وزير المالية يرد على مناقشات النواب بشأن الموازنة العامة

قال وزير المالية محمد العسعس إن الحكومة لم تنجر خلف اوهام ملاحقة السراب على حساب الاستقرار، مضيفا أن الحكومة قامت باصلاحات هيكلية عميقة وضعت فيها أسسا للاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي.

جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس النواب، اليوم الأربعاء، برئاسة أحمد الصفدي، وحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وأعضاء في الفريق الحكومة، تم فيها الاستماع لرد الوزير العسعس على كلمات أعضاء المجلس النيابي.

وأوضح العسعس أن الحكومة لم تركن لحلول رفع المعدلات الضريبية السهلة التي كانت ستعصف بالطبقة الوسطى، مؤكدا أن الحكومة جعلت من الأردن مثالا في الحفاظ على القدرة الشرائية لمواطنيه عبر تحقيق معدلات تضخمية، هي من الأفضل على مستوى العالم.

وفيما يلي نص كلمة وزير المالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة الرئيس ،،

حضرات النواب المحترمين،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أرجو بداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأصحاب السعادة رئيس وأعضاء اللجنة المالية لمجلس النواب على الجهد الكبير والعمل المتواصل الذي بذلته اللجنة في دراسة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024 حيث اتسم تقرير اللجنة الموقرة بالموضوعية والتشخيص الوافي للأوضاع المالية.

كما أتقدم بالشكر والامتنان للسادة النواب المحترمين على مداخلاتهم الغنية بالأفكار والمقترحات الهادفة لرفعة الوطن وتوفير أسباب الحياة الكريمة لأبناء أردننا الغالي. وإذ تؤكد الحكومة على أهمية ورجاحة التوصيات والمقترحات الواردة في تقرير اللجنة المالية الموقرة وكلمات السادة النواب، لتؤكد لمجلسكم الكريم بأنها ستكون موضع العناية والإهتمام خلال المرحلة القادمة لتنفيذ ما أمكن منها .

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين ،،،

إن الأردن قصة صمود واعتدال بفضل حكمة قيادته الهاشمية والتفاف الشعب حولها في وجه عواصف اقليمية وعالمية منذ نشأته، كان وسيستمر أبد الدهر مثالا صادقا في دعم قضايا أمته العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهو ما ظهر جليا خلال العدوان الغاشم على الأهل الأبرياء في غزة والاعتداءات المستمرة في الضفة الغربية. لم ولن يزاود او يساوم وسيبقى باستقراره السياسي والامني والمالي السند الدائم للاهل في فلسطين.

إن استقرار المالية العامة الأردنية جزء أصيل من عوامل استقرار الاردن، حافظت على مقدراته، حمت طبقته الوسطى من تداعيات عصفت وتعصف بدول اخرى، وحمت مواطنيه وقطاعه الخاص من رفع معدلات الضريبة، صمد استقرارنا المالي والنقدي في وجه أعتى العواصف الاقليمية والعالمية الاقتصادية منها والسياسية، وسيصمد، بإذن الله.

لم تنجر الحكومة خلف اوهام ملاحقة النتائج السريعة على حساب الاستقرار، وهو ما لم ولن يحقق إلا المعاناة للطبقة الوسطى، بل قامت الحكومة باصلاحات هيكلية عميقة وضعت فيها أسسا للاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي، ولم تركن الحكومة لحلول رفع المعدلات الضريبية السهلة التي كانت ستعصف بطبقتنا الوسطى، بل لاحقت من تهرب من الوفاء بواجبه الوطني الضريبي، وجعلت من الأردن مثالا في الحفاظ على القدرة الشرائية لمواطنيه عبر تحقيق معدلات تضخمية، هي من الأفضل على مستوى العالم.

نعم، طموحنا لمواطنينا يتجاوز واقعنا بكثير، ولكن حق لنا أن نفخر بما أنجزنا، وبما حافظنا عليه، وبما رفضنا الإنجرار إليه، رسمنا خططنا بأيدينا لا بأيد خارجية، وأبينا إلا أن نطبقها رغم العواصف والتحديات، نعم، نفخر بما حققنا من استقرار، نعم نفخر باننا أصبحنا نموذجا في الحفاظ على الإستقرار المالي والنقدي وبالتالي حماية طبقتنا الوسطى، وحق لنا أن لا ندخل انفسنا في متاهة السوداوية ورفض رؤية ما تم إنجازه ونحن في خضم مئويتنا الثانية.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين ،،،

لقد تناول تقرير اللجنة المالية لمجلسكم الكريم ومداخلات العديد من السادة النواب التحديات التي يواجهها الإقتصاد الوطني وقدمت تحليلا مستفيضا حول أثر هذه الصعوبات والتحديات على القطاعات الاقتصادية المختلفة وعلى المالية العامة.

وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن الأزمات والتحديات التي واكبت مسيرتنا والتي تفاقمت حدتها خلال السنوات الماضية جراء تداعيات الجائحة وما تبعها من نزاعات عالمية وإقليمية وسياسات اقتصادية عالمية انكماشية لم تكن أي دولة في منأى عنها.

وإلى جانب ذلك فقد واكب إعداد مشروع موازنة عام 2024 ظروفا غير مسبوقة وتحديات خطيرة لأمتنا العربية والإسلامية ولأردننا الغالي جراء الحرب الغاشمة على غزة، وعلى الرغم من ذلك، فإن منعة اقتصادنا الوطني التي اكتسبها جراء الإصلاحات الهيكلية والسياسات المالية والنقدية الحصيفة التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة والإجراءات التي قامت بها الحكومة لاحتواء تعطل الملاحة في البحر الأحمر ستؤدي -إن شاء الله- إلى الحد من الآثار التضخمية لهذه التطورات وانعكاساتها على المواطنين، حيث قامت الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات وأبرزها تعزيز المخزون الإستراتيجي من السلع الاستراتيجية لفترات زمنية كافية.

كما قامت الحكومة بدعم أسعار بيع السلع في الأسواق التابعة للمؤسسات الاستهلاكية، وتخصيص المبالغ اللازمة من مخصص النفقات الطارئة لتثبيت أسعارها لنهاية رمضان المقبل.

كما قامت الحكومة بوضع سقوف لأسعار الحاويات لغايات تخمين واحتساب الرسوم الجمركية والإبقاء عليها على ما كانت عليه قبل بدء الحرب على غزة في شهر تشرين الأول الماضي وذلك حتى نهاية شهر رمضان المبارك.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين ،،،

إن توجهات السياسة المالية التي استعرضتها أمام حضراتكم في خطاب مشروع موازنة عام 2024 هي توجهات ثابتة وراسخة تعمل الحكومة على تنفيذها بطريقة علمية ومنهجية مبنية على ستة مستهدفات وثوابت مالية انتهجتها الحكومة، تتضمن عدم رفع الضرائب، أو فرض ضرائب جديدة، ومحاربة التهرب والتجنب الضريبي، ورفع الإنفاق الرأسمالي إلى مستويات غير مسبوقة، وتعزيز الإنفاق على الحماية الاجتماعية والمحافظة على المقومات الأساسية للمواطنين، ورفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية، وتراجع العجز الأولي والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولقد راعى مشروع موازنة عام 2024 هذه الثوابت بالإضافة إلى المستجدات والظروف الاقتصادية في هذه المرحلة الحساسة بما فيها الإجراءات المستجيبة لخطة الطوارئ الحكومية في ضوء تداعيات الحرب على غزة، إضافة إلى أولويات وتوجهات رؤية التحديث الاقتصادي.

سعادة الرئيس ،،

حضرات النواب المحترمين،،

وعلى الرغم من النزاعات الدولية والسياسات الاقتصادية الانكماشية للدول الكبرى، إلا أن اقتصادنا الوطني استطاع أن يستوعب جانبا كبيرا من هذه الصدمات والضغوط، وكان أداء الاقتصاد الوطني أفضل بكثير مقارنة بأداء العديد من اقتصادات دول العالم المشابهة.

وتمايز معدل التضخم المحلي على المستويات المسجلة في المنطقة ودول العالم ليبلغ نحو 2.08 بالمائة لعام 2023، وحافظت أسعار المواد الغذائية في الأردن على استقرارها النسبي حيث لم تتجاوز نسبة ارتفاعها 2.2 بالمائة حتى نهاية عام 2023.

وأدت الإصلاحات الضريبية التي تنفذها الحكومة ضمن برنامجها للإصلاح إلى توسع الإيرادات المحلية بنحو 584 مليون دينار عن مستواها لعام 2022، وقد ساهمت سياسة الضبط المالي في تعزيز ضبط النفقات العامة، كما تمكنت الحكومة بفضل حنكة إدارة المالية العامة من استيعاب الارتفاع في نفقات بند الفوائد جراء الضغوط الكبيرة التي أحدثتها الزيادات العالمية المتتالية في أسعار الفائدة دون التأثير سلبا على الاستقرار المالي.

