.me

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.