وسط نقص بمياه الري.. انتشار مقلق للبرك الزراعية المكشوفة بالأغوار الجنوبية
الكرك– فيما ارتفع عدد البرك الزراعية في مناطق الأغوار الجنوبية التابعة لمحافظة الكرك خلال السنوات الأخيرة، بسبب تراجع كميات تزويد مياه الري، تزداد المخاوف من استمرار تسجيل حالات غرق بهذه البرك نتيجة عدم توفر عناصر السلامة العامة في أغلبها، في المقابل يؤكد مزارعون أن البرك أمر ضروري لا يمكن استبداله لتوفير كميات مياه ري بشكل دائم للمزروعات.
وتشير تقديرات رسمية بمحافظة الكرك إلى وجود زهاء 2000 بركة زراعية، أغلبها بالأغوار الجنوبية، فيما عدد كبير منها غير مسيج وتشكل مخالفة وفقا لتعليمات سلطة وادي الأردن، ووزارة الزراعة، التي تشترط تسييج البرك لحصول المزارعين على رخصة تسييل المياه إلى مزارعهم سنويا.
وارتفع عدد البرك الزراعية من 1500 بركة في العام 2015 إلى 1700 في العام 2018، لتصل الآن إلى حوالي 2000 بركة في مناطق الأغوار الجنوبية، اضافة الى وجود برك بأعداد مختلفة في المناطق الأخرى بالكرك.
وتقع أغلب البرك الزراعية في مناطق زراعية وسكنية متداخلة وقريبة من منازل المواطنين، وأغلبها مكشوفة وغير مسيجة، وتنتشر في مناطق مختلفة، وخصوصا على الطرق الرئيسة التي يستخدمها السكان يوميا أثناء تنقلهم للعمل بالبساتين الزراعية.
وشهد العام الماضي تسجيل 12 وفاة إثر حوادث غرق بالبرك الزراعية، بارتفاع بلغ نحو 9 حالات عن العام الذي سبقه.
ورغم أن الانتشار المتزايد لهذه البرك يثير القلق والخوف من ارتفاع حالات الغرق خاصة للأطفال، يبقى الأمر الأهم هو غياب عناصر السلامة العامة في هذه البرك وليس عددها فقط.
وكانت إحصائية أصدرها مركز الطب الشرعي لإقليم الجنوب، أشارت إلى ارتفاع الوفيات الناتجة عن حوادث الغرق بالبرك والآبار المكشوفة العام الماضي ووصلت الى 12 حالة، مقارنة مع ثلاث حالات فقط للعام 2022، ونتجت عن سقوط الضحايا وغالبيتهم من الأطفال بالبرك والآبار الزراعية، وخصوصا بمناطق الأغوار الجنوبية.
وتستمر مطالبة السكان بالمحافظة وخصوصا بمناطق الأغوار الجنوبية، بضرورة إلزام أصحاب البرك الزراعية بتسييجها، وتوفير عناصر السلامة العامه بها لوقف مسلسل حوادث الغرق التي يذهب ضحيتها أطفال وأحيانا عمال بالزراعة.
ويمكن رؤية برك زراعية مكشوفة على أطراف بساتين موجودة بجانب الطريق العام، وهو الأمر الذي يزيد من خطورتها لسهولة وصول الأطفال إليها.
ويقول المواطن محمد النواصرة، إن الأغوار الجنوبية أصبحت تضم أعدادا كبيرة من البرك الزراعية، وبعضها غير مسيج ومكشوف، ويشكل خطرا على السكان وخاصة الاطفال بشكل كبير، لافتا إلى أنه تفقد المنطقة كل عام وفيات من الأطفال والعمالة الزراعية بسبب حوادث غرق بالبرك الزراعية، والتي كان من الممكن تلافيها من خلال تسييج البرك بشكل جيد ومنع الدخول إليها، مشيرا إلى أن الهدف من البرك الزراعية هو تخزين المياه لعملية الري أثناء عدم وصولها من شبكة الري التابعة لسلطة وادي الأردن.
ودعا إلى أهمية العمل على إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة، التي تشكل خطرا محدقا بأعداد كبيرة من المواطنين وخاصة الأطفال، بسبب غياب الرقابة والإجراءات الصارمة بحق كل المخالفين، موضحا أنه مع كل حالة وفاة نتيجة الغرق، يجري الحديث عن زيادة إجراءات الحماية، لمنع حوادث الغرق بالبرك الزراعية، لكنها تعود إلى سابق عهدها بعد فترة قصيرة مع بداية كل موسم زراعي والذي يتضمن نقل البرك من مكان إلى آخر.
وقال رئيس جمعية التأهيل المجتمعي بالأغوار الجنوبية فتحي الهويمل، إن مشكلة البرك الزراعية بالأغوار الجنوبية مشكلة دائمة ويجب حلها لكونها أصبحت مصائد للمواطنين والأطفال، وبين أنها لا تزال موجودة وبشكل مخالف رغم كل المناشدات الأهلية بإلزام المزارعين بتسييج البرك، حرصا على سلامة المواطنين.
وبحسب الهويمل، فإن عددا كبيرا من المزارعين لا يلتزمون بالشروط وتحديدا بمناطق الأغوار الجنوبية، حيث المساحات الزراعية الواسعة والتي تحتاج إلى البرك الزراعية بشكل كبير، مؤكدا أنه لا يوجد قرارات حازمة بهذا الخصوص ولا يجد المزارعون غير المتلزمين بوضع الأسيجة رادعا يجبرهم على توفير الحماية لبركهم.
وبين أن البرك الزراعية زادت في السنوات الأخيرة بسبب تراجع كميات المياه المسالة للمزارعين، حيث تنتشر بشكل كبير بمناطق الأغوار الجنوبية، ويملك كل مزارع أكثر من بركة لتجميع المياه أثناء عملية الزراعة الموسمية، لافتا إلى أن البرك الزراعية أصبحت ضرورية لجميع المزارعين بسبب ضعف المياه خلال السنوات الأخيرة والتي لا يحصل المزارعون على حاجتهم من المياه أثناء برنامج توزيعها.
من جانبه، أكد مدير زراعة الأغوار الجنوبية المهندس مأمون العضايلة أن تقديرات المديرية تشير إلى وجود زهاء 2000 بركة زراعية بالأغوار الجنوبية، لافتا إلى أن البرك التي تأخذ ترخيصا يجب أن تكون مسيجة بارتفاع مترين وبشكل جيد وبخلاف ذلك لا يتم ترخيصها.
وبين أن هناك لجنة مشتركة مع المتصرفية بالكشف الدوري على البرك الزراعية للتأكد من توافر عناصر الحماية والسلامة العامة عليها.
وأكد متصرف الأغوار الجنوبية وائل الشرفا أن لجنة السلامة العامة تقوم بجولات أسبوعية دورية بالمنطقة على البرك الزراعية للتأكد من وجود السياج حولها وضمن المواصفات المشروطة.
كما أكد أن أي بركة غير مسيجة يتم استدعاء صاحبها وكتابة تعهد رسمي عليه بوضع سياج وسلم ولوحة إرشادات بالكتابة والصور، حرصا على سلامة المواطنين.
وبين أنه يتم توجيه الجهات الرسمية بدوائر الخدمات وخصوصا المياه إلى قطع الخدمات عن مزارع المخالفين من المزارعين لحين تسييج البرك.
وكان مدير مكتب سلطة وادي الأردن بالأغوار الجنوبية المهندس رائد الصعوب، أكد في تصريح سابق لـ “الغد”، أن السلطة لا تعطي المزارعين بالاغوار الجنوبية تراخيص الحصول على مياه الري، إلا بعد العمل على تسييج البرك الزراعية لديهم، وفي مختلف المناطق حرصا على سلامة المواطنين، لافتا إلى أن البرك الزراعية غير ثابتة ويقوم المزارعون بنقلها من مكان لآخر حسب الحاجة.
التعليقات مغلقة.