إن تثبيت التصنيف الائتماني لاقتصادنا الوطني مع نظرة مستقبلية إيجابية أو مستقرة، ليكون الأردن هو الدولة الوحيدة في المنطقة المستوردة للنفط التي حافظت على تصنيفها الائتماني، وإتمام الحكومة لمتطلبات المراجعة السابعة لبرنامجها الوطني للإصلاح المالي والنقدي دون تأخير والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج جديد للإصلاح المالي والنقدي يمتد لعام 2028 أعد بأيد أردنية، قد جاء تتويجا لجهود الحكومة في وضع وإدارة البرنامج الوطني للإصلاح المالي والنقدي الذي مكن اقتصادنا من التصدي لانعكاسات الأزمات الصعبة ومعالجة الندوب التي أحدثتها هذه الأزمات والحيلولة دون استفحالها، وهذا واقع.

ولا بد من التأكيد في هذا المجال على أن التحديات التي واجهت اقتصادنا والتطورات المتسارعة التي شهدتها المنطقة جراء الحرب على غزة وتبعاتها على الساحة الإقليمية برهنت على أهمية الإصلاحات المالية والنقدية وفعاليتها، وأن تداعيات الأزمات والتحديات كانت ستعقد المشهد الاقتصادي وتحدث تراجعا كبيرا في المؤشرات الحيوية للاقتصاد الوطني لو لم تكن هذه الحكومة تملك الرؤية الاستشرافية لمآلات التأخر أو التراخي في تنفيذ السياسات والإصلاحات الهيكلية، وإدراكها لأهمية هذه الإصلاحات في تحصين اقتصادنا الوطني من مخاطر الأزمات وتعزيز الإستقرار الاقتصادي، وبما يسمح لنا الاستمرار في تحقيق أهدافنا والتي يأتي في طليعتها رفع معدل النمو الاقتصادي بهدف خلق الوظائف. وهذا في الواقع ما انتهجته هذه الحكومة وسعت لتحقيقه إدراكا منها أن حماية الاقتصاد وتحصينه وتحقيق أهدافه لا يتم عبر تغييرات ظاهرية أو وهمية أو طارئة.

وقد عاينا ما حل باقتصادات بعض الدول من تدهور مؤشرات الاقتصاد جراء فقدان الإرادة والتصور الصحيح للإصلاحات مما أفقدها استقرارها المالي والنقدي وفي أحلك الأوقات، وهذا واقع.

سعادة الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

في الوقت الذي استعرض فيه تقرير اللجنة عددا من الإيجابيات التي اتسم بها مشروع موازنة عام 2024، فقد استمعنا بكل عناية واهتمام خلال جلسات الاستماع لمناقشة الموازنة لمداخلات بعض السادة النواب التي تضمنت نقدا لسياسة الحكومة المالية وتوجهاتها الحالية وما بنيت عليه من إجراءات وما استندت إليه من فرضيات.

في هذا السياق، وإذ تشارك الحكومة مجلسكم الاهتمام بأهمية خفض الدين العام وأعبائه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، فإنها تؤكد على أن الإصلاحات المالية قد نجحت بوضع الدين العام على منحنى انخفاض تدريجي دون الإضرار بالنمو الاقتصادي، وهذا واقع.

ورغم ذلك، فإن البيانات المالية تؤكد أن عجز الموازنة والدين العام في الأردن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ضمن الحدود الآمنة، وهذا واقع، فقد بلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح لعام 2023 نحو 5.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغ العجز الأولي، الذي يعكس قدرة الحكومة الحقيقية على السيطرة على العجز ويمثل الفرق بين الإيرادات المحلية والنفقات باستثناء الفوائد 2.6 بالمائة من الناتج لعام 2023 منخفضا من 5.6 بالمائة في عام 2020 .

وأما إجمالي الدين العام فهو يشهد تراجعا تدريجيا، حيث يتوقع أن يبلغ 88.3 في عام 2024 مقابل 88.8 في عام 2022 ، مؤكدا في هذا السياق على أن البيانات والمؤشرات المالية الصادرة عن وزارة المالية متوافقة ومنسجمة مع المعايير والأسس المحاسبية المعتمدة دوليا وهذا ما أكدت عليه المؤسسات المالية العالمية ومؤسسات التصنيف الإئتماني، ونؤكد على شفافية أرقامنا التي أشادت بها المؤسسات المختصة، وهذا واقع.

ولا بد من التأكيد على أن عجز الموازنة المستهدف ينسجم مع طبيعة الدورة الاقتصادية التي يعيشها الاقتصاد العالمي ويتأثر بها اقتصادنا الوطني، حيث تتطلب حالة الركود الاقتصادي سياسات مالية معاكسة للدورة الاقتصادية لتحفيز النشاط الاقتصادي من خلال النفقات الحكومية التي تستهدف تحسين الطلب الكلي، والإجراءات الحكومية الهادفة لتحفيز جانب العرض، دون التفريط بالأهداف المالية والإقتصادية العريضة للحكومة.

وإن الحقيقة المستمدة من البيانات التاريخية للموازنة تبين أن النفقات الجارية شكلت بالمتوسط نحو 85 بالمائة من الإنفاق العام، يذهب الجزء الأكبر منها كرواتب لأبنائنا من العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري والأمن والسلامة، في حين لا تتجاوز النفقات التشغيلية للجهاز المدني ما نسبته 5 بالمائة مستثنيا منها نفقات الأدوية والمستلزمات الطبية، وهذا واقع. ولا بد من الإشارة إلى أن حصة فوائد الدين العام من النفقات الجارية ارتفعت نتيجة رفع الفدرالي الأمريكي للفوائد. إلا أننا ونتيجة لحصافة الإدارة المالية استطعنا التعامل مع هذا التحدي بأقل الإنعكاسات سلبية مقارنة بباقي الدول المستوردة للنفط في المنطقة.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين ،،،

لقد اشتمل تقرير اللجنة المالية الموقرة وكلمات السادة النواب والكتل النيابية على تحليل لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني كالصحة والتعليم والزراعة والسياحة بالإضافة إلى تطرقه إلى المشاريع الرأسمالية وأهمية تنفيذها من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وأود أن أبين لمجلسكم الكريم بأن الحكومة ستدرس التوصيات الواردة في هذا التقرير وتوصيات الكتل النيابية لتطوير هذه القطاعات، كما تشاطر الحكومة مجلسكم الكريم الرأي حول أهمية النمو الاقتصادي المستدام باعتباره الركيزة الأساسية لمعالجة الاختلالات والتحديات التي تواجه اقتصادنا وفي مقدمتها الفقر والبطالة، وهو المتغير الرئيس في تقليص عجز الموازنة وبالتالي تقليص الدين العام .

وتؤكد الحكومة على حقيقة أن لا نمو اقتصادي مستدام بدون استقرار مالي ونقدي، وهذا واقع. وإدراكا من الحكومة لأهمية شمول النمو لجميع القطاعات الإقتصادية وأبرزها القطاعات ذات المساس المباشر بحياة المواطنين مثل قطاعات التعليم والصحة والمياه والسياحة، فقد قامت الحكومة بزيادة مخصصات التعليم والصحة بنحو 219 مليون دينار. كما قامت الحكومة بتوفير المخصصات المالية لتعزيز جاهزية قطاع السياحة لانطلاقة جديدة بعد التعافي من الظروف الإقليمية التي ألقت بظلالها على هذا القطاع .

سعادة الرئيس ،،

حضرات النواب المحترمين،،

جاء في مداخلات بعض السادة النواب أن موازنة عام 2024 عبارة عن استنساخ لموازنات سابقة ولاحقة، فأود أن أؤكد على أنها شهادة حق إذا كان المقصود منها أن هذه الموازنة الرابعة للحكومة تحمل في ثناياها نفس النهج الإصلاحي المالي والنقدي الذي تبنته هذه الحكومة وبكل فخر واعتزاز منذ تشكيلها، والمرتكز إلى الثوابت الستة التي أشرت إليها آنفا والتي يأتي في مقدمتها رفض استمرار تحميل المواطن تبعات السياسات الإصلاحية بدلا من عدم تحصيل حقوق الخزينة من المتهربين، وانقضاء عهد الأسلوب التقليدي في تحصيل الإيرادات بشكل رجعي، لتساهم بذلك الإصلاحات الهيكلية وبفعالية في حماية الاقتصاد الوطني من تداعيات عميقة أطاحت باقتصادات دول أخرى، والنأي بالمواطنين عن تبعات الإجراءات والسياسات الانفعالية المؤقتة التي نرى عواقبها ماثلة في العديد من الدول المحيطة، وهذا واقع.

وتؤكد الحكومة على أنها ماضية في تبني السياسات وتطبيق الإجراءات الهادفة إلى تنفيذ هذه الإصلاحات _ إن شاء الله _ لتكون نبراسا لموازنات الأعوام القادمة مستندة إلى المستهدفات والثوابت المالية .

إن الإستقرار المالي نعمة كبيرة كالصحة، لا يدرك أهميتها الحقيقية إلا من فقدها. ونحن -ولله الحمد- لم ولن نفقدها إن شاء الله، ولن ننقاد إلى النظريات غير العلمية وغير الواقعية في إدارة دفة مقدرات الطبقة الوسطى.

إن الاستقرار المالي هو أهم عامل في الحفاظ على الطبقة الوسطى ومقدراتها، فنعم، هذه الموازنة لا تعكس أهواء حالمة، بل هي سلاح يحمي مقدرات وطننا الغالي وطبقته الوسطى، ركيزة استقراره.

هذه الموازنة جاءت داعمة لموقف الأردن السياسي المشرف والمدافع عن الحق في غزة وأطفالها وعن الأقصى ومقدساته، ولن نسمح لوهن مالي سيأتي من وراء تطبيق أفكار لم تنضج أو تجارب غير علمية أن تكون خاصرة رخوة لا سمح الله.

وهنا أتساءل: كيف يستقيم أن تكون موازنة عام 2024 مستنسخة لا جديد فيها سوى تغيير أرقام السنوات وقد تضمنت أعلى مستوى تاريخي لمخصصات الإنفاق الرأسمالي وأعلى مخصصات مالية لأجهزتنا الأمنية والقوات المسلحة ، فضلا عن تضمينها لمخصصات مالية رصدت لمشاريع جديدة تطرح لأول مرة، ومخصصات لتغطية النفقات الطارئة لاستيعاب ما يمكن من المستجدات من خلال الموازنة، ومخصصات تم مضاعفتها لصندوق الطالب المحتاج، كما تم زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية / الدعم النقدي الموحد لاستيعاب أسر جديدة وتمكينها من مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، وارتفاع مخصصات الحماية الاجتماعية بصفة عامة بنحو 128 مليون دينار مقارنة بعام 2023، وتعزيز الإيرادات المحلية بنحو 873 مليون دينار مقارنة بعام 2023 دون اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة، أو زيادة نسب الضرائب الحالية، فضلا عن تراجع العجز الأولي إلى نحو 2.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 مقارنة ب 5.6 بالمائة أو ما نسبته 62 بالمائة عن عام 2020 ووضع التقديرات لتحقيق أول فائض في عام 2028 إن شاء الله ، وارتفاع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل إلى 90 بالمائة في عام 2024 مقابل 88.9 بالمائة في عام 2023.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين ،،،

وقبل الختام، فأوجه الشكر والتقدير لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية مؤكدا حرص الحكومة على توفير كافة احتياجاتها للحفاظ على جاهزيتها القصوى لحفظ أمن الوطن والمواطن في ظل الوضع الإقليمي المضطرب الذي أججته الحرب الغاشمة على غزة.

وإذ تقدر الحكومة جميع التوصيات والآراء التي تفضلت بها لجنتكم المالية الموقرة والسادة النواب، فستبذل الحكومة قصارى جهدها لدراستها ووضعها موضع التنفيذ ما أمكن ذلك خلال المرحلة القادمة.

وتؤكد الحكومة على أن مساندة مجلسكم الكريم لجهود الحكومة ستمكن وطننا الغالي _ إن شاء الله _ من مواصلة مسيرة الإصلاح، والبناء على ما تم تحقيقه من إنجازات نفتخر بها في ترسيخ الاستقرار المالي والنقدي وإرساء دعائم الإعتماد على الذات، وتوفير الأمن الاقتصادي لمواطنينا، وحماية المستوى المعيشي لهم من التراجع في خضم الاضطرابات السياسية والاقتصادية الهائلة التي لم نشهد لها مثيلا في وتيرتها وتتابعها.

وستقوم الحكومة بإعداد تقرير شامل ومفصل حول ما تم اتخاذه من إجراءات وتدابير تجاه التوصيات والمقترحات الواردة في تقرير اللجنة المالية وتزويد مجلسكم الموقر واللجنة الموقرة بنسخة من هذا التقرير.

كما ستعمل الحكومة على تزويد اللجنة المالية لمجلس النواب بتقرير دوري حول المسار التنفيذي لبرنامج رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام .

أكرر شكري لرئيس وأعضاء اللجنة المالية ولمجلسكم الموقر سائلا المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا في خدمة وطننا الغالي في ظل قيادة سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

–(بترا)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة