المزار الشمالي.. انتشار مقلق للحفر الامتصاصية ومخاوف من تلوث مصادر المياه

إربد – جدد سكان لواء المزار الشمالي في إربد مطالبتهم بضرورة شمول اللواء بمشروع الصرف الصحي، لوقف الانتشار المقلق للحفر الامتصاصية، التي وصل عددها إلى أكثر من 16 ألف حفرة امتصاصية. ويعتبر السكان أن هذا الوضع ينذر بكارثة بيئية بسبب استمرار فيضان مياه الحفر العادمة، ووصولها إلى الأراضي الزراعية لعدم قدرة غالبيتهم على نضحها بشكل دوري.

وقالوا لـ “الغد” إنهم مضطرون لترك الحفرة الامتصاصية دون نضحها لأسباب تتعلق بالتكلفة الباهظة لعملية نضحها، اضافة إلى سرعة امتلائها بالمياه العادمة بسبب الطبيعة الجغرافية الصخرية في اللواء، مشيرين إلى أن سكان يلجأون أحيانا إلى التخلص من المياه العادمة ليلا عن طريق نضحها بواسطة مضخات.

وأشاروا إلى أن مدينة المزار أصبحت مكتظة بالسكان، وأصبح الأمر مقلقا في ظل عدم وجود أي مساحات فارغة من أجل إقامة أي حفرة امتصاصية جديدة، لافتين إلى أن العديد من المواطنين قاموا بشبك خطوط الصرف الصحي لعدة منازل على حفر امتصاصية، ما زاد من حجم المشكلة بسرعة فيضان الحفرة الامتصاصية.
وقال المدير التنفيذي لبلدية المزار الشمالي المهندس اياد الجراح إن مشكلة الحفر الامتصاصية في اللواء تتفاقم يوما بعد يوم، وتنذر بكارثة بيئية وصحية في ظل فيضان المياه العادمة في الشوارع وتسربها للمياه الجوفية، ناهيك عن المخالفات التي تحررها البلدية مضطرة بحق أصحاب تلك الحفر، ما أرهقهم ماليا وسط غياب الحلول.
وقدر حجم المياه العادمة في الحفر الامتصاصية بحوالي 3 ملايين متر مكعب، تذهب جلها إلى الاراضي الزراعية والشوارع وكميات قليلة يتم نضحها بواسطة صهاريج النضح وتفريغها في مكب الاكيدر.
وأشار إلى أن المواطنين في اللواء يضطرون الى ترك الحفرة الامتصاصية دون نضح بسبب التكاليف المرتفعة، وعدم قدرتهم على نضحها بشكل مستمر بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان اللواء، اضافة إلى أن طبيعة المنطقة الصخرية في اللواء تسهم بامتلاء الحفر بشكل سريع بعد عملية تفريغها.
وأكد الجراح أنه وبسبب فيضان الحفر الامتصاصية في الشوارع تكبدت البلدية مبالغ مالية كبيرة لاستمرارها بحملات الرش والتعقيم لمنع انتشار القوارض والحشرات، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية سرعة انجاز الدراسة الخاصة بمشروع الصرف الصحي في اللواء والبحث عن منحة من أجل إقامة المشروع على أرض الواقع.
وأوضح أنه ونظرا للاكتظاظ السكاني وخاصة في مدينة المزار الشمالي فإنه أصبح من الصعوبة إيجاد مواقع لإنشاء حفر امتصاصية جديدة ويضطر السكان الى الاشتراك في حفرة واحدة من أجل التغلب على المشكلة، مؤكدا أن البلدية وفرت وبأسعار رمزية صهريج نضح واحد للحالات الإنسانية لسحب المياه العادمة.
وقال الدكتور مالك البدور احد سكان اللواء والمتابع لقضية الصرف الصحي، إن اللواء يقطنه قرابة (19000)-حسب دائرة الاحصاءات العامة موزعين على عشر قرى تتبع إدارياً للواء المزار الشمالي.
واضاف أن السكان يعانون منذ عشرات السنين من غياب شبكة الصرف الصحي رغم المطالبات المتكررة والوعود الحكومية التي لم يرَ أي منها النور، مشيرا الى وعود حكومية منذ عام 2011، بأن هناك دراسة أولية لتنفيذ مشروع الصرف الصحي في اللواء وبعض المناطق المحيطة به بكلفة 17 مليون دينار.
وقال البدور إن الحكومة وفي عام 2014، أوعزت بتوفير التمويل اللازم بقيمة مليون دينار لإجراء دراسة لمشروع الصرف الصحي في اللواء، وفي عام 2017، وبعد مطالبة نائب اللواء حينها بمشروع الصرف الصحي أوعزت الحكومة مرة أخرى بتوفير التمويل اللازم بقيمة مليون دينار لإجراء دراسة مشروع الصرف الصحي.
وأكد أنه وعلى الرغم من كل الوعود الحكومية- التي لم ترَ النور- بإجراء دراسة المشروع فقد استمرت مطالبة المواطنين بهذا المشروع حيث قام مجلس بلدي سابق برفع مذكرة موقعة من أعضاء المجلس البلدي ومعها عرائض موقعة من مواطني اللواء إلى وزارة المياه والري للمطالبة بالسير بإجراءات تنفيذ المشروع إلا أن كل العرائض والمطالب ذهبت أدراج الرياح.
وأشار البدور إلى أن مواطني اللواء يدفعون ضريبة (مساهمة) الصرف الصحي مع ضريبة المسقفات منذ ما يزيد على عشرين سنة.
كما لفت إلى أن الحاجة باتت ملحة وضرورية لتنفيذ مشروع الصرف الصحي في اللواء، بعد أن أصبحت المياه العادمة المنسابة من الحفر الامتصاصية كابوسا يؤرق المواطنين بسبب تسربها إلى مبانِ سكانية تقع تحت منسوبها أو فيضان مياه هذه الحفر على الشوارع بين الأحياء السكنية، ما ينتج عنه خطر تشكل مكاره صحية وبيئية، كما ظهرت المخاوف من تسرب المياه العادمة إلى آبار جمع مياه الأمطار التي يستخدمها المواطنون لغاية الشرب والاستعمالات المنزلية الأخرى، علاوة عن ما أصبح يسببه تسرب المياه العادمة من نزاعات وشجارات بين الجيران.
وقال البدور إن عدم وجود شبكة الصرف الصحي أصبح يرتب عبئاً مالياً إضافياً على المواطنين بسبب ارتفاع أجور صهاريج النضح والتي لا يستطيع المواطنون دفع تكاليفها، ما يضطرهم لتأجيل عملية النضح ويؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة ويتسبب بانتشار الحشرات في فصل الصيف.
وأوضح أن الأثر البيئي يتأزم يوماً بعد يوم جراء عدم تنفيذ مشروع الصرف الصحي خاصة إذا وصل تسرب المياه العادمة إلى المياه الجوفية في بئر جحفية – لا قدّر الله – التابع لسلطة المياه فيحدث تلوث نتيجة لاختلاط مياه الأمطار بالمياه العادمة خاصة وأن البئر تقع في وادٍ بين بلدتي جحفية ودير يوسف.
وأكد أهمية إعطاء تنفيذ مشروع شبكة الصرف الصحي في لواء المزار الشمالي صفة الاستعجال لعدة أسباب أهمها أن طبيعة لواء المزار جبلية والمنازل فيه تعلو بعضها البعض علاوة على صغر مساحة ملكيات الأراضي الذي يحول دون تباعد المنازل والحفر عن الجيران، الأمر يهدد بتسرب المياه إلى المباني، علاوة على ذلك فإن اعتماد كثير من سكان اللواء على آبار جمع مياه الأمطار في الشرب والاستعمالات الأخرى والمياه العادمة يشكل تهديدا بيئيا وصحيا في حال تلوث مياه الآبار.
وأشار فراس الشرمان من سكان اللواء إلى أن وجود الحفر الامتصاصية ينذر بكارثة بيئية، موضحا أن معظم الحفر الامتصاصية قريبة من الخطوط الناقلة للمياه، لافتا إلى أن عدم استحداث شبكة للصرف الصحي يكبد المواطنين أعباء مالية بسبب استخدامهم صهاريج النضح العادمة والتي تطلب مبالغ كبيرة تصل إلى 60 دينارا شهريا للتخلص من المياه العادمة.
وأشار المواطن معاذ العمري أن الانتشار الكبير للحفر الامتصاصية في المزار الشمالي يهدد السلامة العامة وينذر بكوارث بيئية بسبب جريان المياه العادمة في معظم الأوقات في الشوارع وبين الأحياء السكنية، الأمر الذي يتسبب بانتشار الروائح الكريهة وانتشار البعوض والحشرات.
ولفت إلى أن الصهاريج التي تقوم بسحب الحفر الامتصاصية تقوم بتفريغ حمولتها في الأراضي الزراعية والأودية بسبب المسافة البعيدة التي تفصل لواء المزار عن مكب الإكيدر، ما ينذر بتلوث المياه الجوفية.
وأشار الناشط البيئي عمر الجراح إلى أن هناك العديد من المنازل قد تكون عرضة للانهيار بسبب وجود أساساتها قرب الحفر الامتصاصية، ومع امتلاء تلك الحفر وفيضان مياهها، فإن الأساسات تتآكل شيئا فشيئا.
وقال إن مشروع الصرف الصحي حال تنفيذه من شأنه أن ينعكس إيجابا على الوضع البيئي في المنطقة من خلال الاستعاضة عن الحفر الامتصاصية ذات الآثار البيئة السلبية على صحة وسلامة المواطنين.
من جهته، قال مصدر في وزارة المياه والري إن مشاريع الصرف الصحي تعتمد على تمويل من المنح الخارجية بسبب التكاليف الباهظة للمشروع، مؤكدا أن لواء المزار الشمالي يعتبر من ضمن الأولويات لعمل المشروع وأن كلفة إنشاء المشروع في اللواء ستتجاوز 60 مليون دينار.

أحمد التميمي/  الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة