موقع القسطل الأثري شاهد على الحضارة الإسلامية القديمة
في البادية الوسطى، يرسم موقع القسطل الأثري صورة لا تنسى عن الحضارة الإسلامية، ويحكي قصة عريقة عن تاريخ المملكة والمنطقة، حيث تعد بقاياه الأثرية شاهدة على الحضارة الإسلامية القديمة وإرث المملكة الثقافي الغني.
ويعكس قصر القسطل الأثري الذي يبعد حوالي 35 كيلو مترا إلى الجنوب من عمان بمنطقة القسطل في لواء الجيزة، براعة الهندسة المعمارية الإسلامية الأموية وجمالها الفني، حيث يمتاز بضخامة البناء ودقة الهندسة والأرضيات الفسيفسائية التي تنتشر فيه.
وبالحديث عن أهم العناصر الأثرية الموجودة في منطقة القسطل، قال مدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا): “إن أهمها: قصر القسطل، مسجد القسطل الملحق بالقصر، والمنشآت المائية وتشمل (بقايا الحمام ذو الأرضيات الفسيفسائية الملونة، والنظام المائي الذي يشمل البركتين المائيتين، ومجموعة الآبار والخزانات المائية التي يصل عددها لحوالي 70 بئرا، وبقايا السد المائي شرق الموقع)”.
وأضاف، أهم ما يميز موقع القسطل هو المسجد الصغير الملحق بالقصر ومئذنته، حيث يمتاز هذا المسجد عن غيره من المساجد الإسلامية، أنه يحتوي على أقدم مئذنة ما تزال قائمة في العالم الإسلامي، والتي تقع في الزاوية الشمالية الغربية من ساحته، وبنيت من حجارة جيرية ضخمة.
وبين، أن المئذنة بنيت بشكل أسطواني على قاعدة مربعة طول ضلعها 5 أمتار وتتكون من 3 مداميك، بارتفاع 1.35 متر، أما الجسم الأسطواني من المئذنة والذي يتم الصعود عليه من خلال درج حلزوني، فيبلغ ارتفاعه عن القاعدة 3.27 متر وقطره 5 أمتار.
وتابع بلعاوي، “بالنسبة لتأريخ موقع القسطل ومسجده فقد أجمع الباحثون على تاريخه للفترة الأموية، إلا أن بعضهم ذهب لنسبته للخليفة عبد الملك بن مروان (685-705م)، ما يكسبه زخما تاريخياً، حيث يعاصر بناؤه بناء قبة الصخرة، في حين ذهب البعض الآخر، إلى نسبته للخليفة يزيد بن عبد الملك (720-724 م)”.
وأشار إلى أنه تم تنفيذ الكثير من أعمال الدراسة والبحث الأثري لقصر القسطل ومسجده، إضافة إلى أعمال الترميم التي قامت بها دائرة الآثار العامة منها ما تم تنفيذه في العام 1962، لترميم الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد والسقف، ومشروع ترميم المئذنة في العام 2004، برئاسة الدكتور غازي بيشة.
وأوضح، أنه في العام 2016-2017، قامت الدائرة بتنفيذ مشروع ترميم وإعادة تأهيل لمسجد القسطل برئاسة أحمد لاش، وقد اشتمل ذلك المشروع على ترميم جدرانه الخارجية والداخلية وتأهيل ساحته وإعادة تأهيله من الداخل وتزويده بالإنارة، لافتاً إلى أنه وبالتعاون مع وزارة الأوقاف، تم فرشه بالسجاد وتزويده بنظام صوت وسماعات وتعيين إمام له، وهو الآن مفتوح لاستقبال المصلين خلال أوقات الصلاة الخمسة.
وفيما يخص قصر القسطل الملاصق للمسجد من الجهة الجنوبية، بين الدكتور بلعاوي، أن القصر من أكثر المباني في الأردن ضخامة من حيث، حجم الحجارة المستخدمة في بنائه والتي يصل طول بعضها إلى 3.85 متر، وهو بشكل مربع يبلغ طول ضلعه 70×70 مترا، ويتكون من ساحة رئيسة تحيط بها مجموعة من الغرف ذات الأرضيات الفسيفسائة.
وقال: “لا يمكن فصل منطقة القسطل عن محيطيها الأثري والتاريخي، فهي جزء رئيسي من درب الحج الشامي وتقع على مسافة 8 كم من محطة زيزيا شمالا، إحدى محطات الحج الرئيسية والتي تتبعها محطات القطرانة والحسا وعنيزة ومعان والمدورة، قبل الدخول إلى الأراضي السعودية.
وأكد، أن تطوير موقع القسطل جزء من مشروع تطوير وتأهيل المحطات الرئيسية على درب الحج الشامي، الذي يمر فيه سنوياً الملايين من المسافرين ما بين حاج ومعتمر ومسافر.
وبين، أنه جرى وضع خطة تنموية متكاملة لمنطقة القسطل تشتمل على إعادة ترميم ماهو متبق من القصر الأموي وربطه بالمسجد الملاصق له، وإعادة الكشف عن الأرضيات الفسيفسائة في الحمام الأموي والذي يبعد مسافة 1 كم شمال غرب القصر، الذي تعد أرضياته الفسيفسائية الملونة من أندر الأرضيات الفسيفسائية في الأردن من حيث، الألوان ومشاهد الحركة والافتراس للحيوانات.
وفي السياق ذاته، قال البعاوي: “إنه جرى إعادة تأهيل وإحياء النظام المائي والاستفادة من الكم الهائل لآبار جمع المياه المنتشرة في المنطقة، والتي تشكل فائدة للمجتمع المحلي، وربطه بمسارات سياحية أخرى كمسار القصور الصحراوية مثل، المشتى وعمرة والأزرق. -(بترا)
التعليقات مغلقة